رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لقاء الفُرقاء


فى ٢٧ أبريل الماضى، عُقدت قمة كورية على الجانب الكورى الجنوبى من المنطقة الأمنية المشتركة، بين مون جاى إن، رئيس كوريا الجنوبية، وكيم جونج أون، الزعيم الأعلى لكوريا الشمالية، كانت هذه القمة الثالثة بين الكوريتين بعد الأولى سنة ٢٠٠٠ والثانية سنة ٢٠٠٧. وكانت هذه هى المرة الأولى منذ نهاية الحرب الكورية فى عام ١٩٥٣ التى دخل فيها زعيم كورى شمالى أراضى الجنوب، كما عَبَر الرئيس مون أيضا لفترة وجيزة إلى أراضى كوريا الشمالية، وركزت القمة على برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.
وكانت القمة بين الجارتين المتنافستين، وهى الثالثة فقط منذ نهاية الحرب الكورية فى عام ١٩٥٣ التى تسببت فى مقتل ٥ ملايين شخص، وفى كلمته خلال القمة قال زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون: «لقد استغرقنا وقتًا طويلًا حتى تجتمع الكوريتان سويًا، وتمسك كل منهما بيد الأخرى»، مضيفًا: «لقد انتظرنا طويلًا من أجل حدوث هذه اللحظة.. بينما أقف هنا اليوم، أستطيع أن أرى أن الكوريتين الجنوبية والشمالية هما نفس الشعب، ونفس الدم ولا يمكن فصلهما».
وأعرب زعيم كوريا الشمالية عن استعداده لتفكيك البرنامج النووى لبلاده بشكل كامل، وذكر أنه «لا يوجد سبب يجعلنا نقاتل بعضنا البعض.. نحن أمة واحدة». وقامت كوريا الجنوبية بتفكيك مكبرات الصوت الضخمة التى استخدمتها فى إذاعة البرامج المناهضة لبيونغ يانغ، وكانت الدعاية الموجهة ضد كوريا الشمالية عبر مكبرات الصوت، تعتبر وسيلة رئيسية للحرب النفسية ضد بيونج يانج، وهى أحد العوامل المسببة للتوتر العسكرى على الخط الفاصل بين البلدين.
كما أعلنت كوريا الشمالية تقديم توقيتها بواقع نصف ساعة، ليتوافق مع توقيت جارتها الجنوبية، وذلك كبادرة حسن نية، فى إطار الجهود المبذولة لإحلال السلام بين الكوريتين، وسبق أن استخدمت الكوريتان نفس التوقيت لعقود، قبل أن يقوم الشمال فى عام ٢٠١٥ بإنشاء توقيت خاص به من خلال تأخير توقيته بمقدار ٣٠ دقيقة عن توقيت كوريا الجنوبية واليابان. وقال الزعيم الشمالى، كيم جونج أون، «السعى نحو توحيد التوقيت أول خطوة فى عملية المصالحة الوطنية والوحدة». وأضاف: «الأمر كان مؤلمًا أن نرى ساعتين تشيران إلى توقيتين مختلفين لبيونج يانج وسيول على جدار مكان انعقاد القمة».
تعهد زعيما كوريا الشمالية والجنوبية، بالعمل على تخليص شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، كما اتفق الطرفان، حسب بيان مشترك عقب القمة، على الدفع باتجاه تحويل الهدنة التى أنهت الحرب الكورية عام ١٩٥٣ إلى معاهدة سلام هذا العام، واتفق زعيما الكوريتين على مجموعة من خطوات المصالحة، منها: نهاية «الأنشطة المعادية» بين البلدين، وتغيير المنطقة منزوعة السلاح التى تقسم البلاد إلى «منطقة سلام»، وتخفيض الأسلحة فى المنطقة، والدفع باتجاه محادثات ثلاثية تشمل الولايات المتحدة والصين، وتنظيم لم شمل العائلات التى فرقتها الحرب، وربط وتحديث السكك الحديدية والطرق عبر الحدود، ومزيد من المشاركة المشتركة فى الأحداث الرياضية.
هل لنا أن نتعلم درسًا على المستوى المحلى وعلى المستوى العربى، من لقاء الفرقاء الذى حدث الأسبوع الماضى بين الزعيمين الكوريين؟، هل يمكن أن يلتقى الفرقاء سواء على المستوى الفكرى، أو المستوى السياسى، أو المستوى الدينى، أو المستوى العقائدى؟.
الحوار هو الحل.