رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأقباط طالبوا بعودته لـ«إذاعة القرآن الكريم».. قصة حياة الشيخ محمد رفعت

 قصة حياة الشيخ محمد
قصة حياة الشيخ محمد رفعت

في عصر يوم التاسع من مايو 1950، وقف مذيع الراديو عبدالوهاب يوسف، يتحدث إلى المستمعين وهو لا يستطيع أن يتمالك نفسه، قائلًا: «أيها المسلمون، فقدنا اليوم علمًا من أعلام الإسلام»، وانهار"يوسف" باكيًا، فأسرع زميله أنور المشري؛ ليقف بدلًا منه أمام الميكروفون ويقول باكيًا: «أيها المسلمون، فقدنا اليوم أعظم صوت رتل القرآن الكريم، فقدنا اليوم أحلى الأصوات العربية التي سمعناها طوال حياتنا وهو يتلو آيات الذكر الحكيم، فقدنا اليوم صاحب الحنجرة المتميزة التي تملك مقدرة فائقة على إيصال أعذب الأصوات وأنقاها إلى الناس».

وطلب القصر الملكي من الشيخ رفعت، أن يقرأ في ليلة وفاة أحد رجال القصر، في نفس الليلة التي كان قد رحل فيها خادم مسجد فاضل، فرفض الشيخ أن يذهب للقصر وقرأ في بيت "حجاج" خادم المسجد، فضاعف القصر أجره مرات ومرات فرف الشيخ، وذهب ليطمئن على أولاد خادم المسجد الذي كان يقرأ فيه.

وحدث خلاف بين الشيخ محمد رفعت والأذاعة، فامتنعت الأذاعة عن اذاعة القرآن الكريم بصوته، قامت الدنيا ولم تقعد، وصلت إلى الإذاعة آلاف الرسائل من مسلمين وأقباط مطالبين بعودة الشيخ رفعت، وكان من بين هذه الرسائل، رسالة "جرجس بشارة" يقول فيها: «أعيدوا إلينا صوت الشيخ محمد رفعت، أنه يملأ قلوبنا روعة وجلالًا كلما أسمعنا من الذكر الحكيم ما تجل منه القلوب وترجع إلى علام الغيوب، حسبما جاء في جريدة "الأخبار" عام 1998».

ودرس الشيخ محمد رفعت، الموسيقى، وبعد وفاته وجدوا لديه ثورة هائلة من أسطوانات الموسيقى الكلاسيكية الأوربية، والمدهش أنه منحازًا لبعض المؤلفين دون غيرهم، فجمع أعمال باخ وموتسارت وباجانيني.

وعرضوا عليه أن يسجل الأغاني المأخوذة من الشعر القديم قبل ذلك في الإذاعة الأهلية، ووافق الشيخ بشرط عدم ذكر اسمه، فغنى "أراك عصى الدمع"، "وحقك أنت المنى والطلب.

وعندما أصابه مرض "الزغطة" أرسل المخرج السينمائي محمد كريم، خطاب لمجلة "المصور"، يقول فيه: «حضرة صاحب العزة رئيس تحرير المصور الغراء، بعد التحية تأثرت كثيرًا وأنا أطالع في عدد "المصور" الأخير ما صارت إليه حال الشيخ محمد رفعت من ضيق وضنك في علاجه، فهل "المصور" أن يتم جميله فيقبل مني هذا المبلغ الصغير ليكون فاتحة لتبرعات قرائه، مساعدة للمقرىء الموهب الذي طالما استمعت اليه الملايين وهو يرتل كلام الله بصوته الملائكي، فينزل على قلوبنا سلاما وهدي ورحمة؟ ولكم خالص الشكر». حسبما ورد في الأهرام العربي عام 2004.

وفي المرة الأخيرة التي كان يتلو فيها سورة الكهف في مسجد فاضل، قاوم الشيخ مرض الزغطة، وقرأ ما سمحت به نوباتها المتكررة، ثم سيطرت الزغطة على الموقف وملأ حلقة الشيخ وحبست صوتها تمامًا، فحنى رأسه وأخرج من جيبه زجاجة صغيرة فيها سائل أحمدر يبدو أنه دواء وصفه له بعض الأطباء فأطاعه صوته في آيتين أو ثلاث ثم قهره الدواء وتوقف حائرًا لبعض الوقت ثم غادر مجلسه لشيخ آخر. وفي تلك اللحظة انفجر الناس في المسجد بالبكا والنجيب وتحول الموقف الى مأتم رهيب للصوت العبقري.