رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يا حلو يا أسمر


أكيد حضرتك سمعت أغانى كتير وكلام كبير عن نهر النيل، وأكيد حضرتك تعشق هذا النهر العظيم وتثق أن مصر هبة النيل وتستعد حاليا لقتال الأشقاء فى الحبشة دفاعا عن حق مصر فى النهر الخالد العملاق، ولكنك بالتأكيد أيضا عمرك ما شفت أمواجا أو رياحا أو عواصف فى هذا النهر،

طول عمره هادى وساكت ومحترم وماشى على أقل من مهله، عمره ما زعل من الناس اللى بترمى فيه كل أنواع الوساخة وجثث القتلى من البشر والحيوانات، وعمره ما عمل إضرابا أو اعتصاما، وعمره ما احتج على الاستبداد أو الاستعمار أو الظلم أو القهر أو الفساد أو حتى على المبانى التعسفية التى تقام على ضفافه رغم أنف القانون.

هذا الهدوء القاتل والسكون العميق والرضا بالمكتوب، فضلا عن البطء الشديد واللكاعة العمومية تجده الآن فى جينات الكبار والصغار من إخوانك المصريين، كلهم صاروا كالنهر العظيم يتنافسون فى البطء واللكاعة والجبلنة والتأجيل والتسويف وانتظار الحل من السماء دون استخدام العقل أو المنطق أو القانون.

الحكومة المصرية - مثلا - قررت التصدى للإخوان وخلعتهم من الحكم وألقت القبض على عشرات الآلاف منهم، ولكنها حتى الآن لم تتمكن من إعدام قاتل واحد من هذه العصابات، ولم يصدر عنها حكم رادع واحد ضد أى مجموعة أو أى شخص من هذه الجماعة، ولم تنجح فى وقف مسلسل الاغتيال اليومى الذى ترتكبه الجماعة ضد رجال الجيش والشرطة فى شتى أنحاء البلاد، ومازالت هذه الحكومة التعسة تفكر وتبحث وتتقصى حول إمكانية تحويل قاتلى جنود الجيش والشرطة إلى محاكم عسكرية ناجزة بدلا من المحاكم المدنية التى تتداول القضية الواحدة فى سنوات طويلة، وحين تقترب من إصدار الحكم يردها الدفاع فتعود القصة إلى نقطة الصفر!! هذا إلى جانب مبادرات كريمة للإفراج عن أبنائنا الطلاب الإخوان حتى يتمكنوا من المشاركة فى الفعاليات الإرهابية الجامعية خلال الفصل الدراسى الثانى!!

الحكومة المصرية الببلاوية والمحلبية تفرغت لإصدار بيانات النعى والإدانة والوعيد كل يوم عقب كل حادث إرهابى ترتكبه عصابة الإخوان ضد الجيش والشرطة والناس، إلا أنها لا تعرف بعد كيف تمنع هذه الجرائم!

انتخابات الرئاسة أصابها الشلل الرعاش وصرنا نسمع كل يوم عن اجتماعات وترتيبات وتجهيزات دون أن يصدر قرار واحد حول موعد هذه الانتخابات أو إجراءات الترشح لها أو حتى أسماء المرشحين.

الإضرابات والاعتصامات والقرف العمومى والبرنامج اليومى لفعاليات الإرهاب الإخوانى عادت كلها من جديد إلى الصفحات الأولى من كل الصحف المصرية.

اللكاعة والملل والارتباك تضرب البلاد فى مقتل، الأمر الذى دفع المناضل الكبير خالد على لإعلان انسحابه من سباق الرئاسة وتركنا يتامى ثكالى نبكى الزعيم الذى لم يأت فى موعده مع القدر!! ليه كده يا عم خالد، يا ابن النيل، يا حلو يا أسمر؟!