محمد مكاوي: التاريخ ألهمني لرسم جداريات مترو الأنفاق

كان رئيسا لقسم الديكور في كلية الفنون الجميلة، أبدع في العديد من المعارض التشكيلية، وصمم المسارح من واقع الفن التشكيلي، كان له إسهامات عدة في رسم جداريات مترو أنفاق القاهرة على طول الخط الثالث بروح مصرية أصيلة تقدم واقعا في شكل لوحات مرسومة، الأستاذ الدكتور محمد مكاوي العميد السابق لكلية الفنون الجميلة ومصمم الديكور، والتي يقدم في السطور التالية لمحة مبسطة عن حياة الفنان التي عاشها، والفن الذي قدمه للوطن.

يتذكر مكاوي اللحظات الأولى التي اكتشف فيها موهبته عندما كان صغيرا يبلغ من العمر ثلاث سنوات، كان يرسم بالقلم الفلومستر، والشمع، ثم تطورت للرسم على الحوائط والأراضي، وبعد ذلك البورتريهات، وكان حريصا على اقتناء المجلات وكتب الفنون، وعندما وصل للمرحلة الثانوية عرف حينها أن هناك كلية للفنون الجميلة، ووضعها أول رغبة له: "كنت متفوقا فيها، وتخرجت بتقدير مع مرتبة الشرف وتم تعيني وأصبحت أستاذا في كلية فنون جميلة الزمالك، وتقلدت عمادة الكلية من عام 2008 حتى عام 2012، وكنت رئيسا لقسم الديكور حتى الـ 60 من عمره، وحاليا أنا أستاذ متفرغ في الكلية".

قام بالعديد من الأعمال على مدار حياته المهنية أشهرها مترو الأنفاق، فكان المسئول عن جداريات مترو الأنفاق الخط الثالث من أول العتبة حتى المطار وجامعة الدول العربية مرورا بالزمالك والكيت كات، وما زالت هناك محطات تحت التنفيذ، وعند سؤاله عن أفكاره الفذة التي نشاهدها كلما ركبنا المترو، أجاب أن التاريخ هو السر، فهو يبني رسمته على أساس لمحة مميزة عن المكان، فعلى سبيل المثال عندما رسم محطة باب الشعرية تخيل الموالد والعروسة ورقصة التنورة بشكل مجرد وملخص، مع مراعاة عناصر التكوين البنائية والدرامية للوحة من حيث اللون والشكل والنظام والانسجام والوحدة والإيقاع والخط، ومحطة العتبة رسم البريد والحمام الزاجل، أرسل عمله للجماهير بكل بساطة، خاطب بفنه جميع المستويات والعقول.

واستطرد: محطة الجيش عبارة عن طيور وأيادي تحمل السلام، وعن محطة عبده باشا قال: "كانت من المحطات المزعحة في حياتي"، لم يجد معلم أو تاريخ يتعلق بالمكان إلا كلية الهندسة، فقام بعمل تكوين هندسي يوحي بالكمبيوتر، محطة كلية البنات تحدث من خلال اللوحات عن اقتحام المرأة للحواجز وشعلة التنوير، هوليوبليس تحدث عن مصر الجديدة بعد الثورة، نادي الشمس صور فتيات الباليه وهم يمسكون قرص الشمس، وماسبيرو صور النيل ومبنى الإذاعة والتلفزيون، ووادي النيل صور مصر والسودان والانسجام بينهما، هارون كانت من المحطات التي شغلته، مؤخرا قدمت انطلاقة مصر الجديدة بصورة الحصان الثابت والذي ينطلق لشىء طائر في السماء.

كان لمصمم الديكور محمد مكاوي العديد من الأعمال الأخرى، مثل كتب في سيرة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، مع الكاتبة والمذيعة كاريمان حمزة في سلسة عن "أبناء الإسلام"، قدم تصميمات لديكورات وأزياء العديد من المسرحيات مثل حلاق بغداد بطولة الفيشاوي ومها أحمد ورانيا فريد شوقي.

وعن رسالته التي يقدمها للجمهور من خلال فنه كانت مصر والعرب، فأعماله الفنيه ومعارضه التي وصلت لل20، حتى الجوائز التي حصل عليها في التصوير، لا تخلو من التعبير عن الوطن، وتعبر عن شخصيته المتفردة التي تخلو من الرتابة والتقليد، مضيفا أن كل مكان له رسالته الخاصة، فعلى سبيل المثال عندما ساعد زميله الذي أسس فندقا في الواحات، عبر من خلال فنه عن البيئة، يجعل الأجانب يشعرون من خلال اللوحات أنهم ليسوا في فندق وإنما في ضواحي الواحات، جعلته ينتقل من عالمه إلى عالمنا، حتى حمامات السباحة كانت مثل البركة القديمة.
 

فن الديكور من أصعب أنواع الفنون، لأنه عبارة عن بوتقة تنصهر فيها كافة الأشكال الأخرى من النحت والموسيقى، لذلك إذا لم يكن الفنان مطلعا على كافة الثقافات، والفنون التشكيلية المختلفة كالسيريالية والتجريدية والتأثيرية والتعبيرية، التاريخ الأفقي والرأسي، الأماكن، سيكون رتيبا ومملا وتقليدي.

في الختام دائما ما أنصح طلابي: "مهندس الديكور إذا لم يكن قارئا يوميا فلن يحصل على ما يصبو إليه، فعلى زماننا كنا نذهب إلى السفارات من أجل الحصول على المعلومات، الآن صار الكل متاحا بضغطة زر في كافة دول العالم، يجب أن تدرس التاريخ، وأن تدرك أنك لست مصمم ديكور ألماني أو فرنساوي أنت مصمم حديث لكنك مصري".