رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أميرة ملش تكتب: تعددت الأسباب والقتل واحد

أميرة ملش
أميرة ملش

فى وقت ما تصورت أن القاتل هو إنسان مختل عقليًا، لأن بالتأكيد الإنسان الطبيعى لا يمكن أن يُقدم على هذا الفعل، رغم أن البشرية فى الأساس بدأت بجريمة قتل، عندما قتل قابيل أخاه هابيل طمعًا فى زوجته، ولكن يظل فعل القتل فعلًا غريبًا على الذات البشرية، وبعد ذلك ذهبت إلى رأى آخر وهو أن الشخص الذى يُقبل على قتل شخص آخر ليس بالضرورة أن يكون مختلًا، وإنما لديه قوة نفسية خارقة لفعل ذلك، فالقتل هو عملية إنهاء حياة كائن حى بفعل كائن آخر، وهناك ثلاثة أنواع من القتل وهى القتل العمد والقتل الخطأ والقتل بالصدفة.

الحقيقة أن القاتل تحركه أشياء كثيرة، مشاعر وأحاسيس وأسباب مختلفة، هناك من يقتل بالصدفة مثل (الحرامى) الذى يستهدف الشقق السكنية تحديدًا ويسمى أيضا (الهجام)، وفى أوراق الشرطة عندما يتكرر الأمر يسمى (مسجل خطر سرقات منازل)، فهو أكثر شخص، كما يقول ضباط البحث الجنائى، يقتل بالصدفة، لأنه غالبا عندما يستهدف شقة يراقبها جيدًا ويعرف مواعيد دخول وخروج قاطنيها بدقة، ويحدد توقيت الهجوم على البيت فى الوقت الذى يكون أصحابه ليس فيه، ولكن عنصر المفاجأة هو الذى يحوله لقاتل، فعندما يفاجأ بأن هناك أحدًا فى المنزل، لا يكون أمامه اختيار آخر غير قتله، هو يدخل الشقة ليسرق فقط ولا يدخل ليقتل، ولكن هذا الشخص الذى وجده والذى يكون فى الغالب قد تواجد داخل البيت فى هذا التوقيت بالصدفة، إما أن يكون مريضًا لم يذهب إلى العمل، أو استغرق فى النوم ولم يستيقظ فى الميعاد المحدد ليذهب إلى عمله أو دراسته، وأسباب أخرى.

ولكن النتيجة أنه مكث فى البيت وطبعا الحرامى مش عامل حسابه على كده، فمن خلال مراقبته ظروف أهل البيت فهو على يقين بخلوه الآن تماما، ويكون الحل الوحيد أمامه فى هذه الحالة هو القتل، لذلك هو قاتل بالصدفة، وقد حدثت جريمة قتل قريبا بهذه الطريقة، عندما قُتلت الطالبة أسماء الرفاعى، الطالبة بكلية التمريض جامعة الأزهر، داخل مسكنها بمنطقة الحى العاشر فى مدينة نصر، وقد اعترف القاتل بأن الدافع وراء ارتكاب الواقعة كان السرقة، وقد قال إنه من خلال مراقبته الشقة علم أن القاطنين بها هم مجموعة من الفتيات يغادرن الشقة كل يوم فى التاسعة صباحا، ولكنه عندما دخل الشقة فوجئ بفتاة نائمة، وعندما استيقظت انقض عليها وخنقها بإيشارب، وأوضح أنه لم يكن يقصد قتل الفتاة، لكنه خشى من صراخها وافتضاح أمره، وهذه القضية مثال واضح على هذه النوعية من القتل.

وهناك من يحركه الانتقام والغل فيدفعه للقتل، وهنا يقول الضباط إنهم يعلمون أن الجريمة وراءها دافع الانتقام بسبب عدد الطعنات الكثيرة، أو طلقات الرصاص الكثيرة أيضا، ولكن الطب النفسى يقول سببا آخر لعدد الطعنات المتعددة، هو أحيانا ما يحدث ما يسمى (هيستيريا الدم)، وهو أن منظر الدماء يثير القاتل ويصيبه بحالة هيستيريا تدفعه للقيام بتسديد ضربات أكثر للضحية أو إطلاق رصاص أكثر.
ومن يقتل من أجل الخوف من افتضاح أمره، مثل الرجل الذى قتل خطيب ابنته فى الشروق ودفنه فى مطبخ الشقة، وهى الجريمة التى حدثت مؤخرًا وهزت الرأى العام، ومن يقتل من أجل الطمع، الفقر والأزمات المادية، الجنون والشرف وحتى الحب فمن الحب ما قتل، الأسباب كثيرة وكل قاتل له دافع مختلف، ودراسة نفسية القاتل الواعى والمدرك لما يفعل، أمر ضرورى، خاصة فى مصر، بعد أن تزايدت جرائم القتل فى الفترة الأخيرة لأسباب عديدة.
فقد تكون أحيانا لظروف نفسية ضعيفة يائسة بائسة، وأحيانا تفسر بالقوة والجرأة والفجر، فهو ملف غاية فى الأهمية يحتاج من المتخصصين فى علم النفس والاجتماع لبحثه وتفسيره، حتى لا يتحول البلد لغابة، ولعلنا فى مرات قادمة نتحدث عن جرائم القتل ونتناول أنواع القتل بتفاصيل أكثر.