رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الضمير العربى


ما من شك، أن الحروب العربية فى منطقتنا، تتجه تلقائيًا إلى الحل، سواء أكانت تلك الحلول ترضى أطرافها، أم كانت مخيبة لآمالهم، لكنها فى كل الحالات، ستجد نهاية، لأن التاريخ علمنا، أن كل نزاع قابل للحل، بأى صورة من الصور.

مهما حاولنا أن نصف النزاعات التى تدور فى منطقتنا، فإننا لن نجد لها سببًا يمكن أن يبررها. ولكن هناك دائمًا، سعى نحو التخلص من كل القيم العنصرية.



فلو راقبنا ما يحدث منذ نهاية القرن العشرين فى منطقتنا، سنجد أن هناك مستجدات، ونعرات طائفية وعنصرية أقلقت العالم، وجعلته يعيد حساباته.

رأينا منظمات إسلامية أصولية، تطالب بالعودة إلى الوراء، وتعمل على طمر الإنجازات الحضارية الحديثة، والعودة بالمجتمعات الإسلامية ألف عام للوراء، ومطالبات للمرأة بالتخفى وراء النقاب، وعودتها إلى البيت.

أما صيحات العودة إلى الأمجاد السابقة، واستحضار نظم الخلافة الإسلامية، فيراها بعض المفكرين الإسلاميين، أنها كانت قمة فى العدل، وأنه لم يكن هناك فقراء ولا محتاجون، إلى حد الزعم بمنتهى الرومانسية، أن الذئب كان يرعى مع الغنم، ولا يقولون هذا مجازًا، ولكنهم يؤكدونه، وأنه كان هناك فائض من الخيرات، كانوا يرمون فيه الحبوب، على قمم الجبال لإطعام الطيور.

ونادى كثير من المفكرين بالعودة إلى الأمجاد العربية القتالية، والأسف والندم على فقدان الأندلس وبلاد الغال. والمطالبة بفتوحات إسلامية جديدة، تحقق الأمجاد والأحلام بغزو أوروبا، ونشر الإسلام والقيم الإسلامية فيها.

وظهرت أحزاب إسلامية فى تركيا، تدعم فكرة الخلافة التركية، وتناست الفظائع التى ارتكبها الأتراك وجنودهم، فى حروبهم وغزواتهم فى جنوب أوروبا ضد الأرمن.

وظهرت نزعات استعمارية، لدى بعض الدول العربية تجاه جيرانها، وهو ما حدث من غزو العراق للكويت، وادعاء أنها كانت تابعة لها.

وما لم يتحرك المجتمع الدولى الغربى وقتها، لظلت الكويت محافظة عراقية حتى الأن، الغريب وقتها أن مؤتمر القمة العربية، ظهرت فيه دعوات لبقاء الحال على ما هو عليه، مما يعنى دعمًا للمحتل، وانقسم العرب على أنفسهم، أمام عدوان صارخ على دولة عربية.

كما كانت بعض تصرفات القادة العرب، تشى بنوع من الغطرسة والاستهانة بالحضارة والتطور، بل والمشاركة فى أعمال إرهابية، وهو ما بدا من خلال سلوك الرئيس الليبى معمر القذافى، وإصراره على الإقامة فى خيمة، فى قلب العواصم الأوروبية، وملابسه الفلكلورية التى كان يتسربل بها، وكأنه إمبراطور صينى من القرون الساحقة.

كل هذا كان يمكن للعالم أن يتحمله، ولكن ما لم يتحمله العالم، هو مشاركته فى تفجير طائرة ركاب مدنية فوق مدينة لوكيربى، وهو سلوك خطير، كما أعلن القذافى رغبته فى امتلاك قنابل نووية علنًا، بل سعى إلى شرائها بعد تفكك الاتحاد السوفييتى. وانحلاله إلى دويلات، لديها أسلحة فتاكة.

كل هذا، جعل تفكير العالم يتجه إلى المنطقة العربية، من أجل الحيلولة بين تنفيذ أفكارها العنصرية التى نادت بها، ورغبتهم فى العودة إلى الأمجاد الاستعمارية التى نبذها العالم من فترات طويلة.

لأجل هذا، تمخض العقل الغربى عن فكرة شيطانية، وهى إدخال المنطقة العربية، فى سلسلة جهنمية من الصراع الطائفى، تنهك قواهم، وتستنزف طاقتهم، وما ان تنتهى حرب حتى يدخلوا فى حرب جديدة.

والحروب الجديدة هى ما بين السُنة والشيعة، ويتم الإعداد لها جيدًا من الآن، ما لم يظهر حكيم يلتف حوله العرب لإنقاذهم من أنفسهم.