رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنواعٌ من البلطجة


يبدو أننا قد أصبحنا فى مواجهة أنواع من البلطجة المستجدة على مجتمعنا.. ومن الضرورى أن تواجهها الدولة بصرامة وحزم، وبقوانين أكثر ردعًا من القوانين الحالية حتى لا نتحول إلى مجتمع تُمارس فيه البلطجة كسلوك يومى، خاصة أن الحوادث العنيفة التى وقعت مؤخرًا تحدث داخل المدارس أو أمامها، ما يستدعى تدخلًا سريعًا وقويًا، ليس فقط بالقوانين الرادعة، وإنما أيضًا مواقف حازمة من قبل الدولة، وبخاصة وزير التربية والتعليم تجاه ما حدث، ومنع ممارسة أى بلطجة أو حوادث عنف مماثلة فى المدارس الحكومية.
إن الدولة والمجتمع مطالبان برفض ونبذ كل من يُمارس البلطجة والعنف، خاصة أنها أشكال وأنماط جديدة علينا، لا نريدها أن تصبح وكأنها سلوك عادى أو يومى فى الشارع المصرى الذى علينا أن نجعله أكثر نظامًا وهدوءًا وأقل زحامًا وأكثر انصياعًا للقوانين، كما أن البلطجة قد أصبحت تستخدم أساليب جديدة لم نسمع بها أو عنها من قبل، لذا لا بد من التصدى لهذه النوعية من المواطنين قبل أن يفكروا فى ممارستها، فالبلطجة مرفوضة تحت أى شكل، ولن يفلت من يمارسها من توقيع الجزاءات عليه.
وأورد هنا بعض الأمثلة المؤسفة التى حدثت مؤخرًا.. فعلى سبيل المثال وقعت حادثة عنيفة راح ضحيتها طفل صغير تم تشويه وجهه، وللأسف لم تتم معاقبة من قامت بالسلوك البلطجى الخاطئ واستطاعت أن تتهرب من العقوبة.. والواقعة باختصار أن سيدة كانت تصطحب كلب حراسة أسود ضخمًا يشبه الوحش القبيح أمام مدرسة الشهيد نبيل الوقاد بالنزهة أثناء توجهها لاصطحاب أبنائها من المدرسة وربطته فى عامود إنارة أمام المدرسة، ثم حدثت الواقعة الأليمة، حيث هجم الكلب المتوحش فجأة على تلميذ صغير فمزق وجهه، ما أسفر عن إصابته بجراح غائرة فى جسد ووجه الطفل، ما جعله يغرق فى دمائه.
وللأسف فإن هذه السيدة قد لاذت بالفرار من عواقب فعلتها باصطحابها هذا الكلب الضخم الذى لا تستطيع السيطرة عليه، واستطاعت أن تُحضر شهود عيان فى القسم عند تحرير محضر ضدها فى قسم الشرطة بأنها لم تتعمد أن يهاجم كلبها الضخم التلميذ الصغير ولم تنل أى صورة من صور العقاب، وعادت إلى بيتها سالمة، بينما التلميذ سيظل لديه تشوه فى وجهه ورعب فى قلبه طوال حياته بسبب هذه السيدة وكلبها. والسؤال الآن: هل اصطحاب الكلاب المتوحشة أصبح متاحًا ومباحًا أمام مدارس الصغار؟ وهل اصطحاب الكلاب الضخمة لا يستطيع أحد منعه بقوة القانون؟ لقد شاهدت فى الشواطئ هذا العام مصطافين يتنزهون بكلابهم الضخمة الطليقة على الشواطئ بين المصطافين، وليس هناك من يردعهم لأنه ليس لدينا قانون يمنع السير بالكلاب الضخمة أو كلاب الحراسة المتوحشة التى كثر استخدامها فى السنوات الأخيرة ليس لحراسة البيوت والمنازل فقط، وإنما يتم اصطحابها فى الشوارع أو الشواطئ أو الأندية.. وهذا فى تقديرى نوع من البلطجة والاستهتار بحياة الآخرين وأمنهم وسلامتهم ولا بد له من قانون رادع فى مواجهة هذا السلوك الهمجى، وهذا القانون سيؤدى إلى تمكين رجال الشرطة من التصدى لهذه السلوكيات العدوانية والاستقواء بكلاب الحراسة على الناس، لأنه نوع من الإرهاب للناس من خلال الكلاب المتوحشة.
حادثة أخرى وقعت فى أسيوط، حيث شهدت مدرسة ساحل سليم الثانوية الصناعية صفع أحد التلاميذ بالصف الثالث أحد المدرسين أثناء حصة العملى فى ورشة الكهرباء عندما طالبه المدرس بأن يلتزم بالزى المدرسى ويُحضر الأدوات معه، ما أدى لنشوب مشاجرة بينهما ضرب خلالها الطالب المدرس على وجهه ولاذ بالفرار، وتم تحرير محضر بالواقعة، وتحولت الواقعة للشئون القانونية فى مديرية التربية والتعليم.
أما الحادثة الثالثة فهى واقعة غريبة حدثت فى المدارس أيضًا، حيث شكا أولياء أمور تلاميذ مدرستين بمنطقة شرق الإسكندرية التعليمية من وجود سيدة أمام المدرستين تقوم بمهاجمة التلاميذ برشقهم بالحجارة أثناء خروجهم من المدرسة وأنها تتواجد هناك بصورة مستمرة. ويبدو أن الشكاوى كانت مستمرة ولم يتخذ أحد إجراءات للتحقيق فيها. وتم القبض عليها بعد عدة شكاوى وعدة مهاجمات للتلاميذ وتبين أنها مختلة عقليًا، وتم إبلاغ مستشفى المعمورة للأمراض العصبية والنفسية لإيداعها به.
وفى القليوبية بقرية أجهور الكبرى تعدت مدرسة على تلميذ يُدعى «فارس طنطاوى» بالضرب المبرح، ما أدى إلى إصابته بجروح وكدمات وأبلغت والدته مديرية الأمن بأنها ليست الواقعة الأولى، وأن المدرسة اعتادت التعدى على التلاميذ بالضرب المبرح، وتم تقديم عدد من الشكاوى ضدها ولم يُتخذ إجراء فورى ضدها إلا بعد تكرار الشكاوى والإصرار عليها من الأهالى، وتم إبلاغ وكيل وزارة التربية والتعليم بالتحقيق فى الشكاوى حماية للتلاميذ من العنف ضدهم.. وهذا أيضًا نوع من البلطجة لا بد من وقفه.
وفى أسيوط صدم موتوسيكل دون أرقام أو لوحات معدنية تلميذًا اسمه «رشدى جمال» بالصف الأول أثناء خروجه من المدرسة ولاذ الموتوسيكل بالفرار.. ورغم أن استخدام الموتوسيكلات، دون أرقام، ممنوع قانونًا، إلا أننا كثيرًا ما نرى موتوسيكلات دون لوحات معدنية تجوب الشوارع وتسرق أيضًا حقائب السيدات ولا أحد يتصدى لهم.. وهذا أيضًا نوع من البلطجة نتركه طليقًا دون التصدى له.
وفى كثير من المدارس الحكومية هذا العام ورغم أنها ممنوعة قانونًا، إلا أن الدروس الخصوصية بالمدارس لا تزال تمارس جهارًا ونهارًا، حيث شكت لى كثير من الأمهات من الأسر الأكثر احتياجًا أنه يتم إرغام أبنائهم التلاميذ على أخذ الدروس الخصوصية من مدرسى الفصل وإلا سيرسب التلميذ فى نهاية العام الدراسى، وطالبتنى الأمهات بأمانة الكتابة فى هذه المشكلة المستمرة التى لا تقوى ملايين الأسر على تكلفتها الباهظة.. إنها صورة من صور البلطجة أيضًا التى تمضى دون عقاب أو محاسبة.. لذا فإنه لا بد من وقفة أمام البلطجة فى المدارس والتصدى لها بجميع الوسائل المناسبة ووقفة من جانب المسئولين فى الدولة للقضاء عليها، ولا بد أيضًا من تشديد القوانين التى لا يزال الكثير منها لا يتناسب مع ما استجد من قضايا ومشكلات فى مجتمعنا.