رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم يحتاج لإعادة تقييم


النظام التعليمى خلق باباً مفتوحاً كان من نتائجه قيام مدارس فئوية انطوت تحت «التعليم الخاص» لكنها خاصة جداً فهى لا تضم سوى أحد عنصرى الأمة من المعلمين والدارسين.

شاهدت عن طريق الصدفة المحضة صباح الأحد 2 فبراير برنامجا معاداً على إحدى القنوات يتمركز البرنامج حول مشكلة تبدو أنها فئوية خاصة بمجموعة تزيد على الستين معلما يعملون فى إحدى الإدارات التعليمية يقومون بالتدريس لمدة تزيد على العامين الدراسيين.

أما وضعهم الوظيفى فهو غريب ومحاط بالأزمات الإدارية والمالية وأكثر من هذه الأزمات والسلبيات فإنها تمس الأبناء والبنات الذين يحرمون من تدريس المادة، أما المشكلة الأخطر فإنها تمس المواطنة وضرورة معالجة هذه الأزمة التى تفشت فى الأنظمة السابقة وكنا نلوم الحاكم وحكومته أنه لم يحاول علاج المشكلة.

إننا عايشنا الأنظمة المتتالية بعد سقوط الملكية التى لا تستطيع التحدث عنها حيث إنها تزامنت مع نظام ملكى وضغوط استعمارية، أما وجاءت الثورة وبقيادة عبدالناصر بعد فترة قصيرة للرئيس محمد نجيب تلك الفترة التى كان فيها الحكم لمجلس قيادة الثورة حيث لم ينفرد نجيب بالحكم، أما وقد قاد عبد الناصر حكم مصر وصدرت قوانين الإصلاح الزراعى وتعيين الخريجين وتوزيعهم على المصالح المختلفة ومكاتب التنسيق لدخول الجامعات وفقا لمجموع الطلاب وذلك هو الأمر الذى لا يزال قائما باستثناء ظهور نوع متواز من التعليم وهو الجامعات الأزهرية التى انتشرت بجميع المحافظات لتنفرد بتعليم فئة واحدة من فئات المجتمع دون غيرها من المواطنين، ومع تقديرنا لدور هذه الجامعات ومعها المدارس التى تضم فئة واحدة من عنصرى الأمة وبذلك انقسم المجتمع إلى قسمين ربما بحسن النية المفترضة دائما، إلا أن النظام التعليمى خلق بابا مفتوحا كان من نتائجه قيام مدارس فئوية انطوت تحت التعليم الخاص ولكنها خاصة جدا فهى لا تضم غير أحد عنصرى الأمة من المعلمين والدارسين على حد سواء حتى إنها انتهجت مناهج مغايرة تضاف إلى المناهج العامة ومهما بلغ حجم مراقبة ومتابعة الوزراء فإنها تعجز عن إشرافها الكامل على تلك المدارس.

أما الطامة الكبرى فقد لحقت بالمدارس العامة وهى الجناح الأكبر والأبقى من النظم التعليمية التى تباينت فى توجهاتها وأهدافها ومقاصدها.

أعود إلى بداية هذا المقال أى إلى الشكوى الذى يئن فيها الدارس والمدرس وهى تدريس التربية الدينية لغير المسلمين، كما أن رد السيد وكيل الوزارة لتلك المحافظة لم يكن الرد المقنع للمشاهد وأظن أن سيادته لا يقتنع شخصيا برده، فالمادة التعليمية التى يدرسها معلم مضافة إلى مادته الأصلية باعتبار ترابطها منهجيا وموضوعيا، كما أنها محسوبة على عدد الحصص التى يقوم بتدريسها.

أما الدارسون من المصريين المسيحيين فإنهم يدرسون اللغة العربية وهى مادة محتوية على اللغة والدين ومقصور تدريسها على فئة واحدة من فئتى المجتمع إذ لا يجوز لمعلم غير مسلم أن يدرس اللغة العربية مهما بلغت درجة تمكنه من اللغة بعكس التخصص فى الجامعات والدراسات العليا فهناك عدد ليس بقليل تخصصوا فى اللغة العربية وحصلوا على درجات عليا كالماجستير أو الدبلومات وربما لدرجة الدكتوراه.

أما أن تدريس مادة الدين لغير المسلمين فلا يوجد لها مسمى وظيفى، كما أفاد سيادة وكيل الوزارة بقوله إن المسمى فقط هو للغة العربية والدين الإسلامى وتدريس الدين المسيحى يترك لمدرسى المواد الأخرى مع عدم الاعتداد باحتساب تدريسها ضمن النصاب القانونى للمدرس، أى أنها تدرس بلا أجر إذا رغب المدرس بأدائها حتى كانت النتيجة أنها مواد تدرس ويقضى التلاميذ زمنها فى الملاعب، أرجو من السيد وكيل الوزارة وزملاءه أن يراجعوا أنفسهم فى ضوء الدستور الذى حاز على شبه إجماع كامل عليه أما المادة التاسعة عشرة فهى تخاطب السيد وكيل الوزارة وكل زملائه وطبعا السيد الوزير وإليك جزء من المادة: إرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية.

أما المادة 24 فتخاطب المسئولين جميعا «اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطنى بكل مراحله مواد أساسية فى التعليم قبل الجامعى».

وجاء نص التربية الدينية نصا لم يفرق بين فئة وأخرى.

أما المادة 53 والتى أختتم بها مقالى آملا أن تراجع وزارة التعليم دستور مصر مراجعة جيدة لا نظريا بل عمليا:

«المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الاعتقاد أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر».

أما الجزء الأخطر فى المادة والذى أذكر به السادة المسئولين وأختتم مقالى «التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز».

■ رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر