رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرارة الفقد ورداء الوجع

في دنيا الرياضة والسعي الدائم للحفاظ على اللياقة البدنية والنفسية وللحفاظ على القدرة على التنافس للممارس المحترف لأي نشاط رياضي تلجأ إدارات الأندية عبر أجهزتها وفرقها الطبية بإعداد برامج صحية للتعامل العلمي والطبي الصحيح للاستشفاء ، والاستشفاء مصطلح عام يستخدم بمعنى استعادة تحديد مؤشرات الحالة الفسيولوجية والنفسية للإنسان بعد تعرضها لضغوط زائدة أو تعرضها تحت تأثير أداء نشاط معين لفائض من الجهد ، ويمكن قياس أو تقدير هذه الحالات موضوعيًا من خلال قياس هذه المؤشرات النفسية والفسيولوجية 
ولهذا فإن دراسة طبيعة حدوث التعب والاستشفاء تعتبر ذات أهمية خاصة من الناحية النظرية والتطبيقية .. 
وعليه ، فقد أصبحت عملية تحسين النتائج الرياضية ترتبط بشكل أساسي بعمليات التدريب الرياضي المرتبطة والمنسقة مع عمليات الاستشفاء الملائمة لها ، وبذلك يمكن للرياضي أن يواجه تأثيرات حمل                  التدريب ..
كان ما سبق ما يفعلونه أهل الأنشطة الرياضية للتداوي ومغادرة حالات الإجهاد لمواصلة الوجود المتميز في الملاعب ، ليبقى السؤال :
كيف يمكن الاستشفاء والتداوي المعالج للبدن والنفس والعقل والروح لإنسان العصر المجهد من تكرار معايشته مواجهات الكوارث الطبيعية والأوبئة الصحية والحروب والفقر المادي والمعنوي والإرهاب الفكري والإرهاب القاتل والعنف اللاإنساني والنزاعات الطائفية والعرقية والحدودية ومواجهة شح الطبيعة المشكلة للبيئة المحيطة التي باتت تضن بثرواتها تحت الأرض وفوق الأرض وحتى في نسمات الهواء وقطرات المياه بعد أن تشاركنا جميعًا في النيل من أسباب الحياة التي كانت تمنحنا إياها بقرار سماوي عظيم بالاستخدام السيء فحولنا معطياتها العبقرية لبيئة طاردة لوجود كل الكائنات الحية ، لينشأ صراع شيطاني حول ما تبقى من عطايا إلهية واهبة للحياة ، فلما غابت بالشكل والمواصفات والكم السابق غابت جودة الحياة ، بل والحياة نفسها ليسقط الملايين من البشر وكل الأحياء من مخلوقات الله على أرض الشقاء بين قتيل ومصاب ومريض وعاجز بدنيًا ونفسيًا ؟!
وعقب كل مواجهة من تلك المواجهات مع كل ماسبق من تلك التحديات كنا بنكتب جميعًا في مصر والناس بتقول وتكتب في كل الدنيا وبشكل خاص بعد جائحة " كورونا " كمثال ، ونسأل كيف السبيل لمعالجة ضحايا الجائحة من تبعات وآثار المعاناة في البيوت ، حتى في البيوت التي لم يدخلها الفيروس الرذيل ولكنه دخل بيت الجيران أو الأقارب وتابعوا أخبار تحوراته وأسماء ضحاياه من رموز الإعلام والفنون والسياسة والرياضة والأقارب والأحباب على الشاشات وعبر كل وسائط الميديا .. معاناة نفسية تنعكس بالسلب نفسيًا على الأطفال والشباب وما يعتريهم من قلق المعاناة من حالات الفقدان المؤلمة والعزلة الاجتماعية وانعكاساتها على العلاقات الاجتماعية .. ؟.. 
ونحن على عتبات حمهورية جديدة تتسارع خطى القيادة السياسية والحكومة مع تفاعل شعبي رائع نحو تحقيق تقدم غير مسبوق ، أرى أنه لابد من إعداد خطط تعتمد على أسس من البحث العلمي والاجتماعي لتشكيل أجهزة حمائية لتصميم وتنفيذ برامج عمل يمكنها الدفع في اتجاه تأسيس حالة مناعة نفسية وثقافية وبدنية لدى إنسان زماننا لمقاومة الوجع العام في النفوس جراء تعاقب حدوث كل تلك الكوارث السابق توالي تعرضنا لها ، والتي سنتعرض لغيرها من نوائب الدهر العابرة للقارات والمحيطات التي باتت ككرة الثلج نراها تتضخم بفعل الصراعات البشرية البينية ، والناس في مواجهتهم لمتغيرات البيئة والطبيعة ..
يا الله .. يا لمرارة طعم الفقد ، وحتى عند رحيل الأعزاء من غير ضحايا تلك الكوارث .. كل شئ يتحول إلى ماض إلا اللحظة التي ينكسر فيها القلب تبقى حاضرة إلى أن نموت ..
في اليوم السابق ليوم الاحتفال بعيد الأم العام الماضي اتصل بي أولاد أختي ليبلغوني بخبر رحيل والدتهم قبل أن تدعنا نقدم لها التهنئة بساعات  .. والوجع وكل الانكسار هو عندما نشتاق للأم في يوم عيدها لا نجد الأخت الأم .. قد كانت الأخت هي الوجه الطيب البشوش المحتوي ، والسلام المتوطن في القلب والروح ، والصدر الرحب بسعة الإيمان الفطري البديع .. ماتت أمي من جديد وجف نبع الحنان بعد أن روى سبيله كل ظمآن .. يحدثوننا عن الاشتياق ، هي غابت عنا ولم تفارق الروح ..
اشبعوا من أحبابكم ، واللهم نجنا من هشاشة القلب ونفاذ الصبر وارزقنا التماسك والتماس أسباب القوة في أكثر أزمنة ضعفنا ، وأن نذهب إلى مولانا العظيم للاستشفاء من الوجع المؤلم ، وإذا كان رداء الوجع قد شمل البدن بمرارة الفقد وتوقفت الحياة في عيوننا ، فلا يجب أن تتوقف في قلوبنا لأن الموت الحقيقي ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت بين الأحياء .