رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعم استقرار ليبيا

تحت هذا العنوان، استضافت العاصمة الليبية طرابلس، لأول مرة منذ ١٠ سنوات، مؤتمرًا وزاريًا دوليًا، دعا بيانه الختامى إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإجراء الانتخابات، بشكل نزيه وشفاف وجامع، فى ٢٤ ديسمبر المقبل، وشدّد على رفضه القاطع التدخلات الخارجية فى شئون ليبيا الداخلية. وطالب بضرورة انسحاب كل القوات الأجنبية والمرتزقة، دون استثناء.

بمشاركة عربية، إقليمية ودولية واسعة، حاول مؤتمر «دعم استقرار ليبيا»، التوصل إلى موقف موحّد، يسهم فى وضع الآليات الضرورية لضمان استقرار ليبيا، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات. وفى كلمته طرح سامح شكرى، وزير الخارجية، مجددًا، رؤية مصر القائمة على ضرورة الدفع قُدمًا بتسوية سياسية شاملة تُرسخ الاستقرار الذى ينشده الشعب الليبى الشقيق.

لا استقرار فى ليبيا إلا بسيادة وطنية كاملة على كل أراضيها. وما قد يُطمئن قليلًا، هو أن روزمارى ديكارلو، وكيلة أمين عام الأمم المتحدة للشئون السياسية، أعلنت فى حسابها على «تويتر»، الخميس، عن وصول أول مجموعة من المراقبين الأمميين لدعم آلية وقف إطلاق النار. وكذا إشارتها إلى تنسيق الأمم المتحدة مع اللجنة العسكرية المشتركة «٥+٥»، التى وصفت خطة عملها للانسحاب التدريجى للمرتزقة والقوات الأجنبية بأنها «إنجاز مهم».

مدفوعة بما يربط البلدين من أواصر الجوار والمصير المشترك، كانت مصر، ولا تزال وستظل، داعمة لليبيا، ولكل المساعى الدولية والإقليمية، التى تهدف إلى تحقيق طموحات شعبها وإنهاء أزمته. كما تراهن غالبية الأطراف، داخل ليبيا وخارجها، على دور القاهرة، التى وضع إعلانها، الصادر فى يونيو ٢٠٢٠، أساس الاتفاق السياسى، ومهّد الطريق لانتخاب السلطة التنفيذية الانتقالية، التى من المفترض أن تنتهى مهمتها بإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية. غير أن عددًا من الملفات الشائكة، التى أوكلت إلى تلك السلطة، لا تزال مستعصية على الحل، وأبرزها إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وحل الميليشيات المسلحة، وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية.

رؤية مصر للتسوية السياسية الشاملة، لخصها وزير الخارجية فى ‏‏أربع نقاط: تحديد أدوات تنفيذ ومراقبة إتمام خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا فى إطار زمنى واضح.. تطبيق كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة بند تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية.. وضع البرامج الملائمة لنزع أسلحة عناصر المجموعات المسلحة، وإعادة تأهيل من يصلح منهم.. وقيام المجتمع الدولى بدوره فى محاسبة الأطراف الساعية إلى التنصل من التزاماتها والالتفاف على عقد الانتخابات فى ليبيا وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها.

على هامش مشاركته فى أعمال المؤتمر، اجتمع وزير الخارجية مع محمد المنفى، رئيس المجلس الرئاسى الليبى، ونائبيه عبدالله اللافى وموسى الكونى، ثم مع عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية. وفى بنغازى، تابع الأعمال الجارية لتجهيز مبنى القنصلية المصرية، والتقى قيادات الشرق الليبى، والمشير خليفة حفتر. وفى إطار تنسيق الجهود الدولية، التقى شكرى نظراءه، وزراء خارجية فرنسا، تونس، اليونان، الجزائر وتشاد.

جهود الدول الشقيقة والصديقة، الداعمة لتحقيق استقرار ليبيا، كانت محل تقدير القيادة الليبية. وبشكل خاص، أشاد «الدبيبة» بدور مصر وجهودها الداعمة لتحقيق استقرار ليبيا، ودفع كل مسارات التسوية السياسية، وتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف الليبية، مثمنًا الزخم الذى تشهده العلاقات بين البلدين على مختلف المستويات. كما أعرب الرئيس محمد المنفى عن اعتزازه بالعلاقات الراسخة التى تجمع الشعبين الشقيقين مبرزًا سعادته بزيارته لمصر، ومشيدًا بالتطور الحادث بها خلال الفترة الحالية، وأعرب عن تطلع القيادة الليبية إلى الاستفادة من الخبرات المصرية، بهدف تطوير القدرات الليبية ودفع عجلة التنمية الجارية فى ليبيا الآن.

.. وأخيرًا، لا يزال خطر الإرهاب هو أبرز التحديات، التى تواجه ليبيا والمنطقة بأسرها. وما زالت الكيانات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، التى تستعملها قوى إقليمية ودولية، تقوم بمحاولات مستميتة، للانقلاب على خارطة الطريق وإطالة فترة المرحلة الانتقالية وأمد الصراع. وبالتالى، لن تشهد ليبيا استقرارًا، ولن تتحقق السيادة الوطنية الكاملة على أراضيها، إلا برحيل كل القوى الخارجية والمرتزقة عنها، وبالقضاء على الإرهاب وردع داعميه، أو مستعمليه.