رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتهاك صارخ.. أرقام المواطنين فريسة لشركات المحمول

البيانات الشخصية
البيانات الشخصية

في فترة زمينة لم تتعد 72 ساعة، استقبل الشاب العشريني وائل مختار، أكثر من ٢٠ اتصالًا هاتفيًا من قبل شركات مختلفة بعضها تخصص في الدعاية العقارية والتأمين على الحياة، والبعض الآخر كان عن عروض لشركات الاتصالات المختلفة والاشتراك في خدماتهم.

لم يتحمل الشاب هذا الكم الهائل من المكالمات المزعجة التي عطلته كثيرًا عن عمله، وكان مجبرًا في الرد عليها كونه ينتظر يوميًا اتصالات هاتفية من قبل العملاء، نظرًا لطبيعة عمله في بيع الملابس ومستحضرات التجميل "أونلاين".

اضطر في النهاية لإغلاق هاتفه نهائيًا من أجل الابتعاد عن ذلك الإزعاج والتعدي الواضح على الخصوصية، ما جعله يخسر عددًا كبيرًا من الطلبات اليومية، متسائلًا خلال حديثه مع "الدستور": "إزاي كل الشركات دي معاها رقمي"؟

متى يطبق القانون؟

وتقدمت النائبة آمال رزق الله، عضو مجلس النواب عن حزب الشعب الجمهوري، بطلب إحاطة بشأن الهجمات التي يتعرض لها المواطنون من شركات دعائية وإعلانات عقارية ورسائل مزعجة منهم، مطالبة بضرورة تفعيل قانون حماية البيانات الشخصية للحد من الهجمات التي يتعرض لها المواطنون.

وأصدرت الحكومة المصرية قانون حماية البيانات الشخصي (قانون رقم 151) في العام 2020، من أجل تنظيم عمليات معالجة البيانات الشخصية والتعامل معها ونقلها من قبل الشركات في المنطقة، ومن المتوقع إنفاذ القانون بشكل كامل بحلول عام 2022.

ويهدف القانون إلى الحفاظ على سرية البيانات من الانتهاك ومنع الرسائل المزعجة التي يتم إرسالها بشكل مستمر عبرالهواتف، والتخلص من الظاهرة التي انتشرت بقوة دون أن يكون لها ضابطا أو منظما، أو حتى ملجأ للشكوى، والتحكمفي انتقال أرقام هواتف المواطنين من شركة لأخرى دون علم أو موافقة منهم، ودون معرفة متى بدأت تلك السلسلة منالمتاجرة بهذه الأرقام.

تنص المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والخاصة بحماية حرمة الحياة الخاصة للمواطنين من الرسائل النصية المزعجة التي يقوم بإرسالها عدد من الشركات.

بيانات المصريين خارج السيطرة

وأثبتت دراسة استقصائية أجرتها شركة “سينتوريون للاستشارات” لصالح شركة التكنولوجيا العالمية “زوهو كورب"، أن 98% من الشركات المصرية تستخدم تقنيات الطرف الثالث للتتبع ومنصات الإعلانات، لكن 70% فقط من الشركات المستطلعة آراؤها استطاعت أنتعرّف وتوثق بشكل دقيق سياسات خصوصية بيانات العملاء، بينما تبين أن 10% من تلك الشركات تطبق تلك السياسات بحذافيرها.

ووفقاً للاستطلاع الذي أجري على 246 شركة موزعة عبر مختلف أرجاء مصر، تبين أنه على الرغم من أن 36% من الشركات المستطلعة آراؤها لا تشعر بأريحية تامة لطرق استخدام بيانات عملائها من قبل شركات الطرف الثالث للتتبع، إلا أن 56% من الشركات أعربت أنها لايمكنها التوقف عن استخدامها لأنها تعتمد عليها في الحملات الإعلانية التي تعود عليها بالأرباح، بينما أجمعت 26% من الشركات المشاركة أن المعلومات المستنتجة من البيانات ضرورية من أجل تعزيز قدرتها على فهم العملاء، في حين اتفقت 9% من الشركات على أن استخدام هذه المنصات مجدية اقتصادياً للأعمال، فيما قالت 9% منهم أنها تجد صعوبة في التخلي عن استخدام تقنيات التتبع.

أخلاقيات التسويق معدومة

تواصلنا مع عمرو داوود، استشاري التسويق في أحد الشركات التجارية، الذي أوضح أن عملية التسويق الهاتفي أو الإلكتروني لها أخلاقيات وأساسيات يجب تعلمها قبل البدء في العمل على أرض الواقع، وهذا ما ينقص العديد من الشركات التجارية في وقتنا الحالي.

وقال:"هناك قواعد يجب اتخاذها مع العميل قبل الحديث معه عن أي شئ يخص المنتج أو الشركة، وهو سؤاله في البداية عن إذا كان وقتهمتاحًا للحديث، بعد التعريف باسم المتصل وهويته واسم الشركة التابع لها، وفي حالة عدم رضاه عن الاتصال يجب إغلاق الخط فورًا".

أشار استشاري التسويق إلى أن الشركات تجبر موظفيها على تحقيق "تارجيت" ما في فترة زمنية معينة، ما يجعلهم يتسارعون علىالاتصال بأكبر عدد ممكن من العملاء دون النظر إلى مدى اهتمامات هؤلاء المواطنين بالمنتج أو أن وقته يسمح لهذه الاتصالات من الأساس.

أضاف: "قانون حماية البيانات الشخصية استطاع أن يمنع عددًا كبيرًا من هذه الشركات وقت تطبيقه العام الماضي، لكن الظاهرة عادتمرة أخرى لتزعج العملاء، وتجعلهم يمتنعون عن التجاوب مع أي شركة تجارية بسبب الفكرة المغلوطة الراسخة في ذهنهم، إثر تلك الممارساتالتي تنتهم خصوصياتهم".