رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إكرامي فتحي: نجيب محفوظ نموذج إبداعي خالد (حوار)

جريدة الدستور

*طائفة فى المشهد السردي موجودة بقوة الدعاية وليس بالإبداع
*وصاية الكبار تعوق الإبداع الكتابي والنقدي


كان لظهوره إعلاميا للحديث عن اختفاء روايات نجيب محفوظ دور كبير في تسليط الضوء على ما تقوم به دار الشروق فيما يخص أعمال أديب نوبل، كذلك كانت دهشة المتابع لصغر سنه، وتقديمه عملين نقديين عن عوالم نجيب محفوظ.. إنه الناقد إكرامي فتحي الذي يعمل أستاذا وباحثا بقسم اللغة العربية في الأكاديمية العربية بالقاهرة وكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، وكانت رسالته للماجستير عن شعرية السرد في روايات نجيب محفوظ، عام1999 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من كلية البنات وهو المتخرج في كلية دار العلوم - جامعة القاهرة، مايو 1998. والحاصل على الدكتوراه من كلية دار العلوم - جامعة الفيوم، عن موضوع استلهام الشاعر القديم في القصيدة المعاصرة: دراسة نصية، بمرتبة الشرف الأولى، 2014، كما حصل على ليسانس لغة إنجليزية (آداب وتربية)، كلية التربية – جامعة حلوان، مايو 2016، وله مشاركات في الترجمة النقدية.

يرى الدكتور إكرامى أن وصاية الكبار هي التي تغلب وتعوق الإبداع الكتابي والنقدي، وأن هناك كثيرا من الكتابات الهشة والسطحية التي تدغدغ مشاعر وأحلام القراء عبر السوشيال ميديا.

*حدثنا عن رؤيتك للمشهد النقدي المصري والعربي؟
- بداية هو مشهد متسع، ومن الصعب الإحاطة بجميع جوانبه؛ فضلًا عن اتساعه يتطلب الحكم عليه أن تتوفر متابعة قوية ومستمرة، لكن ثمة ملامح أراها واضحة في المشهد النقدي مصريًا وعربيًا.

أولًا حركية هذا المشهد وعدم جموده رغم إشكالية وصاية الكبار التي تغلب على الفكر العربي عامة، فالنقاد الكبار ما زالوا يحاولون الحفاظ على تصدرهم لهذا المشهد، سواء بالفعل أم عبر الأتباع.

ثانيًا: جدية الأصوات الشابة النقدية، ومحاولتها إثبات الذات من خلال صدق التعامل مع الإبداع والقارئ.

ثالثًا: تواصل المتابعة لأفكار نقدية جديدة، وقوة التواصل مع الإبداع الآني؛ نتيجة توفر المعلومات ولحظية متابعة الحدث.

*بعد كتابك عن نجيب محفوظ، ما سبب اختفاء بعض عناوين كتبه أو مؤلفاته ؟
الأفضل ألا نسمى الأمر اختفاءً، لكن أراه انشغالًا عن إبداع نجيب محفوظ بالإبداع الآني الذي أثبت حضوره على الساحة النقدية، فنجيب محفوظ – كما قلت سابقًا - ليس فردًا مبدعًا قدم عددًا من الأعمال، لكنه مسيرة واتجاه وشريحة واسعة متميزة من خارطة الإبداع الروائي العربي والعالمي، فهو نموذج إبداعي خالد للمثابرة ودوام التميز ومقاومة النسيان، تنوَّع دوره ما بين تأسيس الفن الروائي وتأصيله في البيئة العربية، مع تقديم إبداع سردي اتسع عبر كَمٍّ كبير من الأعمال الفنية القيِّمة، التي امتدت خلال مدى زمني يقرب من نصف قرن، فضلًا عن تِطْواف بين تيارات روائية شتى واستخدامه تقنيات متعددة في إبداعه، لذلك يمكن القول إن نجيب محفوظ يحتاج الآن إلى رؤى نقدية جديدة، تستطيع الكشف عما لم يكشف عنه بعدُ من أبعاد إبداعه.

*تقيمك للمشهد الإبداعي المصري والعربي في مساري الرواية والقصة وتحديدًا في السنوات العشر الأخيرة؟
استطاع مبدعو السرد أن يخطوا بإبداعهم خطوات متميزة وقوية، خرجوا بها من عباءة سابقيهم، ومثّلوا تيارًا له صوته المفرد، وهذا ما يتجلّى على مستوى الكم والكيف، فعدد ما يصدر من أعمال روائية وقصصية ليس قليلًا، فضلًا عن أن هذا يمتلك قدرًا من الإجادة والجدة واضحًا، وهو ما يظهر عبر قوة المنافسة على الجوائز الإبداع السردي، التي تعددت في الآونة الأخيرة.

وأنا أتحدث عن مبدعي السرد الذي يمتلكون أدواتهم، ويدركون حقيقة المجال الإبداعي الذي يكتبون فيه، وحول هؤلاء طائفة أخرى تحاول أن يكون لها حضور على الساحة الإبداعية، لكن من خلال وسائل أخرى غير فنية، مثل إرضاء جمهور يمثل مساحة عريضة، لكن يطلب هذا الجمهور إبداعًا سهلًا، يدغدغ مشاعره السطحية، ولا يتماس مع الفكر الإبداعي العميق، هذا فضلًا عن طائفة أخرى موجود ضمن المشهد السردي بقوة الدعاية لا علو الإبداع.

*لماذا يلجأ الناقد للاستعانة بالنظريات الغربية في تفسير النصوص الأدبية؟
حياة الإنسان كلٌّ لا يتجزأ، وإذا كان الإنسان العربي استعان بالتقنية الغربية في حياته المعيشية، كما تأثر المبدع العربي بنظيره الغربي سواء في إيجاد أنواع أدبية جديدة أم تشكيل الأنواع القديمة، فمنطقي أن تظهر تبعيتنا الفكرية للغرب في تبني نظرياته النقدية، إضافة إلى أن إبداعنا الحديث قام في جزء من تطوره على التأثر بالإبداع الغربي، فثمة عوامل وراء تبني النقد العربي في مجمله للنظرية الغربية.

أولًا: نجاح الغرب في تقديم نظرية نقدية موازية لإبداعه.

ثانيًا: اتكاء بعض رواد نقدنا الحديث على الأخذ من المنهل الغربي، ثم بناء كثير من متصدري المشهد النقدي مجدهم عبر تقديم النظرية النقدية الغربية وسعيهم إلى تجذيرها في بيئتنا العربية، حتى مع علمهم أن بعض تلك النظريات ماتت في منابعها الأولى.

ثالثًا: عدم امتلاكنا لإطار فلسفي خاص يستطيع أن يخرج منه نظرية نقدية غربية.

رابعًا: الطابع الاستهلاكي الذي يشمل كثيرًا من جوانب حياتنا المعاصر، فليس غريبًا ألا ننتج نظرية نقدية عربية، ونكتفي باستهلاك المنتج النظري الغربي.

*كيف تقيم الحالة الثقافية والمعرفية في كافة تجلياتها المصرية؟
ما زال أمامي الكثير حتى يمكنني تقديم تقييم موضوعي للحالة الثقافية والمعرفية في كافة تجلياتها المصرية، لكن هناك عدد من الملاحظات التي لمست حضورها في حالتنا الثقافية والمعرفية.

أولًا: غياب الوعي الجمعي، فالمستوى المعرفي العام للمصريين دون المستوى، وأقصد «المعرفة»، التي تغير نمط الحياة، والسبب هو تدني التعليم والثقافة العامة.

ثانيًا: لا تمثل الثقافة والمعرفة قضية أمة لدى عدد من المسئولين، ونظرة سريعة إلى دور وزارات التعليم، والثقافة، والإعلام، والشباب في هذين المحورين يؤكد وجهة نظرى.

ثالثًا: انعزالية جانب ليس ضئيلًا من المثقفين مبدعين ونقادًا وقراءً أيضًا، ودورانهم في نطاق ضيق، يسمع بعضهم لبعضٍ وحسب، دون لعب دور حقيقي في الشأن العام.

رابعًا: تعامل بعضنا مع المعرفة والثقافة من خلال منطق «لقمة العيش»، وليس بوصفهما فهمًا للحياة؛ من ثم يدور هؤلاء في أفلاك المصلحة الشخصية أيًا كان موضعها، لا تعنيهم الجودة أو الإجادة، أو حتى الصدق مع النفس ومع الآخر.

*حدثنا عمن توقف عنده إكرامي فتحي من نقاد الحداثة ؟ ومن أثر في تكوينك من نقاد مصر ؟
لا شك أن المسار الأكاديمي الذي سرت فيه كان له الدور الأكبر في الإجابة عن هذا التساؤل، بداية من دراستي في كلية دار العلوم- جامعة القاهرة، ثم حصولي على الماجستير حول لغة السرد في عدد من روايات نجيب محفوظ، وبعدها كانت أطروحتي للدكتوراه «استلهام الشاعر القديم في القصيدة المعاصرة دراسة نصية»، وما تلا ذلك من عمل بحثي ومشاركات في الحياة النقدية.

وفي ضوء هذا الخيط، كانت علاقتي القوية بالتراث، ثم الخروج مع إطاره إلى أفق آخر، وهو الإبداع المعاصر، خلال ذلك كان اهتمامي بنقاد البنيوية في جانبها السردى، وعلى رأسهم ميخائيل باختين وجيرار جينيت وبوريس أسبنسكي، أما أساتذتي من نقادنا المصريين فكثيرون؛ لذا من الصعب ذكر بعضهم؛ لأن ذلك يعني إغفال الآخرين.

*ماهى مؤلفات إكرامي فتحي؟
1- القصة القصيرة في قطر ببليوجرافيا شاملة ودليل وصفي تحليلي: إعداد: أ.د صبري حافظ، د.محمد مصطفى سليم، د. إكرامي فتحي، وزارة الثقافة والرياضة- قطر، 2016.
2- جدلية التراث والشعر: استلهام الشاعر القديم في القصيدة المعاصرة، مكتبة الآداب- القاهرة، 2016.
3- جماليات اللغة وبنية السرد الروائي: نجيب محفوظ نموذجًا، مكتبة بورصة الكتب- القاهرة، 2017.
4- نجيب محفوظ وتشكيلات الحوار الروائي، دار غراب للنشر، القاهرة، 2018.

• شارك في العديد من مؤتمر النقد الدولية (7 مؤتمرات)، كما نشر مقالات وأبحاثًا (14 بحثًا ومقالًا) بمجلات متخصصة داخل مصر وخارجها،وبالجامعة الأمريكية
•شارك في برامج ثقافية بالتليفزيون المصري، منها مساء الخير أيها العالم، والرفيق، وليالي بالإذاعة المصرية.