رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تسييس جائزة نجيب محفوظ


جائزة نجيب محفوط أنشأتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام ١٩٩٦، احتفالًا بفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، وتقبل الروايات المنشورة باللغة العربية فقط. تبلغ القيمة المادية لهذه الجائزة ألف دولار فقط، لكن الجامعة تقوم بترجمة الرواية الفائزة إلى الإنجليزية ونشرها. وهو ما يعود بالفائدة على المؤلف، فضلًا عن تحقيق مدى أوسع للانتشار للكاتب.

عمر الجائزة واحد وعشرون عامًا، حصل المصريون منها على ١٠ جوائز، والجوائز العشر الباقية حصلت فلسطين منها على ثلاث جوائز، أى أنها تعطى بالتناوب سنة لمصرى وأخرى لكاتب أو لمؤلف عربى.
وتتضمن لجنة التحكيم هذا العام الدكتورة تحية عبدالناصر، أستاذ الأدب الإنجليزى والمقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة؛ وليس لها أى مساهمات أو مقاربات نقدية فى الأدب العربى، أو الروايات العربية، وحضورها الأدبى غير متحقق، والدكتورة شيرين أبوالنجا، أستاذ الأدب الإنجليزى أيضًا بجامعة القاهرة؛ والدكتورة منى طلبة، أستاذ مساعد الأدب العربى بجامعة عين شمس؛ وهمفرى ديفيز، المترجم المعروف للأدب العربى، والدكتور رشيد العنانى، أستاذ فخرى للأدب العربى الحديث بجامعة إيكستر.

محكمو الجائزة كلهم أساتذة أدب إنجليزى فى الجامعة الأمريكية، أو جامعات أجنبية ومصرية، عدا الدكتورة منى طلبة فهمى، أستاذ أدب عربى بجامعة عين شمس، وليس فيهم روائى واحد، سوى الدكتورة شيرين أبوالنجا. أما الباقون فتوجهاتهم كلها لثقافة أجنبية والأدب الإنجليزى. وليس لديهم إلمام بالظواهر الأدبية الجديدة فى الأدب العربى والروايات العربية.

وكون الجائزة تُمنح عامًا للمصريين، وعاما آخر للعرب يعطى عدم مصداقية، ويعنى أنه من الممكن أن تُحجب جائزة عربية تستحق الفوز فى العام المخصص للمصريين. وقد سبق للدكتورة شيرين أبوالنجا أن اعترضت على طريقة تحكيم جائزة البوكر العربية، التى تعطى بالنقاط للروايات، كما رفضت ولم تذكر الطريقة التى تفضلها للتحكيم الذى يحقق العدالة، وانحازت لنوع من التحكيم يفضل التشاور بين أعضاء اللجنة، لاختيار الروايات الفائزة فى القائمة الأولى، وبعدها اختيار الجائزة الأولى، وقالت إنه كانت هناك ضغوط لاستبعاد كاتبة لبنانية.
الدكتورة شيرين أبوالنجا، فى حديثها فى «اليوم السابع» فى ديسمبر ٢٠٠٩، أعلنت أنها استقالت من جائزة البوكر العربية، اعتراضًا على نظام التصويت الرقمى، وأوضحت أبوالنجا أن لجنة التحكيم قامت بإعادة التصويت بأربع أو خمس طرق مختلفة، لكنها جميعًا غلب عليها التصويت الرقمى، وأشارت إلى أنها لا تحب الأرقام، وهذا النوع من التصويت كان آخر ما يجب أن يتم اللجوء إليه بعد استنفاد جميع الآراء وطرح جميع الرؤى النقدية المختلفة، مشيرة إلى صعوبة تقييم الأعمال الأدبية الإبداعية بهذه الأرقام. وأكدت أبوالنجا أنها «اتلخبطت» أكثر من مرة أمام لعبة الأرقام المحيرة، التى كانت اللجنة تلعبها، وهو ما كان دافعها الرئيسى للاستقالة.
بالطبع يمكننا أن نقرر أن الجائزة مُنحت لفلسطينية، مجاملة للفلسطينيين بعد قرار الرئيس الأمريكى ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، الأمر الذى أثار مشاعر الفلسطينيين، فحاولت الجامعة الأمريكية أن تظهر بمظهر المتعاطف مع الشعور العربى، حرصًا على روابطها بالمثقفين العرب، والمعروف أن الجامعة الأمريكية فى القاهرة، سبق أن منعت عام ١٩٩٨تدريس كتابين. الأول للمستشرق الفرنسى ماكسيم رودنسون، الذى يدرس فى الجامعة الأمريكية. ويتحدث عن حياة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والثانى كتاب «تاريخ العرب» تأليف الأمريكيين ديفيس وجرين، والأخير هو الكتاب الرئيسى فى مادة تاريخ المجتمع العربى، وذلك بعد مقال تحريضى من الكاتب الصحفى صلاح منتصر فى صحيفة «الأهرام» فى ١٣ مايو ١٩٩٨.

وفى عام ١٩٩٩ أوقفت الجامعة الأمريكية الدكتورة سامية محرز، التى قررت رواية «الخبز الحافى»، للمغربى محمد شكرى على الطلاب، وادعت الجامعة وقتها أن خطابًا وصلها من بعض أولياء الأمور يهددون الجامعة.

فكيف نأمن الجامعة على حرية الإبداع، وعدم تدخلها فى اختيار الروايات التى تتخذ مسارًا يختلف عن الطابع التحفظى للجامعة، التى منعت كتبًا تتبنى فكرًا متحررًا.