رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الفخ المشفر».. «بيتكوين» تسرق نقود المصريين بـ«صفقات وهمية» على مواقع التواصل

البيتكوين
البيتكوين

في عام 2008 قُدمت ورقة بحثية للعالم تتحدث عن تعامل بعملة جديدة أُطلق عليه "البيتكوين"، وهي رقمية مشفرة لا مركزية تم اختراعها من قبل شخص يسمى ساتوشي ناكاموتو، وعبارة عن نظام نقدي إلكتروني، وتم طرحها للتداول أول مرة عام 2009، وتهدف إلى تغيير الاقتصاد العالمي، فهي تعتمد على التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط.

كونها إلكترونية ولم ينتشر نظام التعامل بها بشكل جيد خاصة في الدول العربية، جعل مستخدميها عُرضة للوقوع في فخ النصب باسم الاستثمار، وعلى أثرها تكونت عصابات لاستغلال الحالمون بالثراء السريع، للحصول على أرباح كبير، فقد أصبحت "البيتكوين" عملية رائجة بين المستثمرين حصلوا من خلالها على أرباح كثيرة خاصة مع ارتفاع سعرها.

"الدستور" تواصلت مع عدد من الأشخاص الذين تعرضوا لعلميات النصب بهذا الشكل، والتي انتشرت خلال فترة اجتياح فيروس كورونا المستجد للعالم، حيث كانت "البيتكوين" إحدى الرابحين خلال تلك الفترة بالتوارزي مع شركات الأدوية و"نتفيلكس" التي استفادت أيضًا من تلك الفترة.

اختفاء الشركة

"استثمر عملتك في مجال التسويق"، بتلك العبارة كانت أولى خيوط عملية النصب التي تم حياكتها على خالد ماهر، الذي يعمل موظفًا في إحدى شركات السياحة، فكان الإعلان مغريًا بالنسبة له، فهو يريد الاستقلال بحياته ويفتتح شركة سياحية خاصة به، فكانت تلك العملية هي حلمه لتحقيق قدر كبير من الأرباح تجعله يحقق حلمه خلال فترة قصيرة.

يروي "ماهر"، في حديثه مع "الدستور"، أن فكرته عن "البيتكوين" عبارة عن أنها مجموعة من النقاط يتم جمعها لربح منتج معين، وقيمة العملة الواحدة منها قد تصل إلى 75000 دولار، بالتالي فهي الخيار الأمثل لتحقيق حلم الثراء في وقت قصير، فكان إعلان تلك الشركة التي أعلنت عنها مغريًا بالنسبة له.

وذهب إلى مقر الشركة في اليوم التالي لقرائته الإعلان، مشيرًا إلى أن عملية الإقناع اعتمدت على نفس الطريقة التي كان يحاول بها بعض الأشخاص إقناعنا بالاشتراك في عمليات التسويق الشبكي، لذا بدأ الشك يساوره إلى أن تم عرض عدد من الفيديوهات لأشخاص ربحوا بالفعل جراء التعاون مع تلك الشركة.

وتشجع بعدها لدفع 200 جنيه كاستمارة اشتراك مع الشركة، ثم طلبوا منه توفير 200 ألف جنيه لتداولها والحصول على أرباحهم بعد أقل من 3 شهور، وهو الفخ الذي وقع فيه، فقد مر أكثر من 4 شهور على دفعه ذلك المبلغ لكن المحصلة صفر، وحين عاد للبحث عن الشركة وجدها -كما جاء في وصفه: "فص ملح وداب"، بعدما كان يتواصل معهم بشكل أسبوعي للاطمئنان على أمواله، بدأ التهرب من الرد على مكالماته بعد شهر تقريبًا إلى أن أصبحت هواتف الوصول إليهم مغلقة باستمرار ولم يعدمقر الشركة موجودًا فاكتشف الخدعة.

بحسب أحدث تقارير بينانس عام 2020، وهي منصة لتداول العملات المشفرة، نمت القيمة السوقية للعملات المشفرة من 193 مليار دولار في يناير 2020 إلى 668 مليار دولار في ديسمبر 2020، أيضًا نما عدد العملاء على بينانس بنسبة 46٪ في عام 2020 وحده.

 منشور "الفيسبوك" كان فخًا 

أحمد زهران، ضحية أخرى من ضحايا عمليات النصب باسم "البيتكوين"، يعمل محاسب في إحدى الشركات الخاصة، أثناء تجوله بين منشورات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لفت انتباهه منشور لأحد الأشخاص عن عملية استثمارية تجعله يربح أموالًا كثيرة خلال فترة قصيرة، أيضًا الأمر لا يحتاج إلى رأس مال كبير للدخول في تلك العملية، فقرر التحدث مع هذا الشخص ليفهم منه القصة كاملة.

ويروي "زهران"، في حديثه مع "الدستور"، أن ما كتب عنه هو بيزنس العملات الرقمية، وهي عملية لا تحتاج منه أي مجهود فقط رأس المال الذي يتم وضعه هو الذي يبدأ في تدوير نفسه لتعود أرباحه مضاعفة في وقت ليس بالكثير، وبدأ هذا الشخص يستدرجه في الحديث حتى اكتشف أنه حديث العهد بهذا المجال ولا معلومات لديه عنه، فكانت تلك أكبر ثغرة نجح في استغلاله من خلالها.

وتابع: كان الاتفاق أن أحضر لهذا الشخص مبلغ من المال 100 ألف جنيه، لتعود إليه بعد شهر مضاعفة، وبالفعل قابلته في إحدى الشقق السكنية بمنطقة الجيزة، مدعيًا أنها مكتبه، وبعد أن سلّمته المبلغ مر أسبوع وأردت أن أعرف إلى أين وصلت عملية التداول، فعدت إلى الشقة لتكون المفاجأة أن هذا الشخص هو مستأجر لهذا المكان لمدة شهرين فقط، وبعد انتهاء المدة اختفى ولا يعلم أصحاب الشقة له طريق أو عنوان.

 التعامل بـ"البيتكوين" غير جائز شرعًا

في يناير 2018، أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن تداول "البيتكوين" غير جائز شرعًا، كذلك التعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، محذرًا من الاشتراك فيها، معللاً أن العملة تتسبب في الضرر إثر التعامل من التجاهل والغش في صرفها، ومعيارها، وقيمتها، كذلك مخاطرها العالية على الأفراد والدول.

وأوضح "علام"، في تصريحاته، أن التداول في تلك العملة يمس الدولة، باعتبارها تؤثر على حركة تداول النقد بين الناس وضبط كمية المعروض منه، كذلك تقل الإمكانية الرقابية على أنشطتها، وتفتح المجال أمام عمليات النصب والممارسات المالية الممنوعة.

 للمحترفين لا الهواة

تواصلنا مع هشام بديوي، خبير اقتصادي، الذي أكد أن عملة البيتكوين ليست سوى عملة إلكترونية تحمل كودًا سريًا من الصعب اختراقه، يمكن الحصول عليها من خلال وسائل محددة، وهي أشبه بالبورصة، حيث يختلف سعر تداولها من يوم لآخر.

وأوضح "بدويوي"، أن تلك العملية شأنها كغيرها لها مميزات وعيوب، فأما عن المميزات فهي آمنة لأنها محكمة بعملية تشفير عالية من الصعب التلاعب في البروتوكول الخاص بها، أيضًا لا يوجد جهة أو دولة متحكمة فيها، والمستخدم غير مقيد بالتعامل بها في دولة دون أخرى، أيضًا تتمتع بدرجة عالية من الحماية فمن الصعب اختراق بيانات مستخدمها من قبل الجواسيس.

ويرى أنه من عيوبها، رغم أنها غير مقيدة بالتداول في دولة دون أخرى إلا أنها غير معترف بها في عدد من الدول، أيضًا يسهل استغلالها في عمليات غير قانونية لأنها عملة ناشئة والمعلومات الخاصة بالتعامل بها لا تزال قليلة، بالتالي يجب أن يكون الشخص محترفًا في التعامل بها فهي ليست للهواة.

لا بد من تجريم التعامل بها

وفي تصريحات سابقة، اعتبر الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، أن "البيتكوين" أقرب للتجريم، لأنها بلا رقيب بالتالي لا يتم تداولها وفق أسس مالية واضحة ورقابة صارمة، مشيرًا إلى أنه يؤيد تداول العملات الرقمية لكن ليس في هذا الفراغ العالمي"، مطالبًا بتجريمها مؤقتًا لحين وضع أسس واضحة لعمليات تداولها.

إحدى منشورات الفيسبوك
إحدى منشورات الفيسبوك