أن نثق بما نراه.. كيف غيرت الفوتوغرافيا نظرتنا لأنفسنا (الأبوة)
تختلف علاقة الأبوة عن الأمومة ثمة اعتقاد أن الأب يكتسب أبوته عبر علاقة تتطور ،يعبر المصورون عن العلاقات بين الأب والطفل بطرق متنوعة
في سن الأربعين ، أصبح المصور فيليب توليدانو أباً، في كتابه المصور "الأب المتردد" يتتبع رحلته في بداية الأبوة الناشئة مع طفلته الرضيعة ،عكف توليدانو علي الاعتقاد بأن كافة الأباء مجانين يفقدون حريتهم بإرادتهم الحرة ، تجربة مرهقة، نوع من العبودية يمكن تجنبه بسهولة لو كانوا أكثر حرصًا ، هكذا يري الأبوة والأمومة بمثابة سجن.
يقول" إذا كنت قد أخبرتني ، قبل بضع سنوات فقط ، أنني سأصبح أبًا ، لإتهمتك بالجنون أنا .. أب ؟؟ أنا طفل ضخم ، لا أتحمل مسؤلية ، في ذلك الوقت ، لم أكن أريد فقط أن أكون والداً. لكني لم أحب الأطفال حتى، في اللحظة التي يبدأ طفل في الصراخ ،وفعل أي شيء يمكن أن يحطم سلامي الشخصي ، كنت أعتبر ذلك بمثابة إشارة هروب،عندما تصبح والدًا ، يمت جزء منك ، ذلك الجزء منك الذي رأى العالم كمكان مفتوح كنت فيه في المركز.عندما تنجب طفلا ، أنت نفسك لا تعود طفلا ، لأنك في سلسلة التطور البشري أعطيت الحياة لشخص آخر والآن عليك أن تتحمل المسؤولية "
يُعد الترتيب الزمني لكتاب توليدانو هاما لرصد تحوله ،من مراقب مرتبك لمشارك متحمس، من المصور إلى الأب يمر توليدانو بالعذاب والفزع والارتباك وفقد النوم ، إعادة اكتشاف علاقته بزوجته وبنفسه وطوال هذه الرحلة من الشك الذاتي والذنب ، نشاهده وهو يقع في الحب.
الأب المترددPhillip Toledano
إذن ما الذي تغير ربما هو ما يصفه علم النفس من قدرة الرجال علي اكتساب الأبوة وبناء مشاعرها العميقة بداية من القلق والارتباك..مواجهة الولادة نفسها.. ذلك الكيان الذي يتحسس طريقه لعالم مجهول هو بعض منك .. والتخبط ثم الفرح الكبير ... الاكتشاف المبهر لإعادة دورة حياتك ...الحبو ، الأصوات الأولى ، الضحكة الأولي المرتبطة بك وحدك ، ترى طفلك يصبح شخصًا حقيقيًا ، انعكاس لك ،ترى في طفلك كل الأشخاص الذين عرفتهم من قبل ، وكل الأشياء التي فعلتها ،وكل تجربة مررت بها ، ترى هذا ينعكس في عينه ، في أفعاله ، في هويته.
الأب المترددPhillip Toledano
"عندما سُئلت مرة أن أصف السنة الأولى من حياة طفلي - قلت إن أفضل يوم في حياتي يحدث كل يوم ، طوال اليوم ، لمدة عام كامل.! إنها في الحقيقة تجربة رائعة ،اعترف كنت أري الأطفال من قبل مجرد أشياء يضيفها الرجل لسجل حياته مثل الشهادات الجامعية والوظائف المرموقة والآن بعد أن أصبحت والدًا ، أدرك الأطفال على حقيقتهم. إنهم بشر صغيرون ينمون ، أعترف بأنني أعود بالتفكير في كيفية رؤيتي للأبوة - لقد كانت طفولية،حب الطفل ليس له علاقة بالشكل الذي تبدو عليه ، ومقدار الأموال التي لديك ، وما تفعله في العمل ،أنت عالمهم، فأنت بطلهم."
الأب المترددPhillip Toledano
يري توليدو أن ثمة صورا نمطية ينشأ عليها الرجال ربما هي السبب في هروبهم من تحمل المسؤلية وفكرة الأبوة ، ربما هي صورا ناتجة عن طفولتهم ،الأبوة هي إعادة اكتشاف طفولتك ولكن في جزء منك ، ومن الصعب أن يرغب طفل مر بظروف صعبة إعادة طفولته مع أبناءه ، هذا نتاج أباء منفصلين وعائلات ممزقة وصراعات الأزواج
،من جانب أخر يصور المجتمعالأباء على أنهم حمقى ،متبلدين عاطفيًا ومتعثرين،و دائمًا محبطين،وخائنين لزوجاتهم ، أو على الأقل أرادوا ذلك ؛ و الزوجات يتذمرن وتربية الأطفال عمل روتيني.
يقول "هذا ما يقدمه التلفزيون ، جعلك تصدق شيئًا غير صحيح،الأسرة كموضوع للصرا،ع والزواج كمؤسسة فاشلة والأبوة كقيد،ولا يسعك إلا أن تقر بأنهم يجعلون الحياة الأسرية ، بما في ذلك الأبوة والأمومة ، تبدو سيئة. "
الأب المترددPhillip Toledano
يتمتع كتاب توليدانو بالقدرة على إلهام الأباء الجدد بالتحلي بالصبر عندما يقومون بتربية أطفالهم حديثي الولادة ورعايتهم،الكتاب شخصي وصادق وممتع للغاية، يكشف لمحات من التناقضات التي نواجهها والتساؤلات التي تعترينا إن بساطته المباشرة هي التي تجعله ممتعًا للقراءة.
أب أخر متردد من منظور مختلف،اختار المصور بدوام جزئيديف إنجلدو المواقف المرحة والسخرية من ذاته للتعبير عن مخاوف وصعوبات الأبوة لطفل جديد، عندما ولدت ابنته لم يرغب في التقاط الصور التقليدية لحديثي الولادةكانت الصور وسيلته لتسجيل ما كان يدور في ذهنه كأب لأول مرة ، كانت بمثابة مذكرات مصورة لكنها لا تخلو من حماقة وفكاهة ودعابة مخاوفه وتساؤلاته .
التقط صورة لنفسه وهو يحمل ابنته ، أليس بي ، بينما يقوم في نفس الوقت بدفق حليب الثدي في كوب "أفضل أب في العالم". يقول "عندما بدأت لأول مرة ، كانت الفكرة أنني أردت نوعًا ما أن أسخر من نفسي لأنني كنت أشعر بالإرهاق الشديد والحرمان من النوم، لذلك أردت أن ألتقط مدى الجهل والفوضي والنعاس والتعب الذي شعرت به. "
جمعت الصور في كتاب ،( اعترافات أفضل أب في العالم). بالإضافة إلى الصور ، يعرض الكتاب قصص عن الأبوة ونصائحه للآباء الجدد.
Dave Engledow –أفضل أب في العالم
ربما تسمع لأول مرة عن Purity Balls أو كرة النقاء ، هو في الأساس التزام تلتزم به الابنة تجاه والدها للحفاظ على العفة حتى الزواج و"عيش حياة نقية أمام الله"، تقام هذه الاحتفالات في العديد من الولايات الأمريكية ، وغالبًا ما تأخذ الفتيات أنفسهن قرار حضور الاحتفالات من منطلق قناعاتهن وإيمانهن ، وفي كثير من الحالات لم يعرف الأباء أي معلومات عن الحدث إلا من خلال بناتهن .
جذبت هذه الصورة عن الأبوة ، المصور السويدي ديفيد ماجنوسون ودفعته للسفرمن السويد وهي واحدة من أكثر الدول علمانية في العالم إلي أمريكا ليلتقط سلسلته (نقاء) وهي صور للعديد من الأباء والبنات بعد أن حضروا "كرة الطهارة" تسلط صوره الضوء على رغبات هؤلاء الآباء في حماية بناتهم ، واعتزاز البنات باتفاقية النقاء والحب المتبادل القائم بينهما، وفي المقابل يوقع آباؤهم تعهدًا يعدون فيه بحماية عفة بناتهم،وفي بعض الأحيان يتم تبادل الخواتم كرمز لعهودهم.
" تخيلت أن الأباء الأمريكيين الغاضبين مرعوبين من إيذاء بناتهم أو شرف أسرهم، أردت أن أتحدى تحيزاتي الخاصة وأن أحاول فهم هذه الظاهرة التي كانت غريبة جدًا بالنسبة لي ، لاستكشاف كيف تؤثر تجاربنا الخاصة على ردود أفعالنا تجاه ما نواجهه ولكن عندما اقتربت أكثر ، فهمت أنهم مثل جميع الآباء ، يريدون ببساطة حماية بناتهم بأفضل طريقة عرفوها شعرت بالدهشة لأنني رغم تفتحي الشديد وعلمانيتي ، كنت متسرعًا في الحكم على الأشخاص الذين أعرف القليل عنهم، أردت تصوير صور جميلة جدًا بحيث يمكن للفتيات وآباؤهن أن يفخروا بالصور بنفس الطريقة التي يفخرون بها بقراراتهم - بينما شخص من ثقافةمغايرة قد يرى قصة مختلفة تمامًا في نفس الصور. "
تهدف سلسلة "النقاء" إلى جعلنا نفكر في مفهوم الحماية المرتبط بالأبوة وكيفية تشكيل هذا المفهوم في ضوء الثقافة التي ننشأ عليها وتأثرنا بالقيم التي غرست فينا.
الصور هي أكثر الأفعال التي تنطوي علي حميمية ،هي تواصل صامت يحوي الكثير من الذكريات والمشاعر والمخاوف ، ثمة الكثير مما لا يقال تكشفه الصور هي إعادة اكتشاف لذاتك وللأخرين
ينطلق مشروع الأبلغابرييل داباسينسكايت ، من فكرة الفقد ،ترتبط الأبوة بالحماية والإحتواء وهو ما تشعر أنها تفتقده دائما بسبب فقدانها لأبيها فيالصغر،من هنا تكشف صورها مفهوم الحب المتبادل وعمق الرابطة في علاقة الأباء بأطفالهم ونظرة أولادهم لهم بإعتبارهم العالم ،في بعض الأحيان تظهر الصور الخوف والارتباك خاصة في وجوه الأباء الجدد ، لكن الإصرار علي النجاح في العلاقة والشعور بالإنتماء لهذا الكيان والحب غير المشروط هو الغالب دائما .
"أعتقد لأنني فقدت أبي في سن مبكرة ، أصبح افتقاد شخص ما طوال حياتي جزء مني ... صرت أعتنق الأبوة أنظر لنفسي لأنني لم أعشها ،عندما ألتقط "الأبوة" في صوري أفكر ماهو شعور أن يكون لديك أب أضع نفسي مكان الأطفال ،الأب مهم جدا في حياة الطفلوآمل ألا يضطر أطفالي إلى تجربة الفقد أبدًا".
(Gabriele Dabasinskaite)-الأب
"منذ زمن طويل أدركت أن الحياة ليست عادلة"يكتب المصور الأمريكي ليون بورينسزتين في مذكراته هذه الجملة ليتذكر بها ابنته شارون ،يعد كتابه "شارون" ، بمثابة شهادة لأب مرتبك ومحبط ينمو مع طفلته وينضج بالدخول في عمق علاقة مع طفل هش قدر أن يكون طفله بالامتزاج والتواصل يصبح محبًا .
عبر توثيق كل مرحلة من مراحل الحياة الصعبة لابنته - التي شخصت بنقص في نموالعصب البصري ، وتعتبر كفيفة. يقول " لا تلتقط الكاميرا كل شيء، هناك الكثير من التعقيدات وليالي مع الأطباءبدون وجود امل واضح ، لحسن الحظ ، كما تشير الصور ، هناك أيضًا الكثير من لحظات الحب".
يحثه المرض على تتبع حياة شارون من خلال تصويرها باستمرار على مر السنين ، اعتبرت جلسات التصوير جزء من علاج شارون التي لديها مهارات حركية محدودة وطيف توحد ساعدت الصور في إقامة تواصل حميمي معها واستكشاف سلوكها وتطورها الفكري .
بعد ولادة ابنه ، ابتعد كريستوفر أندرسون - الذي نال شهرة دولية لتوثيقه مناطق الصراع ،عن تصوير الحرب حيث تعكس صوره الروابط الحميمةفي الحياة الأسرية، في كتابه المصور الابن ، وهي سلسلة من الصور الحميمة التي تعكس الجمال النقي للحياة الأسريةقام المصور كريستوفر أندرسون بتحويل كاميراته لحياته الخاصة لاستكشاف الأبوة من منظورين - كونه أبًا لابنه الصغير وكونه ابنًا لوالده المسن والمريض. من أول ركوب الدراجة إلى الفحوصات الطبية ، تذكرنا صور أندرسون بالطبيعة الدورية للحياة والموت وأهمية الاعتزاز وتقدير اللحظات التي لن تعوض بين الأب والابن.
Christopher Anderson- الابن
يقول"هذه الصور هي استجابة لتجربة هي أكثر التجارب تميزًا وشمولية، ولادة طفلي، في نفس الوقت الذي كنت أشعر فيه بفرحة الحياة الجديدة ، شخص والدي بسرطان الرئة، وجدت نفسي أفكر في تساؤلات واضحة عن الحياة والموت.ولأنني أب ، اكتسب دوري كإبن معنى جديدًا ، وكانت حواسي شديدة الإنتباة لمعني حياتي، كنت واعيا لكل لحظة تمر من عمري ،حريصا علي تذكرها وبلورتها ،إنها سجل للحب وانعكاس لطبيعة الحياة ".
تصوير الصور كان في الواقع عفويا تمامًالم يخطط له ، مثل أي والد ، كان كريستوفر يصورطفله ، لكن شعورا ما بالحميمية والألفة يتسرب لنفسك بمجرد مشاهدة الصور، تدفعك الصور لتساؤلات حول اللحظات الخاصة التي ينبغي عرضها أو الإحتفاظ بها في سجل الذاكرة ، هل ينبغي أن نسجل ذكرياتنا لتخليدها ونحتفي بلحظاتنا السحرية ،في لحظات الميلاد نستكشف الموت .
