رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا أريد الدفاع عن نفسى.. توفيق الحكيم يرد على اتهامه بالبخل

الكاتب توفيق الحكيم
الكاتب توفيق الحكيم

122 عامًا مرت على ميلاد الكاتب توفيق الحكيم الذي ولد في 9 أكتوبر لعام 1898، لأبوين مصريين بحي محرم بك بالإسكندرية، وظل بها حتى نال الشهادة الثانوية التي أهلته لدخول كلية الحقوق لدراسة القانون، وكانت آمال أسرته العريضة تنحصر فيما كان عليه أبوه القاضي إسماعيل الحكيم الذي استمد كيانه الاجتماعي من هذا المنصب الرفيع.

ولكن تغيرت وجهة الحكيم نحو السير إلى مكان آخر، لا يمت بأي صلة لا بالقانون ولا بالعاملين به، وأتقن أحد فروع الفن الذي أضاف إليه الكثير، وهو فن الكتابة المسرحية، فضلا عن إتقانه عدة ألوان للأدب والفكر، وظل الكاتب محاطا بهالات من الإثارة والغموض بمختلف الأمور، كأنه عدو المرأة، واتهامات بالبخل والشح، وشاعت حكايات أخرى جعلته في موضع جدل وخلاف لسنوات عدة.

وفي حوار له مع الناقد فؤاد دوارة بمجلة "المجلة" بعددها رقم 92 والصادر بتاريخ 1 أغسطس 1964، والذي جاء بعنوان "توفيق الحكيم يجيب على أسئلة فؤاد دوارة"، كشف عن بعض الأمور الغامضة، ورد على بعض الاتهامات التي وجهت له سواء المتعلقة بأعماله الأدبية أو أخرى شخصية.

ومن بين الشائعات التي طالته كانت البخل، ففي سؤال دوارة حول رأيه فيما يشاع عن بخله، وهل لهذا البخل – إذ صح – صلة بتفضيلك لشكل المسرحية وهو كما نعلم أكثر الأشكال الأدبية ميلا للاقتصاد في الكلمات، قال الحكيم: لا أريد أن أدافع عن نفسي، وأنفي عنها خصلة من الخصال السيئة كالبخل أو غيره، لأني لم أعبأ بالدفاع عن نفسي في أي موقف من المواقف، بل كنت دائما أقرب إلى تأييد التهم التي توجه إلي من محاولة دحضها.

وتابع الكاتب الراحل: فالسكوت على التهمة أو تركها بلا دفاع أسهل بكثير من بذل الجهود في دحضها والدفاع عنها، ومن يدري لعل هذا الضن بالمجهود الذي يبذل في دحض تهمة البخل مثلا هو أيضا من قبيل البخل، وعلى كل حال إذا أردت أنت أن تدافع عني، فباستطاعتك أن تسمى البخل اقتصادا فيما لا فائدة فيه من نفقة أو غيرها.

وأضاف: وعندما ندخل الفن من باب الاقتصاد، فإننا نجد أن أنسب الأشكال الفنية لمن يرغب في الاقتصاد هو الشكل المسرحي، فالعدو اللدود للمسرحية هو الإسراف، والمؤلف السخي بالكلمات والمترادفات والاسترسالات يلحق بالمسرحية أبلغ الضرر، فأنت في المسرحية محدد بحيز معين من الوقت ومن عدد الكلمات والصفحات، ويجب أن تكون خازنا ورقيبا شديد اليقظة على أشخاصك، فلا تجعل أحدهم يطغى بكلام أزيد مما ينبغي، وكلما استطعت أن تضغط حوارك وتجعله يصيب ويؤثر بغير إسراف ولا دردشة والإنفاق بغير حساب، فإنك تكون أقرب للإجادة المسرحية، لذلك أسمي الفن المسرحي بالفن الاقتصادي.

واختتم رده على السؤال قائلا: وهنالك بعد ذلك مسألة تغري حقا ببحث النقاد ودرسهم، فيما لو أمكنهم متابعة حياة كبار المؤلفين المسرحيين لمعرفة مدى اتصافهم بالبخل من قريب أو من بعيد، فنحن نعلم مثلا أن شكسبير كان مرابيا في آخر أيامه، فهل يا ترى كان يضن بالمال ويوصف بالبخل.. وموليير مثلا ما صلته بالبخل؟.. أما والحمد لله لست مرابيا، ولكني أحب أن أكون كذلك لو صح أن شكسبير كان مرابيا حقا، فالتشبه بأمثاله فلاح وأي فلاح.