رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"سيد اللاعبين".. فرص صلاح لاقتناص جائزة الأفضل فى العالم

جريدة الدستور

فى حدث تاريخى ومشهد غير مسبوق فى تاريخ الكرة المصرية، يعتلى نجمنا الدولى محمد صلاح أعلى منصة فردية فى عالم كرة القدم، عندما يقف إلى جوار البرتغالى كريستيانو رونالدو والكرواتى لوكا مودريتش، فى حفل الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»، لإعلان جائزة أفضل لاعب فى موسم ٢٠١٨.
فبعد ١٠ أعوام شهدت احتلالا وسيطرة غير طبيعية من الثنائى ليونيل ميسى ورونالدو على الجائزة منذ تنافسهما فى ٢٠٠٨، جاء «لوكا» و«مو» ليكتبا السطر الأخير فى هذه الحكاية، ويتمردا أمام تلك الثنائية التى انحنى لها الجميع، وانتظرت طويلًا حتى تجد من يكسرها.
«الدستور» ترصد فى السطور التالية، ما قدمه اللاعبون الثلاثة المرشحون للفوز، وفرص نجمنا المصرى لتحقيق إنجاز لم يخطر على بال مصرى من قبل.


بطولات ليفربول وصفر المنتخب عائق.. وتفوقه على رونالدو يكفى

لا يعتقد كثير، بل غالبية المصريين، أن محمد صلاح سيفوز بـجائزة الأفضل خلال حفل الليلة، لكن الجميع يؤمن بأن الوقوف على حساب ليونيل ميسى اللاعب الأعظم فى تاريخ اللعبة، وإقصاء نجوم بحجم أنطوان جريزمان المتوج بثلاث بطولات قارية (كأس العالم، واليوروباليج، والسوبر الأوروبى)، هو تكريم لم نحلم به، ولم يسع صلاح إليه بالأساس عندما جاء إلى ليفربول.
عندما جاء صلاح إلى ليفربول الصيف قبل الماضى قال إنه لديه هدف فردى يسعى لتحقيقه، وعندما فاز بجائزة أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى أعلن أن ما خطط إليه قبل انطلاق الموسم وعمل من أجله وهو التتويج بـ«هداف البريميرليج»، تحقق.
صلاح واصل حديثه بأنه لم يسع للتتويج بأفضل لاعب فى أوروبا، وبالتالى الكرة الذهبية أيضًا، لكنه اختتم كلامه بأنه يحلم بأن يحقق الجائزة الأوروبية الموسم المقبل.
إذًا يعلم صلاح أنه ذاهب من أجل مجاورة الفائز، ويؤمن بأن وصوله لهذه المنصة بعد أول موسم له بالدورى الإنجليزى هو إنجاز كبير، لكن إعلانه قبول التحدى الجديد يجعلنا جميعًا ننتظر ونحلم مرة أخرى بعودته لتلك المنصة مستقبلًا، فضلا عندما يعد يفى دائمًا.
يدخل صلاح حفل الليلة وكل آماله وآمالنا أن يأتى ثانيًا خلف لوكا مودريتش، الذى يُعد عدم تتويجه أمرًا صعبًا إلا إذا حضرت المفاجآت والألاعيب، فمجرد وقوعه ثانيًا فى الترتيب وإعلان تفوقه على رونالدو بعد أن أزاح ميسى سيعد تتويجًا معنويًا وتاريخيًا سيسطره الجميع، وسيساعد نجمنا المصرى فيما هو قادم من تحديات. عبر موسم طويل قدم فيه محمد صلاح موسمًا خرافيًا سجل ٤٤ هدفًا مع فريقه وصنع ١٦ أخرى، نال جائزة أفضل لاعب بالدورى الأقوى والأهم فى أوروبا، ووضع ليفربول فى نهائى الأبطال بعد عزوف سنوات طوال، وأعاد فريقه إلى المنافسة على البطولة المحلية.
لكن الشىء الوحيد الذى يقلل فرص تتويجه بالمركز الأول فى مشهد الليلة هو عدم تتويجه بأى بطولة، عوضًا عن الشكل المخزى الذى بدا عليه منتخبنا بالمونديال.


المرشح الأبرز بفضل الجماعية.. وفوزه ينهى «عصر الأرقام الفردية»

رغم أنه لم يسجل سوى هدفين وصنع ٨ طوال موسم كامل، إلا أنه يدخل سباق الليلة بحظوظ تفوق منافسيه، وفرص تجعله الأقرب للفوز بالجائزة بإجماع خبراء اللعبة وعشاقها فى كل مكان.
كانت الجائزة قديمًا تُمنح للأحق بصرف النظر عن الأرقام الفردية التى ربما لا تكون معبرًا حقيقيًا عن الأدوار التى يقوم بها اللاعب، لكن مُنذ خضعت جوائز كرة القدم الفردية لظاهرة الأرقام مع بروز ظاهرة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسى، تعددت الضحايا واختفت أدوار لولاها ما تمكن هؤلاء النجوم من صناعة أرقامهم هذه، فكان خروج الأسطورة الإسبانية أندريس إنييستا والفرنسى فرانك ربييرى دون التتويج بهذه الجائزة عارًا سيظل يلاحق المسئولين عن اللعبة سنوات طوالا.
فى ٢٠١٨، يبدو أن الأمر تبدل والحال عادت لما كانت عليها قبل ٢٠٠٨، إذ عادت تلك النظرة القديمة التى تجاهلت لغة الأرقام، وبحثت فى التفاصيل التى تجعل لاعبًا مثل مودريتش يقود منتخبًا غير مرشح مثل كرواتيا إلى نهائى المونديال فى وقت يودع فيه الأساطير الكبار البطولة رغم أن منتخبات بلادهم مدججة بالعناصر المرعبة.. حدث ذلك مع رونالدو وميسى وإنييستا وروبين.
مودريتش يدخل عُرس الليلة بقلب مطمئن، وثقة كبيرة فى التتويج، فهو لاعب الوسط الذى قاد فريقًا لم يتوقع أحد أن يذهب بعيدًا وسط كبار المونديال، ومع مدريد كان حلقة الوصل بين خطوط اللعب، ومحور الأداء الذى منح فريقه بطولة الأبطال.
وجد مودريتش مُنذ ترشحه للجائزة تعاطفًا كبيرًا، ورأى عشاق كرة القدم فيه تعويضًا لتكريم لم ينله كثير من المقاتلين، الذين تختفى مجهوداتهم خلف أرقام يصنعها البعض بفضلهم.
خسر مودريتش فرديًا أمام رونالدو وصلاح، لكنه فاقهما جماعيًا فالأخير لم يُتوج بأى بطولة، والأول تفوق بدورى الأبطال فقط وهو نفس التفوق الذى حققه مودريتش مع الريال، لذلك ربما نشاهد غدا انتصارًا للجماعة على الفرد بعد سنوات طويلة من الاحتكار الرقمى لتلك الجائزة.


سقوط أمام «مو» و«لوكا».. والتكريم أمله الوحيد فى ظهوره الأخير

لم يقدم رونالدو الموسم الماضى ما يشفع له بأن يتزعم لاعبى العالم هذا الموسم، أو حتى التواجد بين ثلاثتهم، فكان إنجازه الوحيد هو التتويج بدورى أبطال أوروبا وهدافها، وهو رقم طبيعى سيحققه بالطبع المهاجم الرئيسى لأفضل فرق البطولة، مثلما كان تتويج ميسى هذا الموسم بالثلاثية المحلية والحذاء الذهبى أمرًا معتادًا لأسطورة بحجمه، ولم تشفع له بأن يكون بين المرشحين بالأساس.
على المستوى الفردى سجل رونالدو نفس أرقام صلاح فيما يتعلق بالأهداف المسجلة، لكنه صنع ثمانية أهداف فقط، وتفوق على نجمنا محمد صلاح فيما يتعلق بالبطولات، حيث فاز بدورى الأبطال، وكأس العالم للأندية والسوبر الإسبانى.
رونالدو الذى رفض مقارنته بصلاح وتحدث بغرور اعتدناه منه يأمل فى أن يحصل على تكريم ربما يكون سياسيًا أو دبلوماسيًا فى ظهوره الأخير- بنسبة كبيرة- على هذه المنصة، بعدما تراجع مردوده وترك ريال مدريد ولم يعد قادرًا على تقديم نفس الأدوار.
خاض رونالدو معركة إعلامية ضخمة عقب خسارته جائزة الأفضل فى أوروبا، أملًا فى أن تُسهم حملته هذه فى تغيير شىء عندما يأتى لمجاورة مودريتش وصلاح الليلة، بينما ستكون الطعنة الكبيرة التى لم يتوقعها لحظة واحدة هى أن يأتى ثالثًا فى الترتيب بعدما رأى فى تصريحاته تفوقًا كبيرًا على الفرعون.
كل ما يخشاه البرتغالى أن يخسر آخر رهاناته الفردية، وأن يكون وجوده على المنصة فى هذه الليلة الأخير فى ظل تراجعه، وصعود نجوم جُدد يمهدون لاعتلاء تلك المنصة أمثال صلاح وهازارد، ومبابى، ونيمار، ومعهم ميسى، الذى لا يريد أن ينتهى وبدأ موسمه بشكل رائع كعادته. يعرف رونالدو أن خروجه مبكرًا من مونديال روسيا كان السبب الرئيسى فى تقليص فرصه، فلم تعد ذات الأذنين كفيلة بمنحه التفوق على الجميع، فالمونديال ذاته لم يكن كفيلًا بتتويج كثيرين بدءًا من إنييستا، مرورًا بالألمان جميعًا وصولًا إلى الفرنسيين، على رأسهم جريزمان.