رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القادرة والحزين رامي لـ«أم كلثوم»: ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني



لم يتقاض قرشًا واحدًا عن أى أغنية كتبها لـ«أم كلثوم»

أم كلثوم لم تحبه أبدًا.. وقالت عنه «أحب فى رامى الشاعر وليس الرجل»


أحبها كما لم يحبها أحد، وتمنى أن يعيش إلى جوارها حتى آخر يوم فى حياته، ورغم ضيقه بأنها تحب فيه الشاعر وليس الرجل، فقد حوّل كل رسائل الغرام والشوق الملتهب فى صدره، إلى أغنيات جميلة شدت بها، حتى عتابه لها وشكواه وأنينه من هجرانها نظمه أيضًا فى أغنيات رددها الناس من المحيط إلى الخليج، وبكوا عليها وطربوا لها.. دون أن يدرك الكثير منهم أنها ليس مجرد كلمات، ولكنها مشاعر فاضت فى قلب «شاعر الشباب» لحبيبة عمره أم كلثوم.
منحها «١٣٧» أغنية من أروع أغانى الغرام، ولم يتقاض عنها قرشًا واحدًا، وعندما كانت تسأله مستنكرة: «هل أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك؟»، كان يرد قائلًا: «نعم، أنا مجنون بُحبِك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعتِ أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التى تغنّى بها؟».
لقد أحبها حبًا أفلاطونيًا، وعندما حوصر يومًا بسؤال عن حبه لها قال: «إننى أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه، ولم أصعد إليه، لكنى أشعر بعظمته وشموخه، وكذلك هى».
من أوائل الأغنيات التى كانت تعبر عن شوقه لها، أغنية:
الصَبُّ تفضحُهُ عيونُه..
وتَنمُّ عن وَجْدِ شجونِه.
كانت أم كلثوم تدرك مدى حبه لها، وإن كانت لم تبادله حبًا بحب، ولكنها أدركت أن حرمانها الشاعر هو الذى سيشعل قلبه ويلهب مشاعره، فينظم لها مزيدًا من الأغنيات الجميلة، وفى إحدى الجلسات سُئلت أم كلثوم عن حب رامى لها فقالت: «أحب فى رامى الشاعر وليس الرجل»، وعندما عرف ما قالت شعر بألم كبير وكتب أغنيته التى يقول فيها «عزة جمالك فين.. من غير ذليل يهواك، وتجيب خضوعى منين ولوعتى فى هواك».
وفى لحظات أخرى من لحظات الألم كتب أغنيته التى يقول فيها:
صعبان على اللى قاسيته فى الحب من طول الهجران
ما اعرفش إيه اللى جنيته من بعد ما رضيت بالحرمان
تحولت دموع رامى إلى بحر يسبح فيه كل العشاق فى عالمنا العربى، وأن يحول بكاءه وأنينه إلى عرش للمجد جلست فوقه أم كلثوم كزعيمة بلا منافس فى عالم الطرب العربى.
فى رائعته «حيرت قلبى معاك» جدد رامى عهده لمن ملكت فؤاده قائلًا:
حأفضل أحبك من غير ما أقولك
إيه اللى حير أفكارى
لحد قلبك ما يوم يدلك
على هوايا المتدارى
وعندما استبد به الضيق من صدها لقلبه، كتب لها أغنية «يا ظالمنى»» التى يقول فيها:
وأطاوع فى هواك قلبى وأنسى الكل علشانك
وأذوق المر فى حبى بكاس صدك وهجرانك
كان أحمد رامى يتقبل منها الكثير ويتحمل ما لا يحتمل، لكنه لم يطعها عندما طلبت منه بعد زواجها من الدكتور حسن الحفناوى، أن يكتب لها قصيدة تعبر عن حبها للحفناوى، ويبدأ مطلعها بعبارة «شايف الدنيا حلوة لإنك فيها» فغضب غضبًا شديدًا وقال لها وهو يهم بالانصراف: «أنا شايف الدنيا سودة، أشجارها بتلطم، وأرضها بتبكى»، ويومها غضبت منه أم كلثوم وخاصمته.
وعندما يئس من تجاوبها معه، تزوج من إحدى قريباته لكنه أبقى صورها معلقة فى بيته، وأنشد أغنيته الشهيرة التى يقول مطلعها:
أصون كرامتى من قبل حبيبى
فإن النفس عندى فوق قلبى
رضيت هوانها فيما تقاسى
وما إذلالها فى الحب دأبى
ورغم ذلك لم يمت حب أم كلثوم يومًا فى قلب رامى، فظل يعبر عن مشاعره نحوها فى أغنياته، وفى آخر أغنية كتبها لها، «يا مسهرنى»، أراد أن يعاتبها عتاب المحبين، لأنها لم تزره رغم علمها بأنه لزم بيته لفترة طويلة بسبب حالة اكتئاب ألمت به فكتب يقول:
ماخطرتش على بالك يوم تسأل عنى
دا عنيا مجافيها النوم يا مسهرنى
وعندما رحلت أم كلثوم عام ١٩٧٥، أصابته حالة اكتئاب كبيرة، قرر بعدها أن يكسر قلمه ولا يكتب لأحد سواها، ولم يخرجه من هذه الحالة سوى طلب من الرئيس الراحل أنور السادات، بأن ينشد قصيدة فى حفل أقامه لتأبين أم كلثوم فى الذكرى السنوية لرحيلها، فكتب رامى قصيدة قال فيها:
قد كنتُ أسـمعها تشدو فتُطربنى
واليومَ أسمعنى أبكى وأبكيها
يـا دُرّةَ الفـنِّ.. يا أبهى لآلئهِ
سبـحان ربّى بديعِ الكونِ باريها
مهـما أراد بيانى أنْ يُصوّرها
لا يستطيع لها وصفًا وتشبيها