رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المثقفون وكرة القدم».. كيف وحّدت الساحرة المستديرة قلوب أهل الأدب؟

غلاف كتاب المثقفون
غلاف كتاب المثقفون وكرة القدم

هي صورة تحتاج إلى إعادة نظر، تلك الصورة التى يحملها المواطن المصرى والعربى فى ذهنه عن المثقف، فهناك كُثير لا يرون المثقف إلاّ ذلك الشخص الذى يعيش فى برج عاجى يقضى آناء الليل وأطراف النهار بين قلمه وكأسه (!).

زاوية فقط من الكادر تتبقى عن حياة المثقف يعتبرها البعض بمثابة حقل ألغام غير مسموح لأحد بالاقتراب منه أو الدخول إلى عالمه والتقاط صوره كحياته الشخصية أو سرد بعضٍ من ذكريات الماضى بما يحمله من آلام وإخفاق، إضافة إلى نظرته للرياضة، وفى القلب منها الساحرة المستديرة كرة القدم.

علاقة شائكة ومتشابكة تلك التى تربط بين المثقفين وكرة القدم، فالكثير يرى أن العلاقة بين الطرفين هى يكتنفها الغموض والتضاد: «ماذا عن الاتفاق إذن أو التلاقى»؟ لا شىء، ثم لا شىء سوى نظرات الشك والكُره(!).

الكاتب والروائي أشرف عبدالشافى، قرّر أن يأخذ بزمام المبادرة، وينزل بالمثقفين من عالمهم الافتراضي إلى أرض الملعب، ملوّحًا لجمهوره فى الدرجة التالتة من خلال مُؤلّف بديع كلماته ساحرة سطوره عنْونه الصحفى الشقى بـ«المثقفون وكرة القدم» صادر عن دار صفافة فى 2010: «لا أعرف من روّج لأكذوبة كراهية المثقفين لكرة القدم وتعاليهم عليها، عمومًا فمن نجيب محفوظ إلى محمود درويش ومن الشعراء الرُّوس إلى حائزى نوبل في الأدب تمتلئ حياة المبدعين بقصص من عشقهم للساحرة المستديرة وتمتّعهم بها لعبًا ومشاهدة، هكذا لخّص صاحب «فودكا» هدفه من الكتاب الذي يقع في 140 صفحة.

ويسجّل «عبدالشافي» فى كتابه رؤية مغايرة لعوالم المثقفين الخفيّة، حيث يرصد العلاقة القوية التى ربطت بين المثقفين وكرة القدم، والتى وصلت فى بعض الأحيان إلى أن تكون أشبه بالجواز الكاثوليكى، داحضًا أكذوبة كراهية المثقفين لها وتعاليهم عليها.

ومؤلف الكتاب، صحفى وروائى مصرى، قرّر ذات يوم الكفر بنعمة تشجيع النادي الأهلي، بعدما ذهب طواعية لتشجيع الغريم التقليدى نادى الزمالك، في تجربة انقلابيّة لم تؤت أكُلها حتى كتابة هذه السطور، ربما يحقق الأبيض انتصارًا يُشبع به صاحب البغاء الصحفى هوايته في مداعبة أصدقاء الأمس من الأهلاوية فى بلاط صاحبة الجلالة الذين يسارعون إلى تنغيص أوقاته فور إحراز الأحمر بطولة، خاصة فى كلاسيكو الأرض «الزمالك - الأهلى»، ليظل عبدالشافى ومَن معه يردّدون: «سنظل أوفياء» (!).

يستهل المؤلف كتابه بالحديث عن الشاعر العراقى معروف الرصافى (1899- 1945)، الذى كان من أوائل المثقفين الذين ذابوا عشقًا فى الساحرة المستديرة، دفعته لتسطير بعض الأبيات الملحمية التى تصف حركة اللاعبين وقوانين كرة القدم.

ثم يستطرد المؤلف حديثه بالحديث عن الشاعر الفلسطينى محمود درويش، الذى يعتبره كروى الهوى، عشق كرة القدم وآمن بمتعتها منذ نعومة أظافره إلى أن أتاه اليقين، للدرجة التى جعلته يقول إن "كرة القدم أشرف الحروب".

وينتقل «عبدالشافي» بحركة بديعة فى حديثه بالوقوف في محطة الروائى الكبير خيرى شلبى، والذيى كان يصف الساحرة المستديرة بأنها «سيمفونية الفقراء».

الكتاب يمتلئ بالكثير من الحكاوى الخاصة التي جمعت الأدباء بكرة القدم كنجيب محفوظ والفاجومى أحمد فؤاد نجم وأنيس منصور وإحسان عبدالقدوس وغيرهم، وهو ما ستعرضه «الدستور» لاحقُا فى حلقات متوالية.. «اوعوا تروحوا في أى حتة» (!).