رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصنيع «الموديلز».. كيف تصبحين عارضة أزياء ناجحة؟

جريدة الدستور


السير فوق ممر طويل أمام الجماهير مرتدية أحدث خطوط الموضة من الأزياء، هو حلم يراود كثيرًا من الفتيات اللاتى يرغبن فى أن يصبحن «موديلز» أو «عارضات أزياء»، قادرات على عرض آخر التصميمات برشاقة وثقة وحيوية، ومن خلال «طريقة مشى» ماركة مسجلة.
لكن أن تصبح الفتاة عارضة أزياء ليس بالأمر الهين، بل يحتاج ذلك إلى طرق عدة أبواب، بدءًا من الوقوف أمام صُناع الموضة المخضرمين، مرورًا بالخضوع لاختبارات وتدريبات تتعلق بالثقة فى النفس والقبول، بخلاف توافر شروط أخرى صارمة تتعلق بالطول والوزن والصحة.
«الدستور» تخترق هذا العالم وتنقل العديد من أسراره خلال السطور التالية.

أطول من 170 سم.. محترفة رياضة غير مدخنة.. وتتابع طبيب أغذية
بدأت عزة سمير، مدربة عروض الأزياء، حديثها عن صناعة عرض الأزياء فى مصر، بالإشارة إلى أنها أصبحت تعانى من حالة فقر شديد، بسبب ندرة عارضات الأزياء المميزات، وافتقاد غالبية الموجودات فى الوقت الحالى المواصفات و«الكاريزما» والثقافة المطلوبة، مضيفة: «مع هذا الفقر نحاول قدر استطاعتنا تقديم ما تحتاجه السوق وفقًا للإمكانيات المتاحة».
وتشير إلى أهم الشروط الواجب توافرها فى عارضة الأزياء: «لا بد أن يتوافر فى عارضة الأزياء قدر من الجمال الخارجى حتى تجذب الناظرين إليها، وعلى الرغم من أن كل فتاة جميلة فى شىء معين يخصها، مثل الأنف أو البشرة أو الشعر، لكن ليس كل فتاة جميلة تصلح لأن تكون عارضة أزياء على مسرح يحضره الزوار من أجل شراء مقتنيات العرض».
وتوضح: «لا يمكن لفتاة أن تقتحم المجال، إلا بعد توافر مواصفات جسدية متناسقة، وهو أمر رئيسى لا غنى عنه، فيتحدد الطول بأكثر من ١٧٠ سم، والوزن ٥٣ كيلوجرامًا أو وفقًا للطول، مع عدم وجود أى علامات فى الوجه، وضرورة احتراف لعبة رياضية، بخلاف الاهتمام بروتين يومى للعناية بالبشرة والشعر والمتابعة مع طبيب تغذية، ويفضل ألا تكون مدخنة».
وتكشف عن أن الواقع فى مصر غير ذلك، لأن «الفتيات الموجودات حاليًا فى الساحة أطوالهن ١٦٥ سم، وتعوض كل منهن فارق الطول بارتداء الكعب، كما أن الجسم فى الأغلب يكون غير متناسق».
وبجانب المواصفات الشكلية، تعد التدريبات الخاصة بـ«الموديل» أمرًا مهمًا للغاية، وفق «عزة»، التى توضح: «ينبغى تمرين الموديل على الأداء السليم للعرض، خاصة فى حالة تسويق المجوهرات، التى تحتاج إلى أسلوب فريد أثناء تقديمها للجمهور، كما أن الوقوف أمام الكاميرا ليس بالأمر الهين، لذا يحتاج للكثير من الثقة إذا أرادت الفتاة أن تحترف تلك المهنة».
وعن وكالات الأزياء المنوط بها التدريب والإشراف على صناعة «الموديل»، ترى مدربة عروض الأزياء أنه يمكن للفتاة أن تذهب إلى المدرسة التى تريدها أو الوكالة المناسبة لطموحها من أجل تأهيلها ذاتيًا، وتدريبها على كسر حاجز الخوف بينها وبين الآخرين، والحفاظ على نمط حياتى سليم يتماشى مع المهنة، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل هناك بعض الوكالات المسئولة التى ترسل الفتاة إلى طبيب غذائى.
لكنها ترى فى الوقت ذاته- من واقع خبرتها كمسئولة عن إحدى الوكالات الخاصة بالأزياء- أن معظم هذه الوكالات أصبح مجرد «سبوبة»: «وكالات الأزياء بقت مالهاش فى الشغلانة، بجانب انعدام الرقابة فى الوكالات، وتدنى مقاييس الاختيار».
وتشكو كذلك من نظرة المجتمع إلى عارضة الأزياء بشكل غير أخلاقى، وتقول: «جميع اللقاءات التليفزيونية تهاجم الموضة وعارضات الأزياء، على اعتبار أنها مهنة غير أخلاقية، فهم يرون أن الفتاة تقدم عرضًا مغريًا لجسدها، لكن هذا الأمر غير منطقى. فالعرض ينصب على الفستان وليس الموديل»، معترفة بأنه بالفعل توجد بعض الأمور اللا أخلاقية فى المهنة، من قبل أناس ليست لهم علاقة بالمجال، متخذين الممارسات غير الشرعية ستارًا ووسيلة لتحقيق أهدافهم.
وعن مواقع التواصل الاجتماعى ودورها فى شهرة بعض عارضات الأزياء، تقول: «هذه المواقع تمجد من لا يستحق، فتقدم العديد من عارضات الأزياء الوهميات وغير المطابقات للمواصفات، فتسعى بعض الوكالات غير المسئولة لاستقطاب هؤلاء الفتيات، ما أدخل الكثير من التشوهات والانحدار على المهنة».
الوجه الآخر للمهنة: شركات محتكرة.. عمل دون عقود.. وضغوط متواصلة حتى يوم العرض
رغم أن المهنة تبدو لدى غير العاملين بها واحدة من أبسط المهن، لكن وفق عارضات أزياء «ما وراء الكواليس أكبر مما يمكن أن يقال»، و«الوضع خلف الستارة يتطلب من الفتاة أن تغير ثيابها فى أقل من دقيقة لترتدى أخرى، مع التمكن من بعض المهارات التمثيلية».
هذا ما تؤكده مروة طلعت، الحاصلة على لقب «أفضل عارضة أزياء فى مصر»، المصنفة ضمن «أفضل٢٠ عارضة على مستوى العالم» لعام ٢٠١٧، موضحة: «تعانى عارضة الأزياء من عدة ضغوط خاصة الأيام السابقة للعرض، فيخصص يوم لـ(الكاستنج) أى الاختبارات، وآخر لضبط المقاسات واختيار الفساتين المناسبة لكل عارضة، وثالث للبروفات». أما يوم العرض نفسه فيبدأ من ٨ صباحًا.
وترى أن أسوأ ما فى المهنة، احتكار عارضات الأزياء من قبل شركات تهدر فى كثير من الأوقات حقوقهن المادية، بجانب عدم توقيعها عقودًا رسمية معهن، لذا «لا يمكن للعارضة أن تطالب بحقوقها، بل حال طلبها تقديم عرض ما، يحق للشركة المسئولة الحصول منها على أموال من هذا العرض، دون أن تمنحها أى مقابل مادى». وتضيف «مروة» أن «صناعة الأزياء لم تعد تأخذ حقها، ففى الماضى كانت العارضات من الطبقات الاجتماعية العليا، والاختيار على أساس الخبرة، أما الآن تدنى المستوى إلى حد كبير، وأصبحت (سبوبة) لمعظم الفتيات، كما أن المسئولين عن تدريب الفتيات لا يمتلكون الخبرة، ويقبلون أى فتاة حتى لو كانت مخالفة للمواصفات المطلوبة».
وعن دور مواقع التواصل الاجتماعى، تقول: «على الرغم من أنها كانت السبب فى انتشار مهنة عارضات الأزياء، إلا أن مساوئها بالنسبة للمجال أكثر، إذ صنعت عارضات وهميات عن طريق شراء المتابعين، وجلسات تصوير، لتبدأ بعدها فى ممارسة المهنة بأسعار زهيدة مقارنة بالمحترفات»، مشيرة إلى وجود مدارس عرض أزياء فى مصر، وعلى الرغم من تدهورها فى الفترة الأخيرة، ما زالت تحتفظ برونقها الخاص، وتقدم فقط من تستحق أن تكون «موديل».
وفى إطار الوجه الآخر للمهنة أيضًا، تظهر نظرة المجتمع لمهنة عارضة الأزياء، وفق هبة إدريس، مصممة الأزياء، التى تقول: «المجتمع نجح فى القضاء على فكرة أن تكون هناك عارضات مصريات على مستوى عالمى، بسبب النظرة السلبية تجاه المهنة وتصويرها على أنها ضد الدين»، وهو ما أرجعته إلى قلة الوعى وانعدام الثقافة.
وعن عارضات الأزياء المحجبات، تقول: «مبقاش فيه فرق دلوقتى بين عارضة أزياء محجبة ومش محجبة، لكن فيه ثقافة موجودة إن كل ما الست اتحجبت كل ما بتهمل فى نفسها».
وترى أن عارضات الأزياء المصريات يحتجن إلى «كورسات» فى التمثيل، الذى يمثل جزءًا مهمًا من المهنة، لأن «كل عرض يحتاج إلى تقمص دور معين يتماشى مع الحالة الموجودة، لكون التصميم حكاية تُبرز من خلال عارضته، وإن لم تصل إلى الجمهور، فهذا يعنى أن العرض فشل»، وتنصحهن كذلك بمتابعة عارضات الأزياء على مستوى العالم، مع إمكانية الاستعانة بخدمات طبيب نفسى. من جهته، قال مصمم الأزياء محمد كمال: إن صناعة الأزياء فى مصر، تفتقد إلى المعايير السليمة، واختيار العارضات يتم بعشوائية، والعارضات لا يحافظن على شكلهن، فيومًا تنطبق عليها المعايير، وآخر لا تهتم بنظامها الغذائى فتصاب بالسمنة التى لا تتناسب مع المهنة.