رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زهرة القرنفل

أمل عامر
أمل عامر

كانت الشمس تميل إلى الغروب، وهى تجلس بجوار زوجها فى السيارة سعيدة برؤية الشوارع، منذ فترة طويلة لم تخرج من منزلها.. ظلت تتابع المحلات طوال الطريق باهتمام وشغف، خاصة الملابس المعروضة، تنظر بتركيز وانبهار على بدل العرسان وفساتين الزفاف والسهرة، تضحك وتشير قائلة: سنختار هذه، سيكون مثل البدر عندما يرتديها.. وزوجها يرنو لها فى هدوء ويربت على يدها بحنان ويتابعها فى صمت.. أخذت تحدثه عن اختيار ابنهما الرائع لعروس فاتنة من أصل طيب ومغالاة أهلها فى نفقات الزواج، ثم فجأة تبكى قائلة: ستسرقه منى ويبتعد ولن أراه إلا فى المناسبات، وهو يؤكد لها أن هذا لن يحدث أبدًا، يفتح مذياع السيارة فتنبعث موسيقى هادئة، فتغمض عينيها وتدندن مع اللحن، وتسأله إن كان لون ردائها يروق له، فيهز رأسه بالموافقة، مادًا يده ليمسك بيدها ويقبِّلها فى رقة.
وقفت السيارة فى إشارة مرور، اقترب بائع الفل، فابتاع لها عقدين حضنتهما والدموع تذوب بفرحتها، ولم يتوقف كلامها عن تفاصيل الفرح وزهرة القرنفل البيضاء التى ستزين بها حُلّته، ثم سكتت وأمسكت بحقيبتها تبحث فى لهفة، سألها بإشفاق عما تبحث، ردت من خلال دموعها: صورته كانت معى، لقد اختفت.. مؤكدة أنه أخذها ليهديها لها، هو يحبها أكثر منى، أنا أكرهها وهذا الزواج لن يتم، وبدأت فى النحيب.. أوقف السيارة وأخذ يهدئ من روعها، ثم أستأنف السير حتى توقف أمام بناية عالية، سألته باستغراب، فأجاب وهو يغلق باب السيارة ويتجه إلى المصعد: سنقوم بزيارة صديقى لدعوته لحضور الفرح.. أمسك بيدها جيدًا وهو يدق الجرس، فتح الباب رجل يرتدى ملابس بيضاء، قائلًا: تفضلا هو فى الانتظار.. دخلت تتلفت باضطراب، وهو يحضن يدها برفق لتطمئن، قام لاستقبالهما، وبدأ الزوج فى تقديم زوجته بكلمات دافئة، ودار الحوار حول ميعاد ومكان الزفاف، أكد الصديق حضوره وسروره، خاصة وهو لم يره منذ سنوات.. أسرعت بفتح حقيبتها قائلة: معى صورة حديثة له، أخرجتها فتغيرت ملامحه وضغط على زر الجرس، دخل الرجل ذو الملابس البيضاء فطلب منه اصطحابها للخارج، وتقديم واجب الضيافة لها، فقال زوجها بود: سأنفرد به قليلًا فى موضوع مهم.. بعد خروجها أمسك الطبيب صورة سونار الجنين مستمعًا بكل جوارحه إلى الزوج وهو يروى تفاصيل حالتها بعد وفاة وليدهما فى مهده، وأعلمها بانعدام فرصتها فى الحمل مرة أخرى.