رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خلخلة الجذور» لفكري داود على طاولة مختبر السرديات في دمياط

خلخلة الجذور
خلخلة الجذور

تعقد بمختبر السرديات في دمياط، أمسية ثقافية مفتوحة لمناقشة رواية "خلخلة الجذور"، للكاتب القدير فكري داود، والصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وذلك في تمام السادسة من مساء اليوم السبت.

وتتناول رواية "خلخلة الجذور" للكاتب فكري داود كل من: الشاعرة الناقدة  رشا الفوال ــ القاص الكاتب سمير الفيل ــ الكاتب مجدي جعفر ــ والأديب فرج مجاهد عبد الوهاب بالاضافة للمداخلات المختلفة من ضيوف وأعضاء مختبر السرديات في دمياط.

والكاتب فكري داود لا يجد صعوبة في الاهتداء إلى التقنية المناسبة لكتابة أي نص، وكذلك في اختيار اللغة وحرفية تكثيفها، واستخدام تقنيات يفترض أنها لأجناس إبداعية أخرى، كالإيقاع، والحوار، ورسم الصورة السردية.

اختار فكري داود أن يظل في دمياط بعيدا عن أضواء القاهرة ومركزيتها الثقافية. وصدر له خمس مجموعات قصصية وهي: «دهس الطين٬ واستكانة النهر العجوز٬ والحاجز البشري٬ وصغير في شبك الغنم٬ والعزومة»

كما صدرت للكاتب فكري داود روايات: خلخلة الجذور٬ المتعاقدون٬ عام جبلي جديد٬ طيف صغير مراوغ٬ وقائع جبلية.

ولفكري داود مسيرة طويلة مع عوالم السرد خاصة في الريف المصري، حيث ينتمي لإحدى قرى كفر سعد٬ وهي قرية" السوالم" وفي أغلب رواياته بحث دؤوب عن العوالم السرية للقرية.

ومما جاء على الغلاف الخلفي لرواية "خلخلة الجذور": "لا تزال أرجل الناس٬ تسحب أغلبهم إلي جهات شتى٬ لا تكل ألسنتهم عن الدوران٬ لتأتي بالحكايا من قريب ومن بعيد٬ داخل الحجرات الضيقة المسكونة بالرطوبة٬ وفوق تراب المصاطب٬ وتحت الأشجار قريب مجاري الماء٬ وبالحقول المتخمة بغارقي الجباه المنهمكين في تطهير القنوات من طحالب عشوائية٬ تعوق حركة الري بعناء كبير وأمال لا تذكر٬ والساعين بين أعواد الذرة٬ ولوزات القطن٬ ومصاطب البطيخ والطماطم٬ ليس لهم من أجر٬ سوي بعض أكواز الذرة٬ أو حبات كوسة شائخة٬ أو كرات قطن ضئيلة٬ لا يدرون لها تصريفا".

ترتجف بأيديهم حزم السريس٬ أو الملوخية الخضراء٬ وثمة أعواد من حميض الأرض المتكاثر قرب حواف القنوات٬ تحار أيدي النساء٬ كي تحوله إلي شيئ٬ تقتات به داجنة البيت٬ وقد يصلح مع كسرات الخبز الجاف٬ طعاما للآدميين.

وعن رواية "خلخلة الجذور" يقول الكاتب أسامة ريان: يتضح من عنوان الرواية٬ وهو ظاهر النص٬ استخدام الكاتب لمفردة "الخلخلة" وهي مفردة شديدة الواقعية٬ تقصد إلى أن هناك ما في طريقه للانهيار٬ خاصة وأنه يقصد جذور مجتمع ما٬ وهو ما دار أو حدث في النص.

يطالعنا مطلع الرواية على شخصية مهمة ومحورية٬ تدير الأحداث٬ ألا وهي "أحلام"٬ ونحن هنا بصدد امرأة تقود الأحداث وتوجهها. أحلام التي كانت تأمل في الزواج من حبيبها "أمين" اضطرت للزواج من رجل مسن يكبرها بعشرات السنين٬ ولديه أولاد من زوجة أخري٬ رغم جمالها وصغر سنها. وهو ما يمكن أن نطلق عليه "سوء البخت أو الحظ والنصيب". أحلام لم تصادف في حياتها حالة حب كانت تترقبها.

كما تحيل لفظة "خلخلة" إلى الحراك المجتمعي٬ وما يحدث فيه من متغيرات٬ سواء للأفراد وعلاقاتهم ببعضهم البعض٬ وعلاقات الأفراد نفسها التي تغيرت بمحيطها المجتمعي. فقد دخلت على القرية مفردات جديدة لم تعهدها من قبل٬ كالمقاهي الأشبه بــ"كوفي شوب" أو الكوافيرات وأماكن اللهو السرية الموجودة في المدن دون القرى٬ لكنها أصابت الريف أيضا٬ وأصبحت متوافرة. ولقد أخذت "أحلام" على عاتقها إحداث هذا التغيير أو الحراك لتنتقم لنفسها مما أصابها من شقاء وبؤس في مجتمع القرية.

ونجد أيضا أن هناك شخصية أخري محورية٬ وهو "زايد" ابن زوج أحلام٬ والذي كان قد اختفى ثم ظهر عائدا بالأموال٬ وهي إشارة إلى هجرة المصريين خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي٬ إلى دول الخليج وتركهم لأرضهم تبور. حتى أن الخمسة أفدنة التي كانت ثورة يوليو وزعتها على الفلاحين والأجراء٬ تركوها وسافروا وراء العمل في الدول النفطية٬ ثم عادوا بالأموال ليبنوا منازل بالطوب الأحمر على هذه الأرض٬ التي تحولت لكتل خرسانة أسمنتية.

رواية "خلخلة الجذور" لوحة أصيلة للريف المصري٬ رصدت المتغيرات التي أصابته منذ ثورة 1952 وحتى حقبة السبعينيات من القرن العشرين٬ والمتغيرات التي أصابت المجتمع الريفي من الاشتراكية وصولا للسوق المفتوح٬ وهي تغيرات ساهمت في خلخلة جذور شخوص الرواية والعلاقات فيما بينهم. امتازت الرواية بحس استشرافي٬ وقدمت قراءة عميقة للأحداث والبشر والتغيرات الجذرية التي أصابتهم وأصابت المجتمع.