رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقرير بريطاني: الإخوان استخدمت انتفاضة الربيع العربي للوصول للحكم

جريدة الدستور

حذر تقرير لموقع "ميدل إيست اونلاين" البريطانية، من خطورة تحالف اليسار مع جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها "الاخوان" في أوروبا، في ما يعرف باسم "اليسار الإسلامي"، مشيرا إلى أن جماعة "الإخوان" تستغل هذا التحالف كوسيلة لتبييض صورتها أمام الرأي العام العالمي، ولتصدير صورة بأنها جماعة تنبذ العنف او التطرف.

وذكر الموقع، أن جماعة "الإخوان" في العالم العربي وجدت ما يسمى باليسارية الإسلامية في أوروبا "منفذا لها لتلميع صورتها، مستغلة الدعاية التي يروج لها نشطاء اليسار لتبرئة الإسلاميين المتطرفين من الإرهاب والعنف"، مضيفة أن هذا الانسجام أثار توجسا وقلقا بالدوائر الأوروبية نظرا لخطورته وما يمكن أن ينجر عنه من تداعيات تضر بالمجتمع.

- تحالفات اليسار مع الاخوان في الدول العربية

و يرى الموقع البريطاني، أن تحالفات اليسار و"الإخوان" ساهمت في أحداث كبرى وتحولات خطيرة شهدتها المنطقة العربية، بحجم انتفاضات وثورات الربيع العربي، كاشفة عن الدور الملحوظ الذي لعبته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، والتي كانت مليئة بسياسيين ومفكرين ينتمون إلى تيار اليسار الراديكالي المتطرف، في دعم الاخوان والشخصيات والمؤسسات المعروف علاقتها بالجماعة الإرهابية.

ولفت تقرير الموقع البريطاني، إلى أن البلاد العربية، خاصة مصر وتونس، عانت كثيرا من عنف الاخوان وانتهازيتها في استغلال الانتفاضات العربية لتلميع اسمها والتسويق لنفسها تحت شعارات سياسية ليبرالية زائفة، حيث كان النشطاء اليساريون هم أول من استجابوا لدعوات الجماعة، موضحا أن ملامح خطورة هذا التحالف لم يظهر في الساحة الأوروبية، إلا عقب سقوط مشروع الاخوان في مصر بسقوط محمد مرسي.

ونوه التقرير، أن احتضان تيار اليسار الراديكالي الغربي، أو ما عُرف باليسارية الإسلامية للإخوان وغيرها من جماعات الإسلام السياسي وصل إلى مستوى التنسيق السياسي، وهو ما ظهر في مشاركة كيانات يسارية مصرية لجماعة الإخوان في فعاليات التظاهر وقت جرى تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي في مصر وعدد من الدول العربية، وتقارب حركة النهضة في تونس مع الجبهة الشعبية اليسارية.

وتابع: "جميع التجارب في مصر وتونس والمغرب والعراق، وقعت تحت تأثيرات أطروحات اليسار الغربي الداعية للتحالف والتقارب بين اليسار والإسلاميين، الذين تجمعهم كراهية السلطة خاصة الحكومات الملكية وكذلك حلم الوصول للحكم، وجميعها لم تأخذ العبرة من التجربة القاسية لحزب توده اليساري الإيراني الذي ساند الثورة الخمينية عام 1979، ما انتهى بغدر قادة الثورة الإسلامية وإعدام غالبية قادة التيار اليساري."

- تحالفات اليسار مع الاخوان يثير قلق أوروبا

و قال " ميدل إيست أونلاين"، أن انسجام اليسار الإسلامي مع "الإخوان المسلمين" وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتشددة وتبرير مظاهر العنف والتطرف، يثير توجس الدول الغربية والأوربية من اختراق هذا التوافق والتوجه للجامعات وإضراره بالمجتمع.

وكانت وزيرة التعليم العالي في فرنسا فريديريك فيدال، قد أعلنت مؤخرا أنها ستأمر بإجراء تحقيق ودراسة شاملة عن الباحثين والأكاديميين الذين ينتمون إلى تيار "اليسار الإسلامي"، وأنها ستحقق في الروابط ال بين أقصى اليسار والإسلام السياسي المتطرف في الجامعات الفرنسية، محذرة من خطورة اختراق هذا التوجه بالأوساط الأكاديمية وإضراره بالمجتمع.

و"اليسار الإسلامي" هو مصطلح يشير إلى مزيج من تعاون اليسار المتطرف مع جماعات الإسلام السياسي، وتم طرحه لأول مرة منذ حوالي 20 عامًا من قبل الفيلسوف والمؤرخ بيير أندريه تاجيف، الذي أطلق عليه "تحالفًا عسكريًا" بين اليساريين والإسلاميين المتطرفين من مختلف الانتماءات، بدءًا من الإخوان، وحتى السلفيين، والجهاديين.

كما يستخدم هذا المصطلح في فرنسا من قبل سياسيي اليمين المتطرف ضد خصومهم اليساريين المتهمين بالتغاضي عن مخاطر التطرف الإسلامي، والذين يرفضون انتقاد جماعات الإسلام السياسي المتطرفة، وعلى رأسها الاخوان، بسبب ما يعتبرونه اضطهادًا للمسلمين الفرنسيين تحت مزاعم الخوف من "الإسلاموفوبيا" أو العنصرية ضد المسلمين.

- اليسار الإسلامي أكثر خطورة في المجتمعات العربية

و أشار التقرير إلى أن تعاون الإسلام السياسي مع التيارات اليسارية المتشددة اتخذ منحى متطورا طوال العقد الأخير في المجتمعات العربية، متجاوزا حيز الأطروحات الفكرية والتصورات الأكاديمية لبعض المفكرين إلى عقد تحالفات بالمكاتب المغلقة وميادين التظاهر للمنتمين إلى تيار اليسار الراديكالي وجماعات الإسلام السياسي.

وأوضح أن تأثير هذا التلاقي بين التيارين بالدول الأوروبية يُعد أقل مقارنة بتأثيراته في الواقع العربي، على الرغم من الدور الذي لعبه في الترويج له بعض المفكرين والمنظرين الغربيين، لذلك قوبلت تحذيرات الوزيرة الفرنسية، وقبلها وزير التعليم جان ميشال بلانكيه، حينما استخدم المصطلح نفسه محذرا من الإسلام اليساري- بردود أفعال أبدت استغرابها من تلك المصطلحات الجديدة الدالة على تفاهمات غير مألوفة بين تيارات متناقضة في الحالة الغربية.

ولفت أيضا إلى أن تصريحات وزيرة التعليم العالي في فرنسا، والتي قامت فيها ببلورة صيغة تحالف بين اليساريين المتطرفين والنشطاء المقربين من جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتشددة، أتت بعد جريمة ذبح المعلم الفرنسي صامويل باتي، وعقب إشارات لوزير التعليم بوجود اليسار الإسلامي في المدرسة التي كان يعمل بها المعلم الفرنسي.

ولفت التقرير إلى أن انحياز اليسار إلى الإسلام السياسي المتطرف ساهم في انتشار "داعش" وجماعات العنف المسلح، وأن "تشوش الرؤية والخلط المنهجي المبني على أطروحات مفكرين غربيين منتمين إلى اليسار الراديكالي والانحياز للحركات المتطرفة وجماعات الإسلام السياسي في الشعوب العربية، نتج عنه ظاهرة لا تزال تعاني منها البلاد العربية انعكست مؤخرا على دول أوروبا، عندما تأثر بتلك المقولات العشوائية الآلاف من الشباب النشط بتيار اليسار الراديكالي الغربي، وقادته للانضمام للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية كداعش بالعراق وسوريا وغيرهما.

- تحالف الاخوان مع اليسار علاقة مؤقتة للانفراد بالسلطة

وبين الموقع البريطاني، أن دخول أجنحة من اليسار العربي في فلك الإسلام السياسي بدفع من منظرين غربيين، منح جماعة الإخوان الإمكانية في تلميع اسمها بمشهد الانتفاضات العربية، تحت عناوين وشعارات اجتماعية وسياسية لم تستخدمها طيلة مسيرتها، مشيرة إلى أن هذا السياق لم يقتصر على الموجة الأولى نتيجة حالة الوهم اللحظي الجماعي في العام 2011، بل امتد مع مناسبات تالية متزامنة مع كل ذكرى للثورة، حيث استجاب نشطاء يساريون لدعوات الإخوان للتظاهر حتى بعد ثبوت انتهاج الجماعة للعنف المسلح.

وتابع "تدثرت جماعة الإخوان بعد هذا الطرح بتلك المصطلحات، وصار الخروج والتمرد الجهادي المسلح مرادفا للثورة، ورفض الشارع لحكم الجماعة ودفاع أجهزة الدولة عن نفسها وحماية الجيش للشعب الثائر ضد الإسلاميين مرادفا للثورة المضادة"، وأن تحالف الاخوان مع اليسار علاقة مصلحة مؤقتة تمهد لانفراد الإسلاميين بالسلطة بعد القضاء على خصومهم.

-الاخوان تستغل الثورات ومطالب البسطاء للوصول للحكم

ذكر الموقع أنه بعد فشل الاخوان في استثمار النموذج الإسلامي القديم، واستغلاله للوصول للحكم، سعت إلى احتلال مكانة اليساريين الجماهيرية عبر السيطرة على عقل وقلب البسطاء والمهمشين بعد أسلمة المقولات اليسارية وامتلاك المقدرة المادية على توفير خدمات صحية وتعليمية، فشلت في توفيرها الحكومات خلال تلك المرحلة.

وتابع أنه "في حين كانت الأحزاب اليسارية لا تقوى على تنظيم مظاهرة، كان المنظرون الإسلاميون يزعمون أنهم بديل للشيوعية بنسخة إسلامية لنصرة الفقراء والمستضعفين، وظن بعض اليساريين أن التقرب من القوى الإسلامية التي باتت تمتلك شبكة هائلة من المدارس، والمستشفيات الخاصة، والمساجد، والأحزاب، والمؤسسات الاجتماعية والخيرية، سيعيد لهم قوتهم بالشارع من خلال جمهورهم وسط الطبقات الدنيا في المجتمع".

وأشار الي أن الاخوان وغيرها من جماعات الإسلام السياسي كانت تهدف بتحالفها مع التيار اليساري الي نفي عنهم طبيعتهم الفاشية المرجعية وانتهاجهم للعنف، حيث كان اليسار يروج لهم لدى الحكومات والمؤسسات الغربية باعتبارهم البديل القادم كحركات تقدمية مناهضة للظلم الاجتماعي، ما عوض جماعة الإخوان عن عدم مقدرتها على التسويق لنفسها باستخدام شعارات الليبرالية والديمقراطية.

واختتم الموقع تقريره قائلا "وجد قطاع من الناشطين والمفكرين داخل اليسار الراديكالي الغربي في الجماعات الإسلامية أداة تحقق ما لم تحققه حركات اليسار بالعنف والسياسة، وحل إرهاب الإسلام السياسي الأخضر محل الإرهاب الأحمر الذي شاع خلال عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حسب التوصيف الغربي والأميركي للحركات الشيوعية حينئذ، وهو ما خلق توظيفا متبادلا وضحت آثاره بقوة في الواقع العربي خلال العقد الأخير، ولم تظهر ملامحه في الساحة الأوروبية إلا مؤخرا عقب سقوط مشروع الإخوان في مصر وانهيار خلافة داعش في سوريا والعراق."