رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد أسبوع واحد من رحيله.. رثاء صالح مرسي ليوسف إدريس

صالح مرسي
صالح مرسي

في مقال للكاتب الصحفي الكبير صالح مرسي نشر في مجلة «المصور»، بتاريخ 9 أغسطس 1991 رثى "مرسي" الأديب الكبير الراحل يوسف إدريس بعد 8 أيام فقط من رحيله فكتب يقول: "صعب... صعب عليَّ أن أكتب شيئًا عنه بعد رحيله... فهل رحل فعلًا؟! كان مريضًا نعم... وكنت أعرف طبيعة مرضه وكنت كلما سألت طبيبًا من الأصدقاء، جاءتني الكلمات مشيرة إلى الحقيقة، مشيرة إلى الدعاء بتحقق معجزة، وكان السؤال اليومي، منذ سفره للعلاج: كيف هو؟ كيف حاله...؟ وكانت الأنباء تشير إلى أن المعجزة قد تحققت، وأن الشفاء قريب... حتى تلك الكلمات التي كانت تأتيني عبر الهاتف من الأصدقاء في العاصمة البريطانية، كانت تؤكد أن الأزمة قد مرت، وأن الشفاء أصبح قريب المنال. حتى كان ذلك الصباح، وإذا بالنبأ يأتيني عبر الهاتف، وإذا بالفجيعة تتفجر في الصدر، وإذا الكون خواء خلاء، فهل من الممكن أن يموت يوسف إدريس؟! هل من الممكن أن نتصور الحياة الأدبية في مصر من دونه؟!".

ويضيف صالح مرسي في مقاله بالمصور أو في رثاءه: "صعب... صعب عليَّ أن أصدق، فلقد كانت كلماته هي التي قادتني إلى حيث أنا اليوم... منذ نحو أربعين عامًا، كانت حيويته وحماسه وجرأته عناصر تدفع بالدماء مزغردة في العروق، محرِّضة على اقتحام المجهول، والسير نحو المستقبل بخطوات ثابتة واثقة! كنت بحارًا... وكان يوسف إدريس مثل البحر تمامًا... كان صاخبًا كما كان هادئًا، كان ضجرا كالموج الهادر، ساكنًا كسطح مياه له حنان الأم... وكان عميق الغور، كما كان كتابًا مفتوحًا لهؤلاء الذين عرفوه وأحبوه!".

وكان يوسف إدريس كبيرًا منذ لحظة الميلاد، فمَن غيره قدم عملَه الأول عميدُ الأدب العربي د. طه حسين؟! بل هو الوحيد الذي انتصر على العميد حين كتب عنوان مجموعته الأولى «أرخص ليالي» كما ينطقها العامة لا كما يقرؤها العميد في قاعة المحاضرات! ولأن أغلب مَن كتبوا عن القرية كتبوا من وراء لوح زجاجي، من شرفة «العمدة»، دون أن تتسخ ملابسهم، أما هو فقد كتب «الحرام» و«العيب» و«النداهة» من تراب الأرض، لذا لم يكن غريبًا أن يراه الأبنودي رجلًا من «صياغة الطبيعة»!