رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريف محيى: كثير من القصص تبدأ من لحظة النهاية بطريقة دائرية

شريف محيي
شريف محيي

نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لأخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.

وحول الأمر قال الكاتب شريف محيي لــ "الدستور": لكل عمل إبداعي، بداية، ووسط، ونهاية. وللنهاية أهمية كبرى في تحقيق الأثر المراد توصيله من قبل المبدع للمتلقي، بل إنها ربما تكون ذات الأثر الأكبر في توصيل الثيمة الرئيسة للعمل، ودائما ما تظل النهايات عالقة في ذهن القارئ، وبخاصة نهايات الأعمال الكبرى.

ولا أجدني أبالغ حين أقول إن الكثير من القصص والروايات، قد سقطت ولم تحقق النجاح المرجو لها بسبب ضعف نهايتها، والعكس صحيح.وإذا نظرنا  إلى الأعمال الدرامية الشهيرة سنجدها تتميز بنهايات قوية. مثل معظم مسلسلات أسامة أنور عكاشة، الشهد والدموع، أبو العلا البشري، ليالي الحلمية. كذلك في الكثير من الأفلام الناجحة مثل العار، الكيف، زوجة رجل مهم، وكثير من القصص تبدأ من لحظة النهاية بطريقة دائرية، هذا وقد اعتاد بعض الكتاب  استخدام تقنية  الفلاش باك مثلما فعل صالح مرسي في رائعته رأفت الهجان والمأخوذة من ملفات المخابرات المصرية عن قصة حياة البطل المصري رفعت الجمال، وقد أجاد صالح في النص الروائي المطبوع، وكذلك في كتابة السيناريو والحوار لحلقات المسلسل الشهير والذي قدم فيه صالح نموذجا يحتذى في كيفية صناعة النهاية الناجحة للعمل على المستوى الفني والحماهيري، حتى وإن كانت نهاية تراجيدية حزينة.

وتابع موضحا: صناعة نهاية جيدة للعمل تتطلب موهبة أصيلة خاصة لا تتوفر إلا في قلة من المبدعين، إذ أنها تعتمد على شدة تنوع ثقافة المبدع، مع ثراء وعمق رؤيته للحياة والكون كله.ومن أعظم الكتاب العرب الذين يتفوقون في صناعة نهايات أعمالهم نجيب محفوظ، يوسف إدريس، توفيق الحكيم، يوسف السباعي ،إحسان عبدالقدوس، صنع الله إبراهيم ومن الثغر: أنور جعفر، محمد محمود الفخرانى، مصطفى نصر ،سعيد سالم، إبراهيم عبدالمجيد، والدكتور السيد نجم ، والعديد من الأسماء الكبيرة، التي لا يتسع المجال لحصرها.

وفى الحقيقة فإنني قد شرعت في كتابة العديد من الأعمال وفي ذهني نهاية محددة غير أنني كنت غالبا أضع نهاية مخالفة تماما لما وضعته في بدء التعامل مع النص. ومعظم قصصي تبدأ بطريقة تلقائية وتنتهي بنفسها مع رفع القلم من على الصفحة الأخيرة للنص، حتى أن النهاية قد تدهشني أنا شخصيا، وكأن من صنعها شخص أخر، خفي.

أصحاب الملامح الباهتة، رواية صدرت لي منذ عدة سنوات، كنت أستمتع بأحداثها وأنتظر نهايتها بشغف وأنا أتعامل كتابة مع النص لحظة بلحظة.أبطال هذا النص كانوا يتحركون بحرية شديدة وكأنهم هم من يصنعون مصائرهم، ونهايتهم.وكثير من أعمالي قد اختتمت بنهايات مفتوحة، بالتأكيد أنا لم أكن مخططا من البداية لذلك.

كتبت قصة قصيرة بعنوان الأستاذ ونشرت في مجموعة أحذية وكلمات، وبعد مضي عدة سنوات على طباعة المجموعة شعرت أن القصة لم تنته بعد، فأنتجت رواية طائر على صدر امرأة، والتى كانت تشكل امتدادا لهذه القصة التي تمردت شخوصها على وأرادت أن تفسح لنفسها أشكالا أخرى من السرد الذي يمكنها من التعبير عن نفسها بصورة أكبر مع مساحات من البوح العميق، وصناعة نهايات أخرى، كما تري كل شخصية من شخصيات العمل أنها أولى بها.

نهاية النص قد تتعدل عدة مرات، وقد يبذل الكاتب للوصول إلى الشكل الأخير للنهاية جهدا مضنيا، وقد تأتي عفوا وبشكل سلس كنهاية منطقية لما سبقها من أحداث تم التمهيد لها بعناية ودقة ولكن دون مباشرة ، هنا تظهر براعة الكاتب الذي يستطيع تحقيق عنصر الدهشة، والمفاجأة في نهايات أعماله رغم تمهيده غير الكاشف لها.