أن نثق بما نراه ..كيف غيرت الفوتوغرافيا نظرتنا لأنفسنا (القبلات)
أكثر من 100 صورة مجهولة عثر عليها وجمعت في عام 2018 في كتاب بعنوان (People Kissing: A Century of Photographys)، يوثق جميع أنواع التقبيل، من العصر الفيكتوري وحتى الوقت الحاضر. جمعت الفنانتان باربرا ليفين ومعاونتها بايج رامي، من هيوستن، كل أنواع الصور التي عثرا عليها لأكثر من 20 عامًا، جابتا أسواق السلع المستعملة بحثًا عن لقطات عائلية مهملة وبطاقات بريدية قديمة. وأوضحت ليفين أن الصور التي انجذبتا إليها
"تتجاوز الزمان والمكان" و"تتحدث عن الأسئلة والأحاسيس المعاصرة."
ضم الكتاب عددا من صور التقبيل المختلفة لقطات لعشاق حقيقين يذوبون روحا وجسدا رغم إدراكهم لوجود الكاميرا، أزواج يتحول تركيزهم بالكامل لفعل العناق، مداعبات مفعمة بالحيوية والسعادة، ثمة صور تجسد حب الشباب بشهوته وعنفوانه وصور لحب عميق، ثمة قبلات سرية مسروقة وقبلات عفوية.
تكشف الصور عن الرغبة الخالدة في التقاط لحظات خاطفة صادقة من التقارب الجسدي والروحي وتجسد العاطفة بصورتها الجامحة، تحمل الصور دليلا على الرغبة أو استحقاق الحب، كما تنقل استجابات المشاهدين والتشويق الذي يظهر عبر التلصص أثناء مشاهدة اللحظات الحميمة بين الغرباء.
يقول أدونيس" ما القبلة؟ قطاف مرئي لثمر غير مرئي
فعل التقبيل نفسه خيالي وساحر يحملك للتذكر أو الابتسام أو ربما ضربات القلب السريعة تقول باربرا ليفين: "من المستحيل عدم النظر إلى صورة أشخاص يقبلون بعض".
1955. Photographer unknown. Barbara Levine
عرضت الصور الأولى من الكتاب صور التقبيل في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قبل انتشارالتصوير الفوتوغرافي، كان التقبيل فعلا خاصًا، وكانت صور التقبيل غير شائعة لكن غيّرت الفوتوغرافيا كل شيء، صار يمكن إعادة إنتاج أكثر التعبيرات حميمية وسرية عن العاطفة ومشاركتها علانية ويشجع الأشخاص على إظهار عاطفتهم تجاه الكاميرا.
بالبحث وجدت ليفين إحدى المطبوعات المكتوبة بالأبيض والأسود منذ عام 1910، الصور مصحوبة بنص "مشهد مشترك، غير مرئي بشكل عام" العديد من الصور المماثلة، التقطت في استوديوهات بكاميرات ضخمة كبيرة الحجم، كبطاقات بريدية لعيد الحب. غالبا تحاكي الصور مشاهد من السينما الصامتة السائدة في هذا الوقت.
Photographer unknown. Barbara Levine
في منتصف القرن العشرين مع ظهور الكاميرات المحمولة باليد المتاحة وانتشارها على نطاق واسع مثل كاميرات Brownies و Polaroids، أصبحت الصور أكثر عفوية وأكثر حميمية.
التقطت الصورة التالية، في منزل عام 1968، تظهر عشيقين مسترخيين على الأرض هاربين وسط تفاصيل حياتهم اليومية الظاهرة في اللقطة، الرجل يداعب كعب قدمها، تبدو اللقطة كما لو كانا قررا الاحتفاظ بذكري اللحظة حيث تقع وجوههما خارج الإطار، لكن اللقطة تمنحنا تخيلا لعمق اللحظة وتفاصيل القبلة كم هي مريحة وحنونة ومحتوية .
1968 مصور مجهول
كما تشير ليفين، عدم الكشف عن هوية الصور، حيث المصور والموضوعات غير معروفين، يدعونا للتخيل غير المحدود عندما تنظر إلى صورة عثر عليها.. فأنت تقوم بتنشيط قصة في خيالك.
نندمج في محاولة ملء الفراغات والإجابة عن تساؤلات تتقافز في مخيلتنا، ما هي القصص وراء الصور؟ هل كانوا يفتعلون المشاعر ويتظاهرون أمام الكاميرا أم هي لحظات خاطفة عفوية؟ هل هو حب متبادل؟ هل تشبه طريقة تقبيلهم التقبيل الآن؟ هل هم أكثر شهوة وجموحا أم أكثر حميمية وحبا؟من هو المصور غير المرئي الذي تمكن من الوصول إلى اللحظة الحميمة؟.
الصورة المفضلة لدى Levine هي التي تطرح الأسئلة، مثل لقطة صورت عام 1950، تلتقط الكاميرا لحظة عشق بين حبيبن مندمجين في التقبيل على الأريكة، بينما ينظر صبي صغير إليهما بدهشة وفضول، كما لو أن هذا الصغير هو كل فرد منا يتلصص عليهما في المشهد إنه سيناريو يظهر عبر جميع صور المجموعة، عندما يكون هناك شخص آخر أو أشخاص في الغرفة يشاهدون فعل التقبيل ترتسم علي وجوههم نفس ردة الفعل، نتشارك جميعا في استجابتنا ننتبه للحظة العشق ونؤخذ بها، ننبهر نسخر، نتمني، نفرح، نتذكر، ثمة فعل عابر يحدث خارجنا لكنه يؤطر إحساسنا ويدفعنا للنظر لأنفسنا في الوقت نفسه يتشارك العشاق في الهيام والامتزاج والتلاشي ربما غير مباليين بوجود الكاميرا.
Photographer unknown. - Barbara Levine 1950
التقط المصور المقيم في نيويورك بن لامبرتي في عام 2013 مصادفة صورة لزوجين يقبلان بعضهما البعض، ألهمته الصورة بتصوير سلسلة كاملة نشرت الصور في عدد ديسمبر 2013 من نشرة ألمانية تسمى Zeit Magazine. مرفقة بمقاطع من الأغاني العاطفية الشهيرة مثل: "كل ما تحتاجه هو الحب، كل ما تحتاجه هو الحب، الحب، الحب هو كل ما تحتاجه." فرقة البيتلز عام 1967.
طلب من أصدقائه التصوير والاسترخاء قدر الإمكان وتقبيل بعضهم البعض، اعتمدت تجربته علي التركيز علي القبلات بغض النظر عن العلاقة بين الطرفين فقد كان بعضهم أزواجًا حقيقيين بينما كان البعض الآخر مجرد أصدقاء جيدين.، جلس بن كمراقب هادئ، على أمل أن ينسوا أنه متواجد في نفس الغرفة. كان هدفه هو التقاط لحظات عاطفية قوية، مع ملاحظة الفروق في لحظة التقبيل بين الزوجين وتسجيل لحظات الحميمة في مقابل التقبيل بهدف المتعة العابرة.
Kissing Experiment
عندما سئل عن التجربة برمتها، قال بن: كان من المثير للاهتمام أن نرى كيف كان رد فعل الأزواج المختلفين. بدا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأزواج "الحقيقيين" لأنه كان حميميًا بالنسبة لهم أكثر من الأصدقاء الذين قبلوا "للمتعة فقط". بشكل عام ، لقد استمتعنا جميعًا بتسجيل هذه الصور.
تعد مجموعة - Kiss By The Hotel De Ville لروبرت دويسنو من أشهر مجموعات الصور الفوتوغرافية عن القبلات لأنها صور طبيعية وتنضح بالعاطفة بعد ظهر أحد الأيام في (مارس) 1950، خرجDoisneau إلى شوارع باريس مع أصدقاء ممثلين شباب وسمح لهم بالتصوير لم تكن الصور تمثيلية رغم أن الأشخاص عارضين محترفين لكن روبرت كان يلتقط لحظاتهم العفوية حين يمزحون ويتسامرون ويقبلون بطريقة طبيعية جدًا.
والنتيجة صورة القبلة الشهيرة في شارع ريفولي مباشرة على الجانب الآخر من مبنى بلدية المدينة، لحظة خاطفة لا يدرك جمالها سوى العشاق والمصوركما لو أنهم في عالم سحري غير مرئي من حولهم، يمشي المارة لا مباليين، بالكاد يلاحظون الزوجين الشابين؛ سيارات تنطلق والجالسون في المقهى يتحدثون بحماس.
هكذا عبر ببساطة وعفوية عن مفهوم القبلة؛ يقول الكاتب أسامة الشاذلي"كتب الله لنا أنفاسا في صدور من نحب تأتينا بها القبلة" التقبيل فعل حميم للغاية لحظة امتزاج جسدي؛ لحظة توقف الزمن وليست أداء يمكن تزويره أو أداءه دون الشعور بالإكراه والحرج.
The Kiss - Robert Doisneau,
على النقيض قام المصور آندي بارتر ،Andy Barter بتصوير لقطات علوية بدقة لأزواج متشابكين عراة من الخصر إلى أعلى. الفكرة وراء اللقطات تهدف لخلق شكل عضوي واحد من جسدين ممتزجين معا يشكل كل زوجين، بأكتافهما ورءوسهما ووجوههما فقط، رمزًا لتكامل الين واليانغ على خلفية سوداء لم يكن يهدف من الصور خلق الإثارة هو فقط اعتبر فعل التقبيل رمزا للاكتمال بين الرجل والمرأة.
Andy Barter
