نسرين فؤاد تكتب: "التجربة.. الألم والاستفادة"
كلما مررنا بتجربة ما بحياتنا سواء كانت بسيطة سهلة أو معقدة مربكة أو كانت متعبة مؤلمة أو لطيفة مبهجة، فى نهاية التجربة، نقف وننظر ونفكر ونقرر ونخرج منها بجديد يغير بشكلٍ أو بآخر سلوكاً ما أو منهج تفكير.
التجارب هي المغير الأهم لنفوسنا وعقولنا طوال الحياة، نأخذ منها وتأخذ منا.. نخوضها وتصنعنا وتنحت بتفاصيلها شخصياتنا المختلفة.
يميل بعض الفلاسفة إلي القول إنه كلما زادت التجارب صعوبة وقسوة، كانت أكثر أهمية وأكبر تأثير وتصنع ذلك الفارق الذي يجعل من هم أكبر منا سناً يتنهدون بشجن وهم يلوحون إلي ما مروا به على مدار أعمارهم من مواقف وتجارب جعلتهم يملكون تلك الحكمة وكل هذا العقل المتزن.
أخر تلك التجارب المهمة الشديدة الوقع والتأثير، هي تجربة العزلة والوحدة تجنباً لفيروس قاتل لا يعرف أحد حتى الآن طريقة مؤكدة لمحاربته والقضاء عليه.
علي مدار عقود من الزمان لم نخرج كمجتمع خارج سياق المعروف والمعتاد، ولعل تلك التجربة كانت من الاتساع والعمومية أن شملت الجميع دون استثناء الكل مر بها والكل تأثر بها، ولأن القاعدة تشير إلى أن الشخص السوي صاحب العقل المتزن هو من يستفيد من التجارب حتى إن كانت قاسية ومؤلمة، أري أننا أمام فرصة مميزة لأخذ قرار التغيير والتعديل والبديل.
الفرصة سانحة أن نعيد النظر لقالب التعليم وزيادة المساحة الخاصة للتعليم عن بعد وتطويع التكنولوجيا للخروج من الفصول المدرسية المكدسة بالطلاب وتعويض ذلك بالتواصل الإلكتروني.
الكل جرب وأصبح صاحب سابق معرفة بالتعامل والاستفادة،
دعم الحكومة وحثها على الإسراع في عملية ميكنة كل أعمالها وأن يصبح المواطن يملك القدرة على استخراج كل ما يلزمه عن طريق الإنترنت ودون الحاجة للوقوف في طوابير طويلة للحصول علي ورقة بسيطة.
فرصة ذهبية للحكومة وللمواطنين بحد سواء أن يكون ذلك الهدف هو محور اهتمام جميع الأطراف، والتجربة أثبتت أن الكثير من الأعمال تتم بنصف عدد الموظفين وبنفس الكفاءة.
وفرصة جديدة لإعادة توزيع الخريطة الوظيفية بحيث يجلس كل موظف في مكانه الصحيح والسليم فلا نعاني من نقصهم في أماكن أو تكدسهم في أماكن أخرى.
تعايشنا بشكل آمن والمحال تغلق أبوابها في الثامنة أو قبلها،
مكسب لا يود التفريط فيه غير عابث لا يبال.
رأينا جميعاً فائدة ذلك من هدوء وراحة وشوارع خالية من الزحام وليل هادئ حالم يشبه ليل الشعراء والرومانسيين.
الحقيقة أن التجربة بكل ما فيها من ألم وفزع وفقدان، إلا أننا يمكننا الاستفادة منها والخروج بمكاسب لم يكن يتخيلها أحد تحدث بكل هذه السهولة.
الفرصة سانحة والعقول مهيئة لنغير الكثير ونحقق الأكثر، فقط لو أننا أردنا أن نخرج من تلك التجربة بالاستفادة.
إعلامية وباحثة فى مجال الصحة النفسية
