رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معنى المشاعر الجارفة للمصريين


انتابتنى مشاعر جارفة من الحزن الممزوج بالغضب العارم تمامًا كما حدث لكل المصريين لحظة إصابة محمد صلاح فى مباراة فريقى ليفربول الإنجليزى وريال مدريد الإسبانى فى نهائى بطولة أوروبا. هذه اللحظة أظهرت بوضوح مشاعر المصريين ووحدتهم لأنهم أحسوا أن محمد صلاح يمثلهم فى هذه المباراة المهمة التى فاز فيها فريق ريال مدريد بعد إصابة محمد صلاح وتركه الملعب، بينما تنساب دموعه من شدة الألم.

إن الشعب المصرى هو شعب عاطفى لم تغيره السنوات الأخيرة التى شهدت متغيرات كثيرة وكبيرة. إن المصريين المخلصين للوطن قد أحسوا أن محمد صلاح هو ابنهم جميعًا، الذى يمثلهم أمام العالم والذى نجح فى أن يصبح من أفضل لاعبى العالم فى كرة القدم خلال سنوات قليلة. لذا وجدنا ١٠٠ مليون مصرى تعلقت قلوبهم مع محمد صلاح، خاصة بعد أن ظهر أن إصابته كانت بسبب عنف شديد من لاعب ريال مدريد «راموس».. لقد امتلأت صفحات ومواقع التواصل الاجتماعى تطالب بتوقيع العقاب على راموس، المعروف بعنفه الشديد، وبالقلق من ناحية أخرى على محمد صلاح الذى تبين فيما بعد أن إصابته هى تمزق بأربطة الكتف، وأنه سيتعافى إن شاء الله ويستطيع العودة للمباريات خلال أسبوعين. إن مشاعر المصريين ما زالت بخير ولم تتغير طبيعتهم الطيبة، بل إن مشاعر الوطنية كلها ظهرت فى لحظة واحدة أثناء المباراة حينما أحسوا أن ابن مصر البار قد أصيب بفعل فاعل وبسبب العنف المفرط للعب الفريق المنافس. إن محمد صلاح فى رأيى قد تحول إلى ممثل لكل المصريين، لكنه ليس محبوبًا بسبب تفوقه الرياضى فقط أو بسبب أنه قد أصبح من أفضل لاعبى كرة القدم فى العالم فى الملاعب الدولية. إن محمد صلاح تجاوز كل هذا لأنه يمثل صورة مصر المتحضرة بتفوقه الرياضى وبأخلاقه العالية وبحبه لوطنه ولأعماله الخيرية المتعددة، فقد أصبح واجهة مشرفة لمصر وخير دعاية لها ولشباب مصر ولأخلاق المصريين الطيبين.

كما أصبح أيضًا خير دعاية للسياحة المصرية إذا أحسنا استثمار شعبيته الجارفة فى الخارج. وأنا أختلف مع من يقولون إنه خير دعاية للإسلام لأن مصر لا تعرف الفرق بين المسلم والمسيحى، ودستورها لا يفرق بين مواطنيها. ففيها نعيش معًا وتضمنا بيوت متجاورة منذ الأزل، ولم تفلح كل المحاولات الدنيئة فى بث الفتنة بين النسيج المصرى المتين، فلا بد أن ننتبه أن هذا النسيج جزء من هوية مصر الثقافية العريقة. وفى أثناء المباراة توحد المصريون جميعًا وكانت أنظار المصريين كلها متعلقة بمحمد صلاح فى المباراة، ولن يتسامحوا أو يقبلوا اعتذار «راموس» لأنهم شعروا بأنه قد تعمد العنف المفرط مع ابن مصر البار. ووصفت التقارير الصحفية الإنجليزية الصادرة بعد المباراة تدخل راموس بالعنف الشديد، كما وصفته صحيفة «مترو» الإنجليزية بالمدافع الجزار، ووجهت له انتقادات لاذعة بعد أن ضبطته عدسات الكاميرات يبتسم ويضحك بعد إصابة صلاح، بينما كان يتجه إلى خارج الملعب باكيًا من شدة الألم، بعد ضربته العنيفة له فى الدقيقة ٣١ من الشوط الأول والتى أسفرت عن تركه المباراة. وفى رأيى أن لدينا فى مصر كفاءات ومواهب كثيرة تنتظر من يمد لها يد التشجيع والدعم والمساعدة ويمكن أن تكون لدينا نماذج كثيرة مثل محمد صلاح ليس فى مجال كرة القدم فقط وإنما فى مختلف المجالات وفى الثقافة والإبداع والرياضة والفنون، ولا بد أن يكون لدينا خبراء فى اكتشاف المواهب ودعمها كما يحدث فى الدول المتقدمة وحتى يمكن أن تتقدم مصر وأن تصبح لديها منظومة لدعم واكتشاف المواهب فى مختلف المجالات، وليست طفرات أو فلتات كما أننا سعدنا باتصال الرئيس بمحمد صلاح للاطمئنان عليه ولتشجيعه باعتباره رمزًا للشباب المصرى المتفوق رياضيًا وخلقيًا. إن مشاعر المصريين الطيبين ما زالت بخير وهى تتوحد فى الفرح كما فى الخطر وفى الحزن كما فى الأعياد. وكل رمضان ومصر وأبنائها المتفوقين بخير وأرضها بخير. ونحن نتطلع إلى المباريات المقبلة ليقدم لنا محمد صلاح عرضًا جميلًا. ودعونى أطالبه بأن يأخذ حذره وأن يحافظ على لياقته وأن يكون دائمًا خير سفير لمصر المستنيرة.