رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما هى إمكانية الاعتماد على مصادر سرية في التحريات؟.. نقيب المحامين يجيب

رجائي عطية
رجائي عطية

تحدث رجائي عطية، نقيب المحامين عن التحريات وشروط الشهادة وغيرها من الأمور المتصلة بهما، كما تطرق إلى المصدر السري في التحريات وإمكانية الاعتماد على شهادته.

وقال عطية، في كلمة لها وجهها للمحامين بهدف نقل الخبرات لهم، إن محكمة النقض تصدت لمسألة التحريات فقالت إنها لا تعدو أن تكون رأيًا لصاحبها يحتمل الصدق والكذب والصحة والبطلان ما لم يفصح، وإنها لذلك لا تصلح أن تكون دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمة.

أضاف: «التحريات استدلال وليست دليل، فصاحب التحريات ورغم أنه يدرج في قائمة أدلة الشهود، لكنه ليس بشاهد، فهو باحث من وراء الأستار، فهو لم يشهد بعينه أو يسمع بأذنه، وإنما يلجأ إلى أناس ويتلقى منهم روايات يقدمها إلى القاضي أو النيابة».

أفاد "محكمة النقض ذكرت في شروط الشاهد إما أن يشهد أو يسمع أو يدرك الواقعة بإحدى حواسه، وخلاف هذا لا يكون شاهدًا لذا تسمية جامع التحريات بالشاهد بها تجاوز، ونحن كأهل صنعة يجب أن نلتفت لذلك، وأن محكمة النقض ذكرت أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص بما رأه أو سمعه بنفسه أو أدركه بأحد حواسه.

وذكر نقيب المحامين أن جامع التحريات هو ناقل إن صدق وأحيانًا لا يصدق، وهناك حكم صادر لمحكمة النقض عام 1929 في قضية كان الشاهد فيها محمد محمود باشا رئيس الوزراء، وقالت المحكمة غن هذه شهادة نقلية عن مجهول لم تسمعه المحكمة وبالتالي لا يجوز الاعتماد عليها، إضافة إلى أنه لا يصح للمحكمة أن تأسس حكمها على شهادة منقولة عن شخص مجهول لم تسمع المحكمة أقواله، وهذا الحكم منشور بمجموعة محمود عمر.

وأكمل: «في كافة القضايا يقول جامع التحريات أن مصدره سري ولا يمكن البوح به حرصًا على الأمن العام ويحجبه عن النيابة والمحكمة، وأحيانًا من المفارقات العجيبة يصير المصدر السري معلوم فطبيعة الوقائع توضح المصدر الذي أعطى المعلومة ولكن الكل يسلم بأنه مصدر سري وهكذا تجري الأمور، وعماد الدليل أحد دليلين، الأول؛ القولي وكما نسميه البينة ويكون عبارة شهادة شاهد أدرك الواقعة بحاسة من حواسه، والثاني؛ الدليل الفني كالبصمة على سبيل المثال».

أوضح نقيب المحامين أن هذا المصدر السري مجهول ولا يتحقق فيه بالتالي ما يجب أن يتحقق في الشاهد حتى تقبل شهادته، ومن ضمن الشروط التي يجب أن تكون متوفرة في الشاهد هي الأهلية في أداء الشهادة وهذه الأهلية مطلوبة وقت مشاهدة الواقعة ووقت الشهادة عليها، والقاضي لا يعرف المصدر السري فكيف يعرف أنه أهل للشهادة أم لا؟، وهل تتوفر في هذا الشاهد الحواس التي يستطيع بها أن يشهد على الواقعة؟، متابعًا: كما يشترط في الشاهد أن يكون مُميزًا فالمجنون غير مُميز».

أشار إلى أن المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه يجب على الشهود الذين بلغت سنهم 14 سنة، أن يحلفوا يمينا قبل أداء الشهادة على أنهم يشهدون بالحق، ولا يقولون إلا الحق، ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا أربع عشرة سنة كاملة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، متسائلًا: «كيف يعرف القاضي أو المحقق أن المصدر السري مُميز أم غير مًميز؟، فالمصدر السري محجوب عن المحكمة فلم يحضر لأداء الشهادة أو لحلف اليمين أو معرفة إن كان يتوفر فيه شروط الشاهد أم لا».

وأكد نقيب المحامين أن حلف اليمين وسيلة هامة جدًا للاستيثاق من صدق الشاهد، فتقول محكمة النقض في أحكام عديدة لها إن اليمين القانونية يوجبها القانون لصحة الشهادة، واستحلاف الشاهد هو أهم الضمانات التي شُرعت لمصلحة المتهم لما في الحلف تذكره للشاهد بالله القائم على نفسه وتحذيره من سقطه إذا هو ما قرر غير الحق.

واستطرد: «الخلاصة؛ أن كل ما يتصل بالمصدر السري يتصل بعصب الشهادة وأساسها وشروط الشاهد وصفاته، وكل هذه أمور لا يستطيع القاضي بها أن يطمئن إلى أن ما نقل عنه الناقل يجوز أن يتلقى منه».