رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يصلح الشاطر لرئاسة الحكومة القادمة؟!


جماعة الإخوان وحزبها السياسى بنيت على فكر رجال الأعمال والتجار وأعمالهم التجارية وهباتهم من نسبة الأرباح للجماعة والحزب مثل السيدين مالك والشاطر وغيرهما من أصحاب المحال التجارية والسوبر ماركت من رموزهم بعيدين تماما عن النظام الإدارى والتنفيذى للدولة ولا يعلمون لوائحه وقيوده التى يحاكم عليها الآن رموز النظام السابق والحزب الوطنى.

يتسم القطاع الإدارى للدولة بأنه شديد التعقيد ويلتزم بلوائح عمل قوية للغاية يخالف تمامًا لوائح العمل بالقطاع الخاص التى تتسم بالمرونة وحرية اتخاذ القرار لأن القرار الخاطئ هنا لا يضير إلا صاحب رأس المال بعكس القطاع الحكومى الذى يضير القرار الخاطئ فيه ملايين البشر، وربما يتسبب فى أعمال عنف وضحايا إذا مس حياة عموم البشر خاصة محدودى ومتوسطى الدخل، التمرد على الروتين الحكومى والحض على الخروج منه بدأ منذ حكومة رجال أعمال ما قبل ثورة يناير لمحاولة «التفرنج» أو «الأمركة» فشاهدنا وزيرة بشهادة الإعدادية تُقبل الأيادى ثم عددًا من رجال الأعمال الذين سيّروا أمور الدولة لصالحهم فقط ولصالح زملائهم من رجال الأعمال وأغلبهم فى السجن الآن والباقى فى الطريق يقينا، الجميع شاهد وزيرًا دخل الوزارة مفلسا وخرج منها مليارديرًا وكذلك تصرفات وزير الزراعة فى تخصيص الأراضى بلا قيود ولا لوائح أودت به إلى السجن فى محاولة للتحرر من اللوائح الحكومية ومعه وزير الإسكان الذى دخل الوزارة مليونيرًا ولا حاجة له بالعمل العام ثم خرج منها إلى السجن نتيجة لتصرفه بتحرره من اللوائح وكأنها إحدى شركاته، ثم وزير الصناعة والتجارة ودخلها أيضا مليونيرا ابن مليونير ولا حاجة له بالعمل العام ولكن بريق المنصب أفقده التفكير السليم وأعماه عن أن البعد عن العمل العام لرجال الأعمال غنيمة كبرى ثم تعامله بتعال وخضوعه لتوجيهات تليفونية لتخطى اللوائح بدون تعليمات كتابية جعلت منه هاربًا الآن. هناك أيضا وزير المالية سليل العائلة الارستقراطية وطريقته فى اللامبالاة عند التعامل مع هموم البشر وإغداقه الملايين على مساعديه ثم يليه وزير الإسكان الأسبق بحكم بالسجن لسبع سنوات وقد يكون فى الطريق وزير الصحة ما قبل الثورة وهو رجل الأعمال وابن استاذ الجامعة الوزير والمباحث الزراعى المرموق ووالدته أستاذة الجامعة سليلة العائلة الوفدية العريقة والزميلة والذى ما كان يلزمه المنصب أيضا إلا أن البريق وقصر النظر للرغبة فى اللقب أو ربما فى منافع قد تتحقق من المنصب جعلته هدفا للعديد من البلاغات التى تهدد أستقرار أسرته فحق الدولة لا يضيع ولا يتقادم كما رأينا فى وزير أسبق للزراعة ترك الوزارة فى عام 2005 ووضع فى السجن الآن رهن تحقيقات تصرفات حدثت منذ أكثر من عشر سنوات ولم يشفع له أنه قام بثورة فعلا فى وزارة الزراعة فى الفترة القصيرة التى تولاها كوزير بإعادته للجنة المبيدات ومنعه للضار والمسرطن منها وتوسعه فى زراعة القمح حتى تجاوزت لأول مرة ثلاثة ملايين من الأفدنة ولعل ذلك كان السبب فى تخلص النظام السابق منه حتى لا تبور تجارة استيراد القمح لرجال الأعمال المقربين من الرئيس ومن رئيس الوزراء بل وبعضهم يعمل فى ديوان الرئاسة سواء الحالية أو السابقة. هذا الأمر يوضح كيف أن تولى رجال الأعمال لشئون الوزارات جاءت وبالا عليهم وعلى أسرهم وعلى الوزارة وعلى الشعب حتى انهارت الزراعة والصحة والتجارة والصناعة والإسكان والسياحة وغيرها. ولا ننسى فى هذا الذكر رجل الأعمال الشهير الذى تولى وزارة الإسكان لسنة واحدة ليقر قانون الإسكان الحر فى هذا البلد الفقير فأصبح إيجار الشقة يتراوح بين الألف والآلاف الخمسة ومرتب خريج الجامعة ثلاثمائة جنيه؟!، ومن قبله البدء فى تحرير إيجار الأراضى الزراعية للتقرب إلى النواب أعضاء المجالس البرلمانية على حساب الفلاحين الفقراء ليرتفع إيجار الفدان على الفئة الأفقر فى الشعب من سبعين إلى أربعة آلاف جنيه فدائما تفكير الأرستقراط من البشر لا يتناسب أبدًا مع عموم الشعب، فأمثالهم لا يتصورون وجود فقراء فى مصر ولا يرونهم أو يعرفونهم ولا يريدون أيضا. ولتوضيح كيف أن أمثال هؤلاء يكونون بعيدين تماما عن الشعب ولا يبالون بالفقراء أذكر مقابلة لى مع أحدهم وهو سليل عائلة عريقة فى الثراء وله مزارع فى طريق إسكندرية الصحراوى فى عام 1990 وقت أن كان الجنيه المصرى له سعر وقيمة وتوافره قليل بين أيادى الشعب، طلب منى أن أروج لطلابى فى جامعة القاهرة عن عرض خرافى ولا يعوض وهو خمسة أفدنة وبقرة عُشر ومنزل صغير بمساحة مائة متر بمبلغ رائع لا يتجاوز ثلاثمائة ألف جنيه فقط كاش تشجيعًا منه للشباب؟! قلت له ثُلث مليون جنيه مبلغ خرافى لا يتوافر أبدا مع شاب حديث التخرج؟! فقال بغضب وأين أبوه؟! فكل أب يهب ابنه مبلغا مثل هذا ليبدأ به حياته العملية ولا أتصور أبًا فى مصر لا يمتلك مليونًا من الجنيهات؟! هل رأيتم كيف أن هذه النوعية من البشر الوزراء يعيشون فى عالم خاص بهم يقول عنه الغلابة إنهم يعيشون «فى الطراوة» بعيد عن حر الفقراء ومساكنهم العشوائية وحقولهم الفقيرة أو ورشهم ومسابكهم الصغيرة وعربتهم اليدوية للبائع المتجول يعيش يوما بيوم وسيادته متأكد من أنه لا يوجد مواطن فى مصر لا يمتلك مليونا من الجنيهات؟!

جماعة الإخوان وحزبها السياسى بنيت على فكر رجال الأعمال والتجار وأعمالهم التجارية وهباتهم من نسبة الأرباح للجماعة والحزب مثل السيدين مالك والشاطر وغيرهما من أصحاب المحال التجارية والسوبر ماركت من رموزهم بعيدين تماما عن النظام الإدارى والتنفيذى للدولة ولا يعلمون لوائحه وقيوده التى يحاكم عليها الآن رموز النظام السابق والحزب الوطنى ويبدو الأمر وبوضوح أنهم سيتورطون فى حكومات رجال أعمال قادمة بعد الانتخابات البرلمانية والتى قد نتوقع من الآن عدم حصولهم فيها على الأغلبية المطلقة التى تتيح للرئاسة أن تسند تشكيل الوزارة المقبلة إلى حزب الأغلبية، فالمهندس خيرت الشاطر الذى ترك تخصصه فى الهندسة وعمل بالتجارة لأن فيها تسعة أعشار الرزق لم يعمل مطلقا بالجهاز الإدارى والتنفيذى للدولة ولا يعلم لوائحه وقيوده التى تسجن من يخالفها دون طريقة للحماية لا من حزب ولا رئاسة لأنها تتبع القضاء المستقل العادل، وبالتالى فإن فكرة إدارة مؤسسات الدولة وقطاع أعمالها وخمس وثلاثين وزارة تختلف تماما عن إدارة سوبر ماركت أو محل أدوات منزلية أو ملابس جاهزة أو الإيمان بأن التجارة فيها كل الرزق لأن اقتصاديات الدول تقوم على التنمية وإنشاء المصانع وتوسعة الأراضى الزراعية وزيادة إنتاجيتها وعودتها مهنة مربحة وتعظيم الأمن الغذائى وزيادة أمن الطاقة وتأمين مستقبلها وتوفير فرص عمل قادمة وحماية البيئة وتأمين احتياجات الغلابة من السلع التموينية بأسعار تتناسب مع دخولهم والحفاظ على الدعم للفقراء وزيادة الاحتياطى الاستراتيجى النقدى من العُملات الأجنبية فى بلد يستورد أكثر من نصف غذائه ويستورد كل مستلزمات مصانعه وبالتالى فإن سياسات رجال الأعمال وتحرر فكرهم من لوائح العمل العام سوف يكون فيه سم قاتل وسجن أكيد.

البشائر تظهر الآن بسهولة فأنا لا أدرى ما شأن السيد حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى بالاتصال بالزملاء لترشيح من يصلحون وزراء ولا سفره إلى الخارج لتمثيل مصر فى مؤتمرات اقتصادية لا يمثلها فيها إلا رجال العمل الإدارى والوزارى للدولة، ولا توجيهات الشاطر ولا الجزار ولا العريان ولا خطب المرشد وتناوله لشئون الشرطة والجيش وأمور الدولة؟!

ياسادة ليست هكذا تورد الإبل ولا بهذه الكيفية تدار الدول الكبرى.

■ كلية الزراعة جامعة القاهرة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.