رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«موسوعة الإسلام السياسي».. نايف العساكر يرصد حكاية «الإرهابية»  في الخليج العربي

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

زاد اهتمام المجتمعات العربية بقراءة تاريخ تنظيم الإخوان بشكل واضح وحقيقي بعد وصولهم إلى حكم مصر عام 2012، قبل ذلك التاريخ كان التعامل مع الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي عامة يدور فى فلك اعتبارها جماعات دعوية انتهجت العنف فى بعض مراحلها، وفى لحظة معينة تراجع البعض عن استخادم العنف واستمر آخرون، غير أن وصول إحدى هذه التنظيمات لكرسي الحكم فى مصر لفت انتباه الجميع لطرح السؤال الذي تعددت إجاباته خلال السنوات الأخيرة، ما هى حقيقة هذه التنظيمات بشكل عام وحقيقة تنظيم الإخوان على وجه الخصوص؟

وخلال عام 2012 وحتى سقوط حكم الإخوان بقيام ثورة 30 يونيو في القاهرة صدرت مئات الكتب التي بحثت عن تاريخ نشأة الجماعة وتطورها خلال ثمانين عاما، كان بعضها موضوعيا غير أن أغلبها كان منحازا غير محايد فى عرض رؤاه.

عشرات الكتب صدرت عن إخوان مصر، إلا أن السؤال الهام الذي احتاج إجابة هو الآخر، كيف حال الإخوان فى الدول العربية الأخرى، وكيف يرى سكان الخليج هذه الجماعات وتأثيرهم على محيط الخليج العربي منذ عقود؟

يجاوب عن هذا السؤال الباحث السعودي فى شؤون الجماعات المتطرفة الشيخ نايف العساكر، في كتابه الصادر عن دار «مقام» للنشر بعنوان «موسوعة حركات الإسلام السياسي – الإخوان المسلمين» والكتاب هو جزء أول ضمن سلسلة أجزاء سوف تصدر تباعا تشرح وتوضح تاريخ فرق الإسلام السياسي، من وجهة نظر باحث سعودي شاهد تغلغل هذه الفرق فى الخليج العربي.

يتناول الجزء الأول من الموسوعة تاريخ تنظيم الإخوان، نشأتهم وتطورهم فى مصر والمنطقة العربية، بداية من عصر المؤسس أحمد السكري مرورا بالتحاق حسن البنا بالسكري وحتى اللحظة الحالية. موضحا بدايات الخلاف مع  أحمد السكري شريك البنا فى تأسيس التنظيم، والذي تحول انشقاقه لنقطة تحول مهمة فى تاريخ التنظيم وتحديد شكل ونهج عمل جماعة الإخوان.

وتعود أهمية الكتاب إلى جانب شرح وضع الإخوان فى المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي، إلى حرص نايف العساكر على توثيق كل معلومة واردة فى الكتاب وإسنادها إلى مصادرها الأصلية سواء من كتابات الإخوان عن أنفسهم أو كتابات معاصريهم أو من انشقوا عنهم وكشفوا بعض التفاصيل المهمة عن شكل وطريقة عمل الإخوان. 

وتطرق نايف بشكل تفصيلي إلى الخلاف الذي وقع بين أحمد السكري وحسن البنّا والذي أدى إلى فصل مؤسس الإخوان الأول أحمد السكري. كاشفا حقيقة أن السكري هو المؤسس الحقيقي للتنظيم ثم أنضم له فى وقت لاحق رفيقه حسن البنا.

نايف بن عساكر فى الجزء الأول من الموسوعة يقدم قراءة وتحليل شديد الأهمية لتاريخ الإخوان من خلال قراءة عميقة لأدبيات التنظيم وجميع الكتابات التي تناولت قصة نشأتها سواء التي كتبت بأقلام أعضاء التنظيم أو المعاصرين أو من خرجوا عن صف الإخوان وكشف حقائق مهمة عنهم كانت سرية وغائبة عن المجتمعات العربية.

بداية من كشفه عن حقيقة المؤسس الفعلي للإخوان وسيطرة البنا على جهد رفيقه أحمد السكري مرورا بحقيقة الكيانات الموازية التي تؤسس لها الإخوان حتى تتمكن من اختراق ما يصعب اختراقه. بمعنى أن ينفصل أحد المنتمين للتنظيم عنها ظاهريا أمام الجميع ثم يبدأ فى خوض غمار العمل السياسي أو حتى الدعوي منفردا دون انتماء ظاهري لهم لتحصل الإخوان على فائدة أكبر من هذا الكيان الموازي الذي يعمل فى شكل سري، مؤكدا ذلك بقصة أحد أعضاء  الإخوان الذي انفصل عنها ثم انضم للحزب الشيوعي المصري حتى أصبح الرجل الثاني فى أمانة الحزب بمحافظة الغربية وقدم معلومات هامة أفادت البنا فى مواجهته للأحزاب الشيوعية فى تلك الفترة، وهناك قصة أخرى تؤكد ما ذهب إليه المؤلف وإن لم يذكرها فى كتابه وهى القصة الخاصة بتأسيس مجلة الكشكول الجديد فى النصف الأول من القرن العشرين، ذلك حين رغبت الإخوان فى تأسيس جريدة تهاجم حزب الوفد دون أن ينسب فعل هذه الجريدة للتنظيم فقام صالح عشماوي مؤسس النظام الخاص فى الإخوان بتقديم استقالته من التنظيم ظاهريا لكنه فى الباطن لا يزال على علاقة كاملة بهم، ثم عمل على تأسيس مجلة الكشكول الجديد وبدأ فى توجيه سهام النقد إلى حزب الوفد، الحزب الحاكم فى مصر فى ذلك الوقت.

إلى جانب الكيانات الموازية التي يشرح نايف العساكر طريقة تواجدها وعملها وحقيقتها تحدث الكتاب عن التربية وآليات التجنيد داخل الإخوان وشكل الانضمام إلى التنظيم المسلح، مفندا عقيدة الإخوان ومغالطاتهم الدينية والدعوية.

وجاء في الكتاب أهم وأبرز أهداف الإخوان، وتحدث عن موقف التنظيم من حكام المسلمين، وطريقة الإخوان، والخطوات التي تسبق إعلان الخلافة، ووصف الكاتب البيعة عند الإخوان (أركانها وصيغتها وطريقتها وخطرها) وبين المؤلف خطر إنشاء التكوينات الموازية التي تعمل عليها الإرهابية والتعمية عليها. 

وأوضح الكاتب طريقة الإخوان إذا تعاملت معهم الدولة بشدة أو سجن بعض قياداتهم. وأورد الكاتب منهج التنظيم في التربية والتجنيد، وأهداف المعسكرات التي ترتكز على التجميع والتربية والتدريب، وبين المقاصد الحزبية من عناية الإخوان بالدورات، واعتمادهم في التربية على الحجر الفكري والإرهاب الفكري.

وساق الكاتب مراحل الدعوة عند الإخوان ووسائل كل مرحلة كما حددها حسن البنّا، وأساليبهم في تنفيذها.

وجاء في الكتاب الكلام بشكل موسع عن حرص الإخوان على السرية في العمل، وأصل فكرة التنظيم السري، وكيفية إلحاق الشباب به وشرط الإلتحاق به، ومهمام التنظيم السري، وأورد المؤلف طرق التلون وفكرة العنف والإرهاب داخل التنظيم. وبين الكاتب الموارد المالية والاقتصاد العام للإخوان،  ووجودهم في المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج وتمكنهم، وتحذير العلماء منهم، وبين السبل المعينة على مواجهة هذا التنظيم بشكل عام، فِي التعليم والجامعات والإعلام على وجه الخصوص.