رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تباطؤ في إجراءات لندن ضد الإخوان.. مدير مكتب الخارجية البريطانية السابق يكشف التفاصيل

جريدة الدستور

كشف السير جون جنكينز، مدير مكتب الخارجية البريطانية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والسفير البريطاني السابق في سوريا والعراق والمملكة العربية السعودية، عن أسباب تباطؤ بريطانيا في اتخاذ إجراءات ضد جماعة الإخوان، رغم مرور عدة سنوات على التقرير البارز الذي كتبه بتكليف من ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء آنذاك.

وقال جنكينز، في مقال نشرته مجلة «ذا سبكتاتور» البريطانية، اليوم السبت، على موقعها الإلكتروني، إنه في مارس 2014 وبشكل مفاجئ كلفه رئيس الوزراء، آنذاك، ديفيد كاميرون بقيادة لجنة تقوم بمراجعة داخلية تهدف إلى توضيح وإعلام الحكومة البريطانية بخطر الإخوان المسلمين، وتقديم تقرير حول أيديولوجية تنظيم الإخوان وأنشطته في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم الإسلامي وداخل بريطانيا، مضيفا أنه مرت ست سنوات منذ أن قدم ما أصبح يعرف باسم "مراجعة أنشطة الإخوان المسلمين وأفكارها"، ولم يحدث أي إجراء.

وأضاف أنه في 17 ديسمبر الجاري، ستكون قد مرت 6 سنوات بالضبط منذ أن أبلغ كاميرون عن استنتاجاته الرئيسية عن جماعة الإخوان وتقديم التقرير إلى مجلس العموم البريطاني.

وأشار "جنكينز" إلى أنه قبل أن يبدأ في رئاسة اللجنة طلب من رئاسة الوزراء حرية إجراء البحث والسفر على نطاق واسع، والحصول على الدعم المناسب، وأن يقوم بجولة في عدة دول، لأنه سيكتب المراجعة بنفسه وبطريقته الخاصة، وكان ذلك بينما جنكينز لا يزال في منصب سفير بريطانيا في السعودية.

وأوضح أنه في غضون أربعة أشهر، سافر خارج الرياض ولندن إلى البحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس والمغرب ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وأجرى شخصيًا مقابلات وحصل على آراء من حوالي 100 إلى 200 شخص، بمن في ذلك العديد من كبار عناصر الإخوان المسلمين، وإسلاميين آخرين، وخبراء في الإسلام السياسي، ومسئولين حكوميين، ومحامين، وعملاء الاستخبارات، مضيفا أنه طلب من السفارات البريطانية في جميع أنحاء العالم الإبلاغ عن الوضع في بلدانهم، ثم قرأ كل ما يمكنه الحصول عليه بخمس لغات، سواء وثائق مفتوحة أو سرية، وقام بمشاورات مع زملائه في اللجنة المختصة للمراجعة، وكان دقيقا في كل شيء.

وأشار جنكينز، الذي يعمل الآن استشاريا وخبيرا في مركز الأبحاث البريطاني الشهير "Policy exchange"، ومقره لندن، إلى أن الجميع وقتها كان لديهم تخوفات على حياته لأنها مهمة غير عادية ومحفوفة بالمخاطر، واقترحوا عليه أن يكون حذرا، لكنه صمم أن يتنقل بحرية، ووجد أن العمل على كتابة التقرير محفزًا فكريا، وتدرب كأكاديمي وشاعر كما لو طُلب منه كتابة أطروحة دكتوراه ثانية.

وقال إنه بدت له معالجة التحدي الأيديولوجي للإسلام السياسي، التي حددها ديفيد كاميرون على أنها قضية رئيسية في خطابه في مؤتمر ميونخ للأمن في عام 2011، شيئًا ملموسًا وهامًا، وكان هذا هو الحال بشكل خاص في وقت أصبحت فيه السياسة الخارجية البريطانية في أعقاب العراق وأفغانستان أكثر انغماسًا في قضاياها الداخلية أكثر من السعي الدءوب لتحقيق المصالح الاستراتيجية ضمن نظام عالمي متغير.

وأوضح "جنكينز" في مقاله نقطة في منتهى الخطورة، وهي أنه كان أكثر الأشخاص إثارة للدهشة ليس الإخوان أو العناصر التابعة لهم لكن الأكاديميين الذين تحدث معهم لكتابة التقرير، حيث إنهم كان يقولون أشياء غير صحيحة، وهي أن مصر والسعودية والإمارات طلبت هذه المراجعة، وكان هناك الكثير من التصريحات التي أزعجته لكنه لم يتوقف عن كتابة مراجعته.

وتابع أنه استكمل جولته والسفر وأشرف بنفسه على إعداد سجلات مفصلة ومتسقة، ووزن الأدلة مع بعضها، ودرس كل النصوص، وشاهد مقاطع الفيديو، ورفض نظريات المؤامرة الجامحة، وبعد عملية اختبار صارمة، قادها مكتب مجلس الوزراء، توصل إلى استنتاجاته وهو ما انعكس فيما قاله رئيس الوزراء لمجلس العموم في مايو 2015.

وتساءل "جنكينز": بعد خمس سنوات من خطاب كاميرون، ما الذي تغير؟، وأجاب في مقاله قائلا إن هناك الكثير جدًا تغير، خاصة التطورات الأخيرة في النمسا وفرنسا وألمانيا وهولندا، فقد أصبح هناك فهم أوسع للأسس الأيديولوجية والصلات المعقدة لكل من جماعة الإخوان وحركات الإسلام السياسي، والاعتراف بالضرر الحقيقي الذي يمكن أن يلحقه الخطاب المتطرف بالتماسك الاجتماعي، والتغير السريع في توازن القوى العالمية، وساعد في هذا التحول أيضًا المناخ السائد في الولايات المتحدة ومعظم أوروبا.

وأشار "جنكينز" إلى أنه من السابق لأوانه أن نعرف كيف ستتصرف إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، وعلى الجميع أن يدرس أن عدم الكفاءة المطلقة واستبداد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، واختطاف ليبيا، وأهوال الموصل والرقة، كانت سببا كبيرا في الكثير من التداعيات على المنطقة.

واختتم جنكينز مقاله بأن كل الدول التي هاجمت كاميرون، وقتها، عندما طلب تلك المراجعة، غيرت نغمتها سواء في النمسا أو فرنسا أو ألمانيا، مضيفا أن المسن إبراهيم منير، البالغ من العمر 83 عامًا، والذي خدعه وأخبره في عام 2014 بأنه يعرف القليل جدًا عما كان يحدث، تم تعيينه للتو مرشدًا أعلى بالإنابة لجماعة الإخوان المسلمين، وهو المنصب الذي سيديره من معتكفه في شمال لندن، لذلك يجب أن تتحرك الحكومة البريطانية وتشعر بالقلق لكنها لا تزال خجولة في اتخاذ إجراءات، ولكن حان وقت الاعتراف بأن التحركات البطيئة ضد الإسلام السياسي لم تنجح أبدًا ولا بد من بناء إطار سياسي جديد في بريطانيا تجاه تلك القضية.

يأتي مقال "جنكينز" بعد أيام قليلة من نشر السفير المصري في لندن «طارق عادل» مقالًا في صحيفة «ذا ناشيونال» للتحذير من خطر الإخوان، ودعوة الحكومة البريطانية لاتخاذ إجراءات، مستشهدا بتقرير السير جون جنكينز الذي كتبه عام 2014.