رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسابات المصالح.. الصراعات السياسة تحسم مصير معاهدة «ستارت 3» مطلع فبراير

مصير معاهدة «ستارت
مصير معاهدة «ستارت 3

تشكل اتفاقية "ستارت–3" للحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا أول اختبار للرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن وهي الاتفاقية التي من المقرر البت في مصيرها إما الغاء أو تمديدا في الخامس من فبراير القادم بعد أسبوعين تقريبا من تقلد الرئيس الأمريكي الجديد لمهام منصبه رسميا.

وتشكل ستارت–3 قضية قومية ووطنية في المقام الأول للولايات المتحدة ترتفع بها عن ساحات المناكفات والصراعات السياسية نظرا لما تشكله تلك الاتفاقية من قيمة "مصلحية" لكل الأمريكيين على اختلاف توجهاتهم السياسية إذا ما نحوا جانبا مناكفات السياسة وغلبو حسابات المصالح.

وبرغم صراعاتهم السياسية المعروفة، كانت اتفاقية ستارت أحد محاور الالتقاء "النادرة" بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، ففي العام الماضي تبنى الأعضاء الديمقراطيون والجمهوريون في الكونجرس الأمريكي موقفا مشتركا قلما يندر يحث إدارة ترامب أو أية إدارات أمريكية قادمة على تمديد اتفاق ستارت-3 لخمس سنوات جديدة حتى العام 2026.

ووفقا لحسابات المصالح قالت دورية "ديفنس نيوز" الأمريكية المتخصصة في الشأن الدفاعي والاستراتيجي إن المشرعين الأمريكيين يرون أن تجديد اتفاقية ستارت-3 سيكون هو الخيار الأقل كلفة على الخزانة الأمريكية، وأن عدم التجديد سيفتح مجددا باب التنافس المحموم على التسلح الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا.

بينما حذر تقرير صادر أواخر العام الماضي عن مكتب الكونجرس الأمريكي لشؤون الموازنة من التداعيات المالية التي ستنجم عن عدم تجديد اتفاقية ستارت-3 للأسلحة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا الموقعة في عام 2010، وقدر التقرير الأمريكي فاتورة عدم تجديد اتفاق ستارت-3 بنحو 439 مليار دولار أمريكي لمواجهة احتياجات تحديث نظم الدفاع الاستراتيجي الأمريكي فضلا عن فاتورة لن تقل عن 28 مليار دولار سنويا لتنفيذ أعمال الصيانة المتصلة بها.

وتنص اتفاقية ستارت-3 الموشكة على الانتهاء في فبراير القادم بين موسكو وواشنطن بشأن الأسلحة الاستراتيجية، على سقف لا يتعدى 1550 رأسا نوويا يتم نشرها لكلا البلدين وعلى سقف لا يتعدى 700 صاروخ بعيد المدى ومقاتلة قاذفة نووية كوسائل إيصال لتلك الرؤوس النووية لكلا البلدين.

وبينما أبدت موسكو قبولا غير مشروط لتمديد الاتفاق في محادثات فيينا التي جرت في أغسطس 2020 حول هذا الملف، حبذت الإدارة الأمريكية إدارة ترامب أن تتسع الاتفاقية لتشمل الصين في اتفاقيات قادمة للحد من انتشار التسلح النووي كافة أنواع الرؤوس النووية وتطوير بروتوكولات التفتيش والتحقق وشفافية الإجراءات ذات الصلة، وهو ما يشي بقلق أمريكي واضح من تنامي القدرة النووية الخاصة للصين.

وتشير التقارير الصادرة عن لجنة الدفاع والقوات المسلحة في الكونجرس الأمريكي إلى أن فاتورة الإنفاق على الترسانة النووية الأمريكية ستصل بنهاية العقود الثلاثة القادمة إلى 2ر1 تريليون دولار أمريكي وفق المعدلات الحالية وذلك على افتراض تمديد اتفاقية ستارت-3 للحد من التسلح الاستراتيجي بلا تغييرات.

أما في حالة عدم تمديد الاتفاقية في فبراير القادم وما سيترتب عليه من عودة سباق التسلح النووي والاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا فإن حالة من الفوضى والارتباك في الموازنات الدفاعية الأمريكية ستوجد لثلاثة عقود مقبلة على الأقل.

كما يحذر مناهضو السلاح النووي ونواقله الاستراتيجية كذلك من مغبة تجديد ستارت-3 دونماتحديد دقيق لحجم الترسانات النووية المستقبلي لكل من الولايات المتحدة وموسكو طرفي الاتفاق في الأعوام الخمسة القادمة حال تجديد الاتفاق في فبراير القادم، ويعتبرون أن ذلك لا يقل في خطورته عن عدم تجديد الاتفاقية باعتباره إيذانا بانطلاق سباق تسلح جديد ويعيد إلى الأذهان انسحاب واشنطن وموسكو في عام 2019 من اتفاقية القوة الصاروخية النووية المتوسطة المدى وهي الاتفاقية التي وقعتها كلا البلدين في عام 1987.

وتعد اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية ستارت-3 هي الأحدث في سلسلة اتفاقيات تحمل هذا المسمى هي ستارت-1 المبرمة في عام 1991 التي وضعت سقفا لا يتعدى 6 آلاف رأس نووي لترسانة كل من روسيا والولايات المتحدة كحد أقصى بكلفة على الخزانة الأمريكية بلغت 60 مليار دولار أمريكي.

أما اتفاقية ستارت-2 فقد تم برامها بين واشنطن وموسكو في عام 1993 وهي الاتفاقية التي هبطت بمستوى ترسانة الرؤوس النووية إلى 1550 رأسا تكلف الخزانة الأمريكية 114 مليار دولار سنويا.