رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أرض السلام والأبطال


يأتى احتفالنا هذا العام بالمولد النبوى الشريف وسط أمواج عاتية من ردود الأفعال الغاضبة- عن حق- تجاه الإدارة والرئاسة الفرنسية، حيث كان الرئيس الفرنسى قد أطلق عبارة كانت سببًا فى تأجيج مشاعر الغضب تجاهه عندما قال: «إن الإسلام فى أزمة، ليس فى فرنسا فقط، بل فى العالم أجمع»، وراح يكيل الاتهامات إلى مسلمى فرنسا وأيضًا القادمين إليها من الخارج، حيث قرر منع استقبال ما يقرب من ٣٠٠ من الأئمة القادمين من الجزائر وفرنسا والمغرب، على الرغم من وجود عجز فى المساجد الفرنسية، بل وأيضًا اعتزامه منع القارئين القادمين من الدول العربية لإحياء شهر رمضان هناك.. ثم توجت كلماته بما تفوه به تجاه الدين الإسلامى ونبينا محمد «صلى الله عليه وسلم»، وأنه سيواصل نشر الرسومات المسيئة له، تحت ذريعة الحرية الفرنسية، وكادت تلك التصريحات غير المسئولة أن تُحدث فتنة كبيرة، لما تحمله من عنصرية وتنمر ضد الإسلام ونبيه الكريم.
يأتى هذا فى الوقت الذى أثبتت فيه الإدارة الفرنسية فشلها فى التعامل مع مسلميها، الذين تصل نسبتهم إلى ١٠٪ من إجمالى السكان، حيث تمارس تجاههم سياسة التهميش والتجاهل وعدم القدرة على إدماجهم فى المجتمع الفرنسى، مما ترتب عليه انضمام البعض منهم إلى صفوف داعش، وبعضهم الآخر إلى القيام بعمليات إجرامية داخل الدولة الفرنسية، حتى إن نسبة نزلاء السجون الفرنسية وصلت إلى ٧٥٪ من المسلمين، نتيجة مشاكل الفقر والبطالة.
ولا شك أن هناك دولًا، تتزعم تلك الحملات الرافضة لهذه السياسة الفرنسية، مثل تركيا وقطر، اللتين توجهان هذا الرفض إلى الأخذ بمواقف سياسية واقتصادية تزيد من حدة التوتر فى العلاقات بين الدولة الفرنسية وباقى الدول الإسلامية، وهو الأمر الذى يجب أن ننتبه له، ونحذر منه، ونعمل على التأكيد على روح التسامح والسلام، الذى ينادى به الإسلام وإثبات أن ديننا الحنيف يدعو إلى نشر مبادئ الوسطية والاعتدال، ولعل الرسالة التى وجهها فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الجامع الأزهر، إلى فرنسا، التى يشير فيها إلى أن «المسئولية الأهم للقادة هى صون السلم الأهلى وحفظ السلام المجتمعى وحماية الشعوب من الوقوع فى الفتنة، لا تأجيج الصراع بين الأديان باسم حرية التعبير، وهى فى الحقيقة مضاربة رخيصة فى سوق السياسات والصراعات الانتخابية».
حفظ الله مصر أرض السلام من الفتن والدسائس والصراعات المفتعلة.
مصانع الأبطال
ويأبى شهر الانتصارات أن يمضى دون أن يفرز لنا أجيالًا جديدة من رجال القوات المسلحة والشرطة.. الذين شاهدنا احتفالات تخرجهم فى مصانع الرجال، خلال الأيام القليلة الماضية، التى حضرها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليشارك عائلاتهم فرحتهم، وهم يرون آمالهم وأحلامهم تتحقق بعد سنوات من التدريبات الشاقة والعلوم والدراسات المختلفة التى تلقاها هؤلاء الرجال فى كلياتهم المختلفة.
وقد تزامنت تلك الاحتفالات، ولأول مرة، مع احتفالات مصر بأعياد نصر أكتوبر العظيم الذى أعاد للأمة هيبتها وكرامتها، وهو ما جعل ذلك اليوم إعلانًا بأن الأرض المصرية دائمًا ما تخرج لنا أجيالًا بعد أجيال قادرة على تحمل المسئولية والأمانة، مثلما سبق أن تحملها أجدادهم وآباؤهم فى الحروب التى خاضتها الدولة المصرية دفاعًا عن الأرض والعرض.
ولعل من أبرز الملامح التى لاحظناها فى تلك الاحتفالات ما أشار إليه السادة مديرو الكليات العسكرية المختلفة، وكذا كلية الشرطة، فيما يتعلق بالمناهج الدراسية التى تم تطويرها بشكل كبير، حتى يمكن أن تحاكى منظومة التحديث التى يشهدها العالم حاليًا، وإن كان هناك تفوق ملموس فى بعض الاختصاصات عن المعاهد العسكرية والأمنية فى الخارج، خاصة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب والتعامل مع الإرهابيين، وكذلك ما يقوم به أعضاء هيئة التدريب والتدريس من تعظيم روح عقيدة الولاء والانتماء للوطن بين الطلبة، سواء الذين ما زالوا قيد الدراسة أو الذين تم تخرجهم اليوم، بحسب أن ذلك هو الدافع والداعم لتنفيذ أى مهام قتالية أو أمنية يتم تكليفهم بها.
وقد تميزت كل كلية عن الأخرى بتقديم خريجين على أعلى مستوى من التخصص والتمكن من أداء عملهم فور تخرجهم مباشرة منها، وعلى الرغم من تباين اختصاصات كل كلية عن الأخرى، إلا أنه كان هناك قاسم مشترك وموحد بين طلابها، ألا وهو زيادة الوعى والولاء والانتماء للوطن بالشكل الذى يجعلهم جميعًا على استعداد لتقديم أرواحهم فداءً للوطن.
وكم كان السيد الرئيس موفقًا حينما أشار إلى أنه لا خوف على مصر من الاعتداء الخارجى، لأن لها جيشًا قويًا يحميها.. إلا أننا يجب أن نحاذر من الشحن السلبى ومن محاولات إثارة الشائعات ونشر الأكاذيب بهدف تزييف الوعى الجمعى للشعب وتكرار محاولات إثارة الفوضى.
هنيئًا لمصر رجالها وأبطالها على مر العصور، وهنيئًا لكل أسرة أسهمت فى تنشئة بطل جديد من أبطالها يدافع عنها ويصون أرضها ويحمى تاريخها.
وتحيا مصر.