رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حق منزوع.. زوجات يرفعن قضايا كيدية لاسترداد قائمة المنقولات

قائمة المنقولات الزوجية
قائمة المنقولات الزوجية

رحلة مؤلمة عاشتها فتاة عشرينية كانت تعتقد أن الحياة قد فتحت لها ذراعيها، حين أصبحت زوجة الرجل الذي طالما أحبته وتمنت الزواج منه، وبالفعل حققت حلمها وألقت جسدها على فراش الزوجية لتنام ليالِ من الراحة المؤقتة، حتى استيقظت على كابوس لم تغفل عينيها بسببه مرة أخرى.

الفتاة التي حافظت "الدستور" على اسمها، كانت إحدى ضحايا الزيجات الوهمية، التي سرعان ما يُكشف عن خباياها ولا تدوم ألاعيبها لفترة طويلة، فالمال هنا يكون هو البطل الرئيسي للقصة، ويمكنه التحكم في كل مجريات الأمور، ذلك ما عاشته الفتاة في رحلة زواجها، التي قضتها بين أروقة المحاكم.

3 شهور كانت كافية لتكَتشف الزوجة حقيقة الشخص الذي ينام بجوارها كل ليلة، حين أخبرها أنه يمر بضائقة مالية شديدة في العمل، ولا يوجد حل سوى بيع الذهب الذي ابتاعه لها، وكان مدّون في قائمة المنقولات الزوجية  بالرضا بين الطرفين، ووافقت على الفور بمساعدة زوجها، إيمانًا منها بالحب الذي تكنه له بداخلها. 

وبعد مرور أيام، عاد الزوج مرة أخرى ليخبرها أن الذهب لم يكفي لحل المشكلة، وسيضّطر لبيع بعض الأجهزة الخاصة بهم، وكما حدث من قبل لم تتردد الفتاة مرة أخرى في مطاوعة حبيبها، لكن تلك المرة تبينت نيته، والتي لم تلاحظها الفتاة جيدًا في البداية.

"طلب مني الإمضاء على تنازل عن قائمة الزواج، حتى يكون موقفه قانوني إذ تدخل ذويها وافتعلوا مشكلة ما"، في تلك اللحظة تحديدًا كان الرفض القاطع هو سيد الأمر بالنسبة للفتاة، لتمر لحظات معدودة وتكتشف وجهًا جديدًا لزوجها لم تكن على علم به من قبل.

دوامة من الاعتداء اللفظي والجسدي، مرت بها منذ رفضها لكتابة التنازل، كمحاولة منها للحفاظ على حقوقها المادية، بعد أن اكتشفت رغبة زوجها في الاستيلاء على قائمة المنقولات، وخلال المشاجرة التي دارت بينهما، أفصح عن نيته في طلاقها وطردها من المنزل دون أي حقوق قانونية أو شرعية.

اتجهت الزوجة على الفور إلى مكتب أحد المحامين، وحررت محضرًا ضد زوجها تطالب فيه برد قائمة المنقولات، لكن الأخير كان قد سبقها بخطوة، وأرسل إليها مُحضر يحمل جواب طلاقها، ورغم ذلك كسبت الفتاة قضيتها، وأخذت حكم ضده برد جميع المنقولات المثبتة في عقد الزواج، لكنه يتهرب من رد حقوقها حتى وقتنا هذا، ويساعده على ذلك ذويه الذين يخفونه عن أنظار المحكمة.

أداة لضمان الحقوق
تعد مصر أحد الدول التي لازالت متمسكة بعادة قائمة المنقولات، ولكن تختلف عادات وتقاليد الزواج في الدول العربية، والتي تشمل الإتفاق على أمور إتمام الزيجة من مهر وشبكة وأثاث المنزل، وكله يكون تحت بند "قائمة الزواج"، بجانب الأمور الأخرى التي يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين.

فالأمر يتم بوضع ذوي الزوج والزوجة شروطًا محددة قبل إتمام الزيجة، وهي دفع المهر المتفق عليها في الجلسة الأولى بينهم، وثمن الشبكة، وتقسيم أيضًا ثمن شراء قطع أثاث المنزل، والأغراض الأخرى المتفق عليها في قائمة منقولات الزواج، وفي النهاية تنتهي جلستهم بقراءة الفاتحة، ثم الخطبة الرسمية والزواج فيما بعد مع الإصرار على قائمة المنقولات في الأغلب.

وعن بيان شرعية توقيع الزوج على قائمة المنقولات التي يحضرها أهل العروس، قالت الإفتاء في بيان لها: "قرر الشرع الشريف حقوقا للمرأة، معنوية ومالية، وجعل لها ذمتها الماليةَ الخاصةَ بها، وفرض لها الصَّدَاقَ، وهي صاحبةُ التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجَعل مِن حقها أن تبيع وتشتري وتَهَب وتقبل الهِبَة وغير ذلك مِن المعاملات المالية، ما دامت رشيدة، شأنها في ذلك شأن الرجل".

لن أتنازل عن حقي
تكررت المأساة مع دينا (اسم مستعار)، التي تقطن في محافظة القاهرة، لكنها هذه المرة كانت أكثر بشاعة، فقد لجأت الفتاة للتقاضي بعدما فشلت محاولات التراضي والود، وبعد مرور شهور عصيبة عليها منذ الزواج، تعرضت فيها لأسوء أنواع الاستغلال والتهديد من قبل ذوي زوجها، الذي لم تجمعها به أي لحظة سعادة منذ أول أيام زواجهما. 

كان سبب الانفصال بحسب دينا هو سوء معاملة الزوج لها، كان يتعدى عليها لفظيًا وجسديًا لأتفه الأسباب: "كان متجوزني عشان ابقى خدامة ليه ولأهله"، هكذا تفسر الفتاة تصرفات زوجها منذ اللحظة الأولى لزواجهم.

بعد مرور شهر من الزواج، انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، وبدأ الزوج في استغلال طيبة الفتاة بشكل تدريجي، حتى سلب منها كل ما تملك من مال، ثم اتجه لأخذ الذهب الخاص بها وبيعه دون علمها، ورغم كل ذلك استمرت الفتاة في الزيجة، وأنجبت منه طفلة.

بصوتِ حزين تعبر الفتاة عن ندمها الشديد لما رأته في حياتها الزوجية: "علمت أنه تزوجني من أجل المال والاستيلاء على كل ما أملك"، عرفت أميرة تلك الحقيقة متأخرًا كما تصف، إلا إنها قررت إنهاء علاقتها به وطلب الطلاق، واسترداد جميع حقوقها القانونية والمادية، لكنها واجهت حينها ما هو أكثر قسوة".

رفض زوجها أن يطلقها، وتعدى عليها هو وذويه بأبشع طرق الإيذاء النفسي، من إرسال تهديدات متواصلة تؤكد تعمدهم لسرقة حقوقها، وعدم رغبتهم في ردها إليها، بل وأيضًا مساومتها على رد مستلزماتها الخاصة بدفع مبالغ مالية مقابل ذلك.

لم تجد الفتاة حلًا سوى الذهاب إلى القانون، واسترداد حقها بطريقة رسمية، وبالفعل رفعت قضية تبديد قائمة، ونجحت في الحصول على حكم بحسبه لمدة عام، لكنها لم تسترد أشيائها حتى الآن، بسبب مماطلة أهله في تنفيذ الحكم بحقها في قائمة المنقولات، وهروبهم المستمر من الملاحقات الأمنية في منازلهم.

950 ألف قضية داخل محاكم الأسرة
لا يوجد إحصاء رسمي عن قضايا تبديد القائمة، ولكن بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تنظر محاكم الأسرة أكثر من 950 ألف قضية نزاع سنويًا، في ظل حالات طلاق وخلع بلغت 200 ألف حالة العام الماضي، بزيادة ملحوظة عن الأعوام السابقة.

وقالت بيانات جهاز الإحصاء، إن عدد حالات الطلاق تراجعت أيضا لتسجل نحو 19.1 ألف حالة في سبتمبر الماضي، مقابل 22.1 ألف حالة طلاق في نفس الشهر عام 2020، بتراجع بلغ 3 آلاف حالة.

وكانت قد بلغت عدد حالات الطلاق في مصر خلال العام 2020 نحو 218 ألف حالة طلاق، مقابل 225 ألف حالة في عام 2019، و201 ألف حالة فى عام 2018، إذ تحدث حالة طلاق واحدة كل 2 دقيقة و20 ثانية، وفى الساعة 27 حالة، أما اليوم 651 حالة، وأكثر من 7000 حالة طلاق فى الشهر.

العقوبة تصل للحبس
تنص المادة رقم 341 من قانون العقوبات، على أنه كل ما قام باختلاس، وسرقة وتبديد لأي مبالغ أو أي أمتعة أو نقود، أو قام بوضع يداه بالقوة على تلك الأمور المذكورة ، ولم يقم بتسليمها، فإنه يحكم عليه بالحبس، أو القيام بدفع غرامة مالية.

ومن الجانب القانوني تجاه هذه القضايا، أوضح عادل عاشور، محامي النقض بالدستورية العليا، أن العقوبة تنقضي بعد مضي  3 سنوات في الجنح إذا حُكم على الزوج غيابيًا، ويسقط حكم تبديد المنقولات أيضًا إذا كان نهائيًا بعد مضي 5 سنوات في حال قيام الزوج بمعارضة الحكم الغيابي في تبديد المنقولات، وتختلف مدة سقوط الحكم من حالة لأخرى، ولكن يسقط هذا الحكم غيابيًا بعد مرور مدة تتراوح ما بين عامين ونصف حتى ثلاثة سنوات من تاريخ الحكم في قضية تبديد المنقولات.
 

أما إذا سقط حكم تبديد المنقولات بالكلية، يكون من حق الزوجة طلب التعويض بقيمة قائمة المنقولات الزوجية، وأضاف المحامي خلال حديثه، أنه إذا تم الحكم على الزوج بدفع التعويض فسيكون ملزمًا بذلك، وفي حالة عدم الدفع فسيتم الحجز عليه من قبل المحضر، ومن ثم سيدخل في قضايا أخرى، قد يصدر حكم بالحبس على الزوج اذا تمت المطالبة بالقائمة عن طريق الشرطة وكجنحة تبديد وليس عن طريق محكمة الأسرة.