رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفيلسوف.. أساليبه «الثورية» لا تناسب المنتخبات

جريدة الدستور

حتى الآن، لم يخرج إيهاب جلال، المدير الفنى الحالى لفريق المصرى البورسعيدى، من دائرة المدربين المرشحين لتولى قيادة المنتخب، وإن كانت حظوظه أقل من حسن شحاتة وحسام البدرى.
قدم إيهاب جلال مع مصر للمقاصة واحدة من أفضل التجارب للمدربين المصريين، فى السنوات العشر الأخيرة، ليس على مستوى النتائج فحسب، بل على مستوى تطبيق أفكار مختلفة، والاستعانة باستراتيجية لعب حديثة متطورة تواكب الحداثة التى تعيشها الكرة العالمية فى الدوريات الأوروبية.
يحب «جلال» لعب «الكرة الشاملة»، القائمة على الاستحواذ الدائم، وتطبيق أسلوب الضغط العالى المتقدم، وحرمان الخصم من الصعود بها.. لكن هل يتناسب هذا الأسلوب مع منتخب مصر؟
فى حقيقة الأمر إن إتباع هذا الأسلوب مع منتخب، أى منتخب، أمر صعب جدًا لأنه يحتاج تكرارًا واعتيادًا وتمرسًا حتى يتعلم اللاعبون الطريقة ويطبقوها بشكلها المعروف، وهذا غير متاح فى المنتخبات التى لا يتجمع لاعبوها سوى كل ٦ أشهر.
لكن ألا يوجد منتخب يلعب أسلوب «الكرة الشاملة»؟ بالطبع لا.. هناك العديد من المنتخبات التى تنتهج هذا الأسلوب، لكن أنديتها ولاعبيها يتمرسون عليها فى الدوريات التى يلعبون فيها، بينما نحن لا يوجد فى مصر من يطبق هذه الفلسفة سوى وادى دجلة، ولا يلعب بهذا الأسلوب سوى محمد صلاح مع ليفربول.
ستكون مقامرة كبيرة إذا تم الاعتماد على إيهاب جلال فى المنتخب، الذى سيكون مطالبًا بالتخلى عن استراتيجيته من أجل النتائج، ومع ذلك فهى ليست مضمونة.
مع الزمالك، تباينت تجربة إيهاب جلال واختلفت عن النجاح الذى كان عليه مع مصر للمقاصة بسبب عوامل كثيرة، أولها استعجال إدارة الزمالك وحاجتها لنتائج عاجلة، وهو رجل يتبع أسلوب لعب يحتاج وقتًا طويلًا.
كما أن المقاصة فريق فى الظل ليست لديه الجماهيرية الكبيرة ولا يتعرض للضغط الإعلامى والجماهيرى وغير مطالب ببطولة، لذا يمكن معه التجربة والصبر حتى تصل إلى تطبيق أفكارك بدقة، بينما يكون الأمر مختلفًا فى الأندية الجماهيرية، وأكثر تعقيدًا فى المنتخب الوطنى.
سيكون أمرًا صعبًا على «جلال» أن تضعه فى مسئولية كبيرة، وهو مدرب لم تكن له تجارب كبيرة من قبل، نعم المغامرة بأصحاب الأفكار والمبتكرين دائمًا ما كانت سر نجاحات أشياء كثيرة، لكن الظروف المحيطة بنا فى هذه الفترة ليست مناسبة له، ولن يكون بمقدوره تطبيق أفكار مع مجموعة اللاعبين الحاليين، كما أنه لن يمتلك رفاهية التجريب وهو يلعب تصفيات كأس عالم، لأنه لن يقبل أحد بأى سقوط يهدد فرصنا بعدم الصعود للمونديال.
إيهاب جلال مدرب صاحب أفكار رائعة، لكنه يحتاج فرصة ووقتًا أفضل، وربما يكون وجوده فى منصب المدرب العام مع «البدرى» أو «شحاتة» ملائمًا له، حتى يكتسب خبرة المواقف الصعبة ويتسلم مهمة الرجل الأول فى توقيت أفضل تكون فيه كتيبة «الفراعنة» أجهز لتطبيق أفكاره الثورية.
يستطيع «جلال» أن يضيف بعض الأفكار والتفاصيل الصغيرة، وأن يبتكر حلولًا رائعة، لكنه لن يتحمل المسئولية كاملة، لذا نراه فى موقع «الرجل الثانى» فى هذا التوقيت.