رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدين والسياسة وقضية القدس «3-3»


ذكرت فى المقالين السابقين، أن الآيات التوراتية، التى يتمسك بها اليهود، والتى ترددها الأبواق الإسرائيلية، ومن معها من فرق وجماعات غربية،‏ مثل قول الله لنبيه إبراهيم فى سفر التكوين ١٨:١٥ «لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات» وغيرها من الآيات قلنا إن هذه النصوص،‏ كانت تخاطب الشعب القديم فى ظروف تاريخية معينة، لتواجه حاجاتهم وأزماتهم فى هذه الظروف،‏ وبالتالى لا بد أن نبحث عن تحقيق هذه النبوءات فى الإطار التاريخى لذلك الشعب، قبل أن نقفز فوق النصوص والتاريخ والشعب العبرانى القديم نفسه ونربط النبوءات بإسرائيل الحديثة، وبعودة اليهود إلى أرض الميعاد الآن‏.. وفى مقال اليوم نستكمل.
أتى الرسول بولس وأعلن مساواة البشر الكاملة أمام الله، فيقول: ليس يهوديًا ولا يونانيًا ليس عبدًا ولا حرًا ليس ذكرًا ولا أنثى، إنكم جميعًا واحد فى المسيح يسوع. ويضيف: لأنه لا فرق بين اليهودى واليونانى، لأن ربًا واحدًا للجميع غنيًا لجميع الذين يدعون به‏ غلاطيه‏٣: ٢٨‏ رومية‏ ١٠: ١٢.
إن دولة إسرائيل الحالية لا علاقة لها على ضوء الدراسة التاريخية اللاهوتية من قريب أو من بعيد بالنبوءات القديمة، والتى تحققت فعلًا فى إطارها الزمنى فى العهد القديم‏، واكتملت فى دلالتها الروحية فى العهد الجديد،‏‏ وأن كل ما يُقال حول عودة اليهود الآن، وربط ذلك بهذه النبوءات، ثم بمجىء المسيح ثانية وإقامة الهيكل ومعركة هرمجدون ونهاية العالم إلى آخره،‏ هو فكر قديم لبعض الفرق‏. وهذا الفكر لا يتفق مع لاهوتنا الكتابى،‏ ولا مع عقائد الكنائس المسيحية الرسمية فى كل العالم، لكن الأبواق الصهيونية العالية، تحاول دائمًا إحياء هذا التيار لخدمة أغراضها السياسية‏ وهى مأساة كل التاريخ القديم والحديث عندما يستغل الدين ويستخدم لصالح الأهواء والسياسات، بدلًا من أن يكون كما أراده الله نورًا وتوجيهًا للبشر والسياسات‏.‏ ومن يتبنون الاتجاهات الحرفية فى مصر والعالم العربى، مدفوعون بتفسيراتهم الحرفية وليس بدوافع سياسية، ونرفض الربط الخاطئ الذى وقع فيه بعض الكُتاب والمفكرين عندما ربطوا بين الحركة الصهيونية والإصلاح الدينى البروتستانتى الذى قام فى أوروبا على موجات فى القرن الخامس عشر، واكتمل فى القرن السادس عشر، فهذا الربط يتناقض تمامًا مع المبادئ والأسس التى قام عليها الإصلاح، ونادى بها المصلحون ولا بد أن نحذر من خطورة التعميم «ليس كل الإنجيليين فى الغرب وفى أمريكا لهم نفس التوجه الحرفى، وليس كل الذين لهم التوجه الحرفى للنصوص الكتابية صهاينة، بل حرفيين على أساس فهمهم وقراءتهم الخاصة للكتاب المقدس. كما أن مؤيدى إسرائيل فى الغرب نجدهم فى كل التوجهات لدوافع عديدة، سياسية وثقافية ودينية، ولا فرق بين المحافظين والليبراليين فى ذلك». وعندما نقول لفظ «إنجيليين» يجب أن نحدد من هم الإنجيليون بالتحديد، فليس كل الإنجيليين فى الغرب وفى أمريكا لهم نفس التوجه الحرفى. وليس كل التيارات الإنجيلية تدعم الصهيونية. إذن ليس كل الـEvangelical فى الغرب لهم نفس الاتجاه والفكر.