رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تشويه متعمد أم جهل؟».. أكاذيب مبادرة «إسقاط ديون مصر»

جريدة الدستور

"مغالطات.. أكاذيب.. وإدعاءات".. هذا هو المنهج الذي اعتمدت عليه قناة "المنصة" التي تُبث عبر اليوتيوب، حيث نشرت القناة حلقة يحاور فيها ياسر العمدة، رئيس اتحاد مصر، الدكتور محمود وهبة، عن "مبادرة إسقاط ديون مصر"، والتي زعم الأخير أنها مكوّنة من تكنوقراط مصر وتسعى لخدمة البلاد، إلا أن حديثه -غير العلمي- والذي حمل أكاذيب وأرقامًا غير دقيقة فضح ما يدعيه "وهبة" من خلال مبادرة "إسقاط ديون مصر".


"مصر ليست متعثرة في السداد"

كانت أول مغالطة في حديث الدكتور محمود وهبة، حديثه عن إسقاط ديون مصر، رغم أن مصر ليست متعثرة في السداد، ويمكنك التأكد بالنظر إلى الدين الخارجي؛ فالدين الخارجي لمصر لا يمثل عبئًا في الفترة الحالية؛ نظرًا لكونه طويل الأجل، كما أن الفائدة عليه ليست مرتفعة باستثناء السندات الدولارية التي يوجد توجه بضخها في مشروعات مولدة للعملة الصعبة، لتحقق معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي يفوق سعر الفائدة على هذه القروض.

وتناسى محمود وهبة أن أي دولة تتوقف عن سداد ديونها تتعرض لمخاطر كبيرة، حيث يتم خفض التصنيف الائتماني لاقتصاد الدولة، وإذا فشلت مفاوضات التسويات يلجأ الدائن إلى مقاضاة المصرف المركزي.


"خطأ في حجم القروض الخارجية على مصر"

يزعم الدكتور محمود وهبة، أن حجم القروض الخارجية المعلن على مصر 225 مليار دولار، رغم أن حجمها الحقيقي 125 مليار دولار فقط، ويلجأ "وهبة" في حساباته للدين الخارجي إلى تضمين المشروعات التنموية، حيث اعتبرها قروض، كما أن حساباته لحجم الدين الخارجي تتضمن التكاليف الاستثمارية لشركة إيني الإيطالية، وهو بند من غير المنطقي إضافته للدين الخارجي وفقا لكافة المعايير والأسس الاقتصادية.


"مصر والعملة الصعبة"

زعم وهبة أن مصر عاجزة عن سداد ديونها، مسترشدًا بمصادر العملة الصعبة لديها، مسقطًا ركن أساسي من أركان الدين الخارجي وهو آجال السداد، ما جعله يقع في خطأ فادح، وهو قياس القدرة على السداد فيما بعد بحجم الداخل من العملة الصعبة في الوقت الحالي دون النظر أو الاعتماد على المؤشرات الاقتصادية مثل معدل النمو الاقتصادي.


"ميزان المدفوعات ومصادره"

زعم الدكتور محمود وهبة أن تحويلات العاملين في الخارج وأذون الخزانة هي مصادر علاج العجز في ميزان المدفوعات، متناسيًا مصادر هامة تُدخل العملة الصعبة لمصر مثل قناة السويس وقطاع السياحة، الذي يُدخل عملة صعبة كثيرة لمصر، كما تجاهل الاستثمار الأجنبي المباشر والإصلاحات الاقتصادية التي يتم الاعتماد عليها لتحسين أداء ميزان المدفوعات، ومبادرات دعم الصادرات.


"هل الدين الخارجي في مستوى آمن؟"

استمرارا لأكاذيب الدكتور محمود وهبة، خلال الحلقة، فإنه زعم أن الدين الخارجي لمصر ليس في مستويات آمنة، متجاهلا عدد من المعايير يتم على أساسها احتساب مؤشرات سلامة الدين لبيان هل هو في مستوى آمن أم لا؟.

وما زالت مصر بعيدة عن المستويات الخطرة للدين الخارجي؛ ففي 27 أبريل من العام الماضي، قامت مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني بتثبيت درجة التصنيف السيادي للاقتصاد المصري عند مستوى BB على المدى الطويل الأجل والقصير الأجل مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة، وفي 11 مايو العام الماضي، أكدت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تصنيف مصر عند B2 وأبقت على نظرتها المستقبلية المستقرة للتصنيف السيادي المصري.

وما يؤكد قوة الاقتصاد المصري وصلابته وقدرته على سداد الديون الخارجية، هي النظرة المستقبلية المستقرة من قِبل مؤسسات التصنيف الائتماني، كما أن هناك قاعدة اقتصادية تقول إن نسبة الدين الخارجي قصير الأجل إلى صافي الاحتياطات العامة للدولة يعد مؤشرًا على توافر سيولة لدى الدولة وبيان هل تكفل سداد الديون أم لا، ففي نهاية 2019 بلغت نسبة الدين الخارجي إلى الاحتياطيات الدولية نحو 24.8%.


"عدم وجود مصادر للإنفاق على الصحة والتعليم"

زعم الدكتور محمود وهبة أن أموال الميزانية الحالية منذ أزمة كورونا تذهب إلى المقرضين ولا تُنفق على التعليم والصحة، وهذه مغالطة فجة؛ فبالاطلاع على بنود الموازنة العامة للعام المالي الحالي 20212020 لمعرفة مصادر الإيرادات وأوجه النفقات ومخصصات كل بند من بنود الموازنة من تعليم وصحة ودعم، إلى آخره من أوجه الإنفاق، سنجد أن موازنة السنة المالية 20212020 تستهدف تحقيق فائض أولي لا يقل عن 5.0% من إجمالي الناتج المحلي، وذلك لتجنب الزيادة المفرطة في الدين العام.


"غرامات البناء المخالف للجباية"

كانت ضمن أكاذيب الدكتور محمود وهبة، خلال اللقاء المشؤوم، أن الهدف من فرض غرامات على التعديات على الأراضي والبناء المخالف هو جمع أموال وليس رغبة الدولة في الإصلاح، متغافلا خطة الدولة لتنظيم الخريطة العمرانية وتقنين الأوضاع ومحاسبة من لا يلتزم بشدة، كما أن رغبة الدولة واضحة في التطوير من منظومة المرافق، كما أن تقنين المنازل من شأنه إكساب العقار وضعًا قانونيًا سليمًا إلى جانب صلاحيته للتداول.


"صندوق مصر السيادي غير مفيد"

ادعى الدكتور محمود وهبة أن صندوق مصر السيادي يستولي على الأصول وغير مفيد نظرًا لاعتماده على أصول بالعملة المحلية، لكنه تغافل أثناء حديثه عن هذه النقطة في أن صندوق مصر السيادي يسعى لتعظيم الاستفادة من الأصول غير المستغلة لدعم مصر، كما أنه يخلق فرصًا استثمارية واسعة من خلال التعاون مع كل قطاعات الدولة والقطاع الخاص.