رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إخوان ضد لغة القرآن!

الإخوان الإسرائيليون، أو أعضاء فرع الجماعة الضالة فى الدولة العبرية، يواصلون سقوطهم القيمى والأخلاقى. وبات واضحًا للقاصى والدانى والواقف بينهما، أنهم انسلخوا عن عروبتهم وهويتهم الفلسطينية، قبل تأكيد منصور عباس، ممثلهم فى الحكومة الإسرائيلية، أنه فخور بكونه مواطنًا فى دولة إسرائيل. وعليه، لم يكن غريبًا، أو مفاجئًا، أن يقوم نوابهم فى الكنيست بالتصويت ضد مشروع قانون يُلزم الحكومة الإسرائيلية بتدريس اللغة العربية فى المدارس. 

بنعمة من الله وفضله، تم كنس جماعة الإخوان من كل حكومات دول المنطقة، ولم يعد لها أى تمثيل إلّا فى الحكومة الإسرائيلية الحالية، التى يشغل فيها ذلك الإخوانى منصب نائب وزير فى مكتب رئيس الوزراء، يختص بشئون العرب. وحفاظًا على هذا التمثيل، غير المشرف، باتت الجماعة أكثر صهيونية من حزب «الليكود»، وتخلّت عن أبرز أهدافها المعلنة أو المزعومة. 

إلى أى مدى يُمكن لحزب ينتمى إلى جماعة الإخوان أن يتخلى عن أهدافه الدينية والوطنية؟

هذا السؤال طرحه شاؤول بارتال، الباحث بمركز «بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية»، فى تقرير عنوانه «الإخوان المسلمون داخل الحكومة الإسرائيلية». وبغض النظر عما احتواه التقرير من استنتاجات أو تصورات، فقد جاء أداء الإخوان داخل الكنيست «البرلمان» الإسرائيلى، ليؤكد أنهم بلغوا مدى أبعد مما تخيله بارتال، أو ياريف ليفين، النائب عن «الليكود»، الذى وصف الجماعة، بأنها «حركة كرسية» وليست حركة إسلامية.

ليفين كان رئيسًا للكنيست ووزيرًا للسياحة. وخلال خدمته العسكرية، عمل مترجمًا للغة العربية فى المخابرات، وقام بوضع قاموس «عبرى- عربى- إنجليزى» للمصطلحات الاقتصادية. وهو صاحب مشروع القانون الذى أسقطه الإخوان، أو أعضاء «القائمة العربية الموحدة- الحركة الإسلامية»، فى جلسة عاصفة. ما دفع الرجل إلى أن يقول مندهشًا باللغة العربية: «ليست هناك حركة إسلامية فى العالم تصوت ضد اللغة العربية.. ضد لغة القرآن الكريم». ثم سأل أعضاء الحركة: «هل أنتم حركة إسلامية؟! هل الكرسى أهم من اللغة العربية؟!». وأضاف: «كل المسلمين لازم يعرفوا إن الحركة الإسلامية ضد اللغة العربية، عيب عليكم».

مع الحركة الإخوانية، التى أرجعت سبب تصويتها ضد مشروع القانون، فى بيان نشرته صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، إلى «التزامها بالقرارات الائتلافية بإسقاط اقتراحات قوانين المعارضة»، يعارض يهود متطرفون أيضًا تدريس اللغة العربية فى المدارس بزعم أنها تمثل خطرًا على كيان الدولة العبرية، أو خوفًا من أن يتأثر الطلاب بالأفكار المتطرفة التى قد يتبناها بعض مدرسى اللغة العربية فى المدارس الإسرائيلية. وفى المقابل يرى آخرون أن مشروع هذا القانون خطوة مهمة وضرورية، لأن اللغة العربية هى لغة المسلمين، الذين يحتاج اليهود إلى أن يبنوا جسورًا معهم، ولغة العرب، التى يجب أن تسعى إسرائيل إلى تطبيع علاقاتها بهم، ولغة جيرانهم الفلسطينيين، الذين يحتاج الإسرائيليون إلى التصالح والتعايش معهم.

المهم، هو أن ليفين بعد أن فقد الأمل فى الإخوان أو «الحركة الإسلامية» المزعومة، سأل النائبة ابتسام مراعنة، عن سبب تصويتها «ضد اللغة العربية وضد التراث العربى»، وحين لم تجب، أضاف مخاطبًا أعضاء الكنيست: «انظروا كيف يخجلون انظروا». غير أن المذكورة قاطعته بقولها: «لا أحد يخجل.. من قال إننا نخجل؟!». والطريف أن «مراعنة»، النائبة عن «حزب العمل»، التى تعتبر نفسها فلسطينية، تعمل مخرجة وكاتبة سيناريو، ولها مسلسل عنوانه «آسف على السؤال بالعربية»، نالت عنه جائزة «أكاديمية السينما والتليفزيون» الإسرائيلية!.

الأكثر طرافة من عنوان مسلسل «مراعنة» أو محتواه أو الجائزة التى حصل عليها، كان دهشة رئيس الكنيست السابق من موقف «الحركة الإسلامية» المزعومة، لأنه لو عاد إلى الاتفاق الذى وقعه منصور عباس مع يائير لابيد، وزير الخارجية الحالى، الذى سيتولى لاحقًا رئاسة الحكومة، سيجد أن البند الأول يلزم تلك الحركة بتأييد الحكومة ودعم قراراتها وإجراءاتها فى الكنيست. أما ما قد يستحق بعض الدهشة، فهو ابتلاع «الإسلاميين» واليساريين ألسنتهم، وعدم انتقادهم سقطات الإخوان، الفجة والمتكررة، داخل إسرائيل وخارجها، ولو بكلمة!.