رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مراحل تطور الكعبة عبر التاريخ.. المصريون شيدوها بشكلها الحالي

جريدة الدستور

يقصد ملايين المسلمين الكعبة المشرفة، في كل عام لأداء مناسك الحج والعمرة، ومنذ فجر التاريخ ويقص الناس البيت الحرام للحج حتى من قبل ظهرو الدسن الإسلامي، ومرت الكعبة بمراحل تطور كثيرة على مر العصور، وأعيد بنائها قرابة 12 مرة، كانت أخرهم على يد مهندسين مصريين في العهد العثماني.


إبراهيم وإسماعيل يرفعها القواعد
أعاد نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل بناء الكعبة مرة أخرى، بعد طوفان نوح عليه السلام، وحينها كان بناء الكعبة من بالحجارة فقط، والتي وضعت فوق بعضها البعض، ولم يكن للكعبة حينها باب، ولكن كان هناك مكان له في الجدران.

وجعل إبراهيم عليه السلام للكعبة ركنين، الركن الأسود والركن اليماني، وقد جعلها على هيئة نصف دائرة، كما جعل الباب ملاصقًا بالأرض، وكان ارتفاعها من الأرض إلى السماء يبلغ 9 أذرع.

"قصي بن كلاب"
بعد مرور سنوات عديدة تعرض مبني الكعبة للتصدع، وهو ما جعل قصي بن كلاب، وهو يعد الجد الرابع للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، يتول أمر بناء الكعبة، فوقتها كانت له الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء فحاز شرف مكة كلها، وجمع النفقة من هدم الكعبة، ثم بناها مرة أخرى، وحينها غطاها بخشب الدوم، وجريد النخل، وجعلها على ارتفاع 25 ذراع.

"قريش وبناء الكعبة"
بالرغم من عبادتهم للأصنام إلا أن الكعبة حظيت بمكانة كبيرة في قلوب العرب، حيث كانوا يستشعروا منها المباركة، وهو ما دفعهم إلى إعادة بنائها، وجاء في البخاري ومسلم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قال "سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الجدر، أمن البيت هو، قال "نعم فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديث العهد بجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه الأرض".

أول بناء للكعبة في الإسلام
أعيد بناء الكعبة مرة أخرى في عهد عبد الله بن الزبير، عقب ما أصابها من الحريق الذي شب بها بعد ما رميت بالمنجنيق، أثناء حصار يزيد بن معاوية لمكة في نزاعه مع عبد الله بن الزبير، وسبب الحصار هو أن عبد الله بن الزبير رفض مبايعة يزيد، وثار الزبيريون معه في المدينة فأرسل يزيد جيشًا إلى المدينة بقيادة مسلم بن عقبة، ودخلها ثم إتجه إلى مكة ولكنه توفي قبل أن يصل إليها.

وعقب تولي عبد الله بن الزبير خليفة على المسلمين سنة 64 هـ كان أمامه أمران: إما أن يرمم الكعبة أو أن يهدمها ثم يعيد بنائها، فقرر هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولما كان قد سمع من خالته عائشة أم المؤمنين حديثًا يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن قريش نقصوا من بناء الكعبة لأن أموالهم قصرت بهم وأنه لولا حداثة قريش بالإسلام لأعاد بنائها وجعل لها بابين ليدخل الناس من أحدهما ويخرجوا من الآخر.

"بناء الكعبة في العهد الأموي"
قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عدوه ومنافسه عبد الله بن الزبير إلى الأبد، فجهز جيشًا ضخمًا لمنازلة ابن الزبير في مكة، وأمر عليه الحجاج بن يوسف، وأمره بالسير إلى مكة للقضاء على ابن الزبير.

فخرج بجيشه إلى الطائف، وانتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش، فتوالت الجيوش إليه حتى تقوى تمامًا، ثم زحف الحجاج إلى مكة في موسم الحج ونصب المـجانيق على جبل أبي قبيس وعلى جبل قعيقعان ونواحي مكة كلها، فتحصن ابن الزبير في المسجد وأخذت أحجار المنجنيق تتساقط على المسجد.

وبسبب هذا القصف احترقت الكعبة، فأضطر ابن الزبير إلى الخروج للقتال مع جماعة من أتباعه حتى قتل جميع أتباعه وانتهى الأمر بقتل ابن الزبير، وبعد أن سيطر الحجاج على مكة كتب إلى الخليفة عبد الملك بن مروان أن أبن الزبير قد زاد في البيت ما ليس فيه وقد أحدث فيه بابًا آخر، فكتب إليه عبد الملك: "أن سد بابها الغربي وأهدم ما زاد فيها من الحجر".

"العهد العثماني"
في عهد السلطان أحمد الأول حدث تصدع في جدران الكعبة، وكذلك في جدار الحجر، وكان من رأي السلطان أحمد هدم الكعبة وإعادة بنائها من جديد لكن علماء الروم، منعوه من ذلك، أما المهندسين فأشاروا عليه بدلا من ذلك بعمل نطاقين من النحاس الأصفر المطلي بالذهب واحد علوي وآخر سفلي، ورغم ذلك لم تصمد الكعبة طويلا وتهدمت جدرانها عقب أمطار غزيرة شهدتها مكة عام 1039 هـ الموافق أبريل 1630م، وتحول هذا المطر إلى سيل عظيم، دخل المسجد الحرام والكعبة، وبلغ منتصفها من الداخل وحمل جميع ما في المسجد من خزائن الكتب والقناديل والبسط وغيرها، وخرب الدور واستخرج الأثاث منها، ومات بسببه خلق كثير.

وسقط جدارها الشامي وجزء من الجدارين الشرقي والغربي، وسقطت درجة السطح، لذلك أمر السلطان مراد بسرعة عمارتها، فأمر السلطان العثماني مراد الرابع بتجديدها على أيدي مهندسين مصريين في سنة 1040 هـ1630مـ، وهو البناء الأخير والحالي للكعبة، حيث تم إصلاح وترميم المسجد بأكمله وفرشت أرضه بالحصى، وبدأ العمل في عمارتها يوم الأحد 23 جمادى الآخرة سنة 1040 هـ 1630م، وتم الانتهاء من البناء في غرة شهر رمضان من السنة نفسها.