رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاربو الفساد.. كيف لاحقت الرقابة الإدارية المرتشين على مدار 7 أعوام؟

هيئة الرقابة الإدارية
هيئة الرقابة الإدارية

عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم عام 2014، وفي 28 أغسطس من ذات العام، زار الرئيس، مقر هيئة الرقابة الإدارية، لحضور اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد ، وأكد خلال الزيارة على دعمه الكامل للأجهزة الرقابية، والتي يحتاج المجتمع المصري لدورها أكثر من أي وقت مضى، منوها بأهمية التنسيق بين الأجهزة الرقابية، إعمالا لمواد الدستور في هذا الصدد، وموجها المزيد من التعاون والتنسيق.

 

ووفق الدستور في المادة 218 منه: "تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية".

محاربة الفاسدين 

خلال تلك الزيارة أعطى “السيسى” الضوء الأخضر لرجال الرقابة الإدارية لمحاربة الفاسدين،وتتبع المرتشين واستئصالهم من المجتمع، وتم أيضا إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد حتى 2018، ثم أطلقت الدولة استراتيجية مماثلة في 2019، ويمتد تنفيذها حتى 2022.

السيسي

وعلي مدار ال7سنوات الماضية، طاردت الرقابة الإدارية الفاسدين والمرتشين، كما كان لها دورا في مراقبة كافة الأعمال التي تنفذها الجهات الحكومي، وتستمر حاليا بقيادة الوزير حسن عبدالشافي، فى ستكمال دورها لتحقيق العدالة والشفافية والنزاهة.

 

وعمل الجهاز خلال الاعوام الماضية،  من خلال الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، على الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومي والإداري للدولة ‏وتحسين الخدمات العامة وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة في كافة عناصر المنظومة الإدارية وسن وتحديث التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد ورفع مستوى الوعي الجماهيري بخطورة الفساد ومكافحته ‏بغرض تهيئة الأجواء الإيجابية التي تمكن حكومات الدول من الإسراع بحركة التنمية ‏وتيسير حياة الأفراد والمجتمعات.

 

ضربات موجعة للفاسدين والمرتشين

وجهت  هيئة الرقابة الإدارية في  2015، العديد من الضربات الموجعة وكان حصادها ملفتًا للعديد من المراقبين في الداخل والخارج، كما أثارت بدورها ضجّة عارمة لدى الرأي العام الذي رحّب كثيرًا بالهيئة خاصة أنها قضايا اتهم فيها عددًا من كبار المسئولين والشخصيات المهمة «بالصّوت والصّورة».

وألقت الهيئة في ديسمبر 2016 القبض ضبط جمال الدين محمد إبراهيم اللبان، مدير عام التوريدات والمشتريات بمجلس الدولة، داخل منزله بالقاهرة، وبتفتيش مسكنه تم العثور على 24 مليون جنيه، إضافة إلى 4 ملايين دولار أمريكي، و2 مليون يورو، ومليون ريال سعودي، بما يعادل 155 مليون جنيه، إضافة إلى كمية كبيرة من المشغولات الذهبية وعقود عقارات وسيارات نتائج رشاوى.

وفي نفس الشهر في ديسمبر 2016 تم إلقاء القبض على شبكة لتجارة الأعضاء ضمّت 41 متهمًا مصريين وأجانب، منهم 12 طبيبًا وعدد من الممرضين ومجموعة من أساتذة الجامعة.

كما تم  القبض على رئيس الإدارة المركزية للطريق الدائري، التابعة للهيئة العامة للطرق والكباري ومهندس بذات الإدارة، وكذلك القبض على مستشار بمحكمة استئناف الإسكندرية، متلبسًا برشوة لإخراج متهمين في قضية جلب مخدرات.

وفي نوفمبر 2016، تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من القبض على مساعد رئيس مجلس إدارة إحدى شركات البترول للمشروعات، ومدير عام مساعد توريد العمالة بإدارة الموارد البشرية بشركة بترول تعمل في مجال الصيانة، لتقاضيهما رشوة بلغت 18 مليون جنيه.

 

وفي أغسطس 2017 ألقت الجهات الرقابية بالإسكندرية القبض على قاضٍ بمحكمة الإسكندرية، ومحامين متلبسين في قضية رشوة، للحكم ببراءة أحد المقاولين في قضية توثيق قطعة أرض.

 

أغسطس 2017، داهمت هيئة الرقابة الإدارية مخازن التموين بوزارة الصحة لضبط تشكيل عصابي خلال اختلاسهم أحراز المخدرات المخزنة بالوزارة لصالح النيابة العامة، وتقدر قيمتها بـ4 ملايين جنيه.

وعلي مدار الأعوام الماضية ألقت الهيئة القبض علي العديد من الفاسدين والمرتشين، أهمها أيضا القبض على وزير الزراعة الأسبق، صلاح هلال، وكذلك نائب محافظ الإسكندرية سعاد الخولي، ورئيس مصلحة الضرائب عبد العظيم حسين، كما تم القبض علي رؤساء إحياء بسبب تلقيهم رشوة واستغلال نفوذهم، وشهدت ال٧ سنوات الماضية ثورة كبيرة علي الفاسدين والمرتشين بكافة الجهات.

 

وبالمقارنة بين الفترة من  ٢٠١٠ / ٢٠١٣ والفترة  من ٢٠١٤/ ٢٠١٧ والتي تولى فيها الرئيس السيسى المسؤولية‏، وفقا للواء "عرفان" حينها، كان من نتائجها نجاح برامج الإصلاح الاقتصادي في مصر وأنها وضعت على الطريق الصحيح، وأنه يتم التأسيس لاقتصاد حقيقي يصلح للاندماج في الاقتصاد العالمي ‏وانعكس ذلك في التحسن النسبي الذي شهدته العديد من ‏مؤشرات الحوكمة ‏للدولة خلال الفترة الثانية وكذا مؤشر التنافسية العالمي.

 

  و‏ارتفع تصنيف مصر الائتماني من سالب CAA1 خلال الفترة الأولى إلى مستقر B3 خلال الفترة الثانية، كما تضاعف معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 2،1 % إلى 4،2 %، وارتفع مؤشر التنافسية العالمية من 118 إلى 100 وتضاعف صافى الاستثمار المباشر من 7،8 مليار دولار إلى 21،2 مليار دولار، وازداد أعداد الشركات التي تم تأسيسها من 8945 إلى 37691 بمعدل 400 % وانخفضت معدلات البطالة من 13،2 % إلى 11،98 % نتيجة تنفيذ عديد من المشروعات الكبرى وما تبعها من زيادة حجم الاستثمارات في عديد من قطاعات الدولة أبرزها قطاع الكهرباء، الاتصالات، البترول، النقل والصحة.

 

كما تم انجاز الدولة عدد من المشروعات القومية الكبرى المتمثلة في سلسلة المدن والعاصمة الإدارية الجديدة لمصر وما ستشهده المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومشروع المثلث الذهبي من تنمية صناعية ولوجستية.

وفي 2017، تم إنشاء الاكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد في مصر بهدف مكافحة الفساد وتأكيد مبدأ النزاهة والشفافية في إطار تفعيل الدستور المصري واتساقا مع قانون هيئة الرقابة الإدارية الذي شهد تعديلات عام 2017، ولفت إلى أن المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها مصر ستجعل منها مركزا اقتصاديا يربط الشرق بالغرب مثلما كانت سابقا

وتمكنت الدولة خلال الأعوام الماضية  من إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية والأممية وصلت إلى ٢٥ اتفاقية من اجل مكافحة الفساد ومنع حدوثه وانطلاقا من رؤية الهيئة التى تؤمن بمجتمع يدرك مخاطر الفساد ويرفضه بدعم من جهاز إدارى يعلى قيم الشفافية والنزاهة ومشهود له بالكفاءة.

بنية معلوماتية

لعبت هيئة الرقابة الإدارية دورا مهما، فى البنية المعلوماتية، وتحديدا مشروع التحول الرقمي للدولة المصرية.

فوفقا لتصريحات إعلامية لعضو هيئة الرقابة الإدارية تامر هواش فإن الاستراتيجة للتحول الرقمي للدولة المصرية بهدف ربط كل الجهات والوزارات عن طريق محول مركزى بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وأضاف أن البنية المعلوماتية كانت تمثل تحديا كبيرا نظرا لما تبين من عدم تكامل قواعد البيانات بجهات الدولة من حيث حداثة ودقة وإكتمال البيانات بالإضافة لعدم وجود ربط بينى بين قواعد البيانات بجهات الدولة والتى كانت تعمل بشكل منفصل كجزر منعزلة.

 

وقال: بدأت المرحلة الاولى فى يوليو ٢٠١٦ بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء بنية معلوماتية موحدة ومحدثة عالية الجودة والتأمين من خلال دمج وتكامل قواعد البيانات مع التأكيد على سرية البيانات للحفاظ على خصوصية المواطن وكان المُستهدف خلال المرحلة الأولى دمج (9) قواعد بيانات، وبنهاية المرحلة بلغ عدد قواعد البيانات التى تم دمجها وتكاملها عدد (34) قاعدة بيانات تتضمن (١١٥) مليون سجل للمواطن من خلال 1٫2 مليار معاملة مع مراعاة البُعد الإجتماعى والصحى للمواطن وما يتلقاه من خدمات أو دعم من الدولة.

 

وأكد أنه تم تكوين ٢٢ مليون أسرة بينهم ٢٧ مليون مواطنا لا يملكون بطاقة رقم قومى داخل منظومة الدعم التموينى وتم تصحيح ٢٢ مليون منهم آلياً بدون تدخل العنصر البشرى ووضع ٥ ملايين على بوابة «دعم مصر» لاستكمال بياناتهم تمهيدا لإصدار بطاقاتهم. وأكد ان هذه الخطوة ساعدت الدولة فى تحديد الفئات الاولى بالرعاية وضبط منظومة التموين وحذف غير المستحقين من الأفراد الوهميين والتكرارات والوفيات لضمان اعادة توزيع الدعم ووصوله لمستحقيه، واشار عضو هيئة الرقابة الادارية الى انشاء قاعدة بيانات تخص منظومة التعليم والتى ساعدت فى تحديد المتسربين من التعليم وضبط كثافات الفصول، كما لم يكن هناك قاعدة بيانات واضحة لذوى الهمم وعقب تدشينها ساهمت فى اصدار ٧٠٠ ألف بطاقة خدمات موحدة لهم.

وأشار إلى أن مشروع البنية المعلوماتية للدولة فى المرحلة الثانية خلال الفترة من يوليو ٢٠١٧ وحتى ديسمبر ٢٠١٨ كانت تكلفته ٤٧٠ مليون جنيه بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الخدمات ويشمل المنصة الاساسية (منصة البيانات) والتى تمثلت نتائجها فى تكوين السجل الموحد للمواطن يضم ١٠٤ ملايين شخص على قيد الحياة وإنشاء السجل الموحد للكيانات الاقتصادية وربط نتائج المرحلة الثانية مع الوزارات وتوفير ٣٣٫٤ مليار جنيه وتوجيههم الى مستحقى الدعم.

وأضاف ان المرحلة الثالثة من المشروع انطلقت تحت مسمى البنية المعلوماتية والتحول الرقمى للدولة المصرية وتتكلف ١٢٨ مليون جنيه وتهدف لتحسين الخدمات المُقدمة للمواطنين ووضع شكل موحد للخدمات وتتضمن المرحلة الثالثة منصة المعلومات ومنصة الخدمات وتضم تقديم الخدمات الشخصية للمواطن مثل الهوية الرقمية والاستحقاق والاستبعاد وشخصنة الخدمات معتمدة على البنية المعلوماتية بهيئة الرقابة الإدارية وهو ما يضمن حصول الافراد على كل الخدمات بسهولة ويسر.

 

مؤشر الفساد

ووفقا لاحصائيات رسمية فإن مؤشر الفساد عام 2018، شهد انخافضا  في انتشار الفساد عن عامي 2017_2016، كما أن مؤشر انخفاض الفساد الإدارى شهد نزول 12درجة في 2018 مقارنة ب 2016، نتيجة الجهود الحكومية المبذولة لمنع انتشار الفساد.

 

كما أن الدولة  قفزة فى مؤشر عام 2020 الخاص بجاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، الصادر عن مؤسسة (أوكسفورد إنسايت) للمركز (56) من إجمالى عدد (172) دولة... بتقدم قدره (55) مركزاً مقارنًة بعام 2019.

و شهدت مؤشرات الفساد في الأعوام التالية انخفاضا ملحوظا نتيجة للجهود المبذولة من الدولة لمنع ومكافحة الفساد الإدارى.

 

 التحري عن موظفي الدولة

ساعدت الهيئة الجهاز الحكومي وقطاع الأعمال العام في التحري عن شاغلي وظائف الإدارة العليا والمرشحين لنيل الأوسمة والنياشين، والتحري عن حالات الكسب غير المشروع تنفيذاً لقانون الكسب غير المشروع، وبناءً على ما تقرره هيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع، التحري عن العمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال بالتنسيق وتبادل المعلومات مع وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي.

 

ولم تكتفي الهيئة بدورها المحلي فقط، بل حرصت على تعزيز التعاون المحلى والإقليمي والدولي لمنعه ومكافحته، فتم تشكيل هيئة الخبراء الوطنيين والتي تضُم ممثلي كافة جهات إنفاذ القانون ووزارة الخارجية، لتعزيز التعاون فيما بينها، وإعداد التقارير الخاصة بمتابعة تنفيذ مصر لالتزاماتها الدولية المُتعلقة بمنع ومكافحة الفساد.

كما تم تدريب كوادر أجهزة مكافحة الفساد بعدد (25) دولة أفريقية وبإجمالي (749) مُتدرب بالأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، واستضافة الدورة السادسة لمؤتمر الدول الأطراف للأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد بمدينة شرم الشيخ عام 2017، استضافة المُنتدى الإفريقي لمكافحة الفساد عام 2019 كما تقرر استضافة مصر لمؤتمر الدول الأطراف فى الاتفاقية الأُممية عام 2021، وهو الحدث الأكبر عالمياً فى مجال مكافحة الفساد.

 

ونجحت الهيئة فى تهيئة مناخ جاذب للاستثمار، وتنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية تم انشاء الإدارة المركزية لدعم الاستثمار لبحث كافة المعوقات التى تواجه المستثمرين و مقترحات الحلول و منحهم الثقة للعمل و الاستثمار دون تخوف لان الضرر الواقع على الخزانة العامة للدولة من جراء حرمانها من الفرص الاستثمارية لا يقل حجما عن الضرر الذى يلحق بها من الفساد بمفهومه الأشمل.