رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بداية ظهور التيار الدينى


فى أول نوفمبر 1970 زار القاهرة «كمال أدهم» المسئول عن المخابرات السعودية، ومستشار الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية، وكانت له صلات وثيقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، وتحدث مع الرئيس السادات عن الوجود السوفييتى فى المنطقة العربية وصارحه بضرورة إحياء النزعة الإسلامية. وبعدها قام الرئيس السادات بتكليف الدكتور محمود جامع صديقه بالسفر إلى الخارج ومقابلة قيادات الإخوان المسلمين الهاربين ومنهم يوسف القرضاوى والدكتور أحمد العسال والمهندس عبدالرءوف مشهور، وعبد المنعم مشهور والدكتور سالم نجم والتحدث معهم، واستطلاع نواياهم وطمأنتهم تمهيداً لعودتهم.

ولتأكيد لحسن نواياه بادر السادات بالإفراج عن قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين فى السجون. وأعطى التعليمات بعودة الجنسية المصرية لمن سحبت منهم فى عهد عبد الناصر ومنهم الدكتور سالم نجم الذى حصل على جنسية العراق، وأعاده السادات إلى عمله كأستاذ فى طب الأزهر. فى 15 مايو 1971قام السادات بضرب أول معول لهدم الصرح الاشتراكى. حيث أمر بحفر حفرة كبيرة فى فناء مبنى وزارة الداخلية، وقام بدفن كل مخلفات الاشتراكية، كانت تلك المخلفات الرمزية، تتمثل فى أشرطة تسجيل لمكالمات تليفونية، لا حصر لها، قامت بها أجهزة الأمن، وقيل إنها تحتوى على أسرار شخصية لبعض المسئولين الكبار فى البلاد، ومعهم بعض الفنانين والفنانات، والعاملين فى الحقل الإعلامى والسياسى، وبعض الشخصيات المعروفة، كانت تلك التسجيلات قد سجلتها لهم أجهزة الأمن والمخابرات من التليفونات الخاصة بهم دون علمهم.كما قام السادات بإدخال عدد من المسئولين من رجال عبد الناصر السجن، بمن فيهم وزراء الحربية والداخلية والإعلام ومدير المخابرات العامة وغيرهم فيما عرف بقضية «مراكز القوى».

وفى صيف 1971 نجح الملك فيصل، ملك المملكة العربية السعودية، فى إقناع الرئيس السادات بلقاء عدد من المصريين، من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لقاء سرياً فى استراحة الرئيس بجناكليس، وكان هؤلاء من الذين نجحوا فى الفرار من مصر، أثناء القبض على تنظيم 1965، بعد أن حصل لهم الملك فيصل من السادات، على ضمان بعدم القبض، عليهم وتأمين دخولهم مصر وخروجهم منها.

كان السادات وقتها منتشياً بالانتصار على مجموعة مراكز القوى الشهيرة، التى كانت تؤرقه، وكانت يريد فتح طريق للتيار الدينى ليحل محل الاشتراكيين واليساريين، عرض عليهم السادات تسهيل عودتهم النهائية إلى مصر، ولكنهم تشككوا فى نواياه، باعتباره واحداً من رجال ثورة يوليو التى ذاقوا على يديها الويل.

وفى مطلع عام 1972 اندلعت المظاهرات فى جامعة القاهرة. وظهرت تقارير أمن الدولة أمام الرئيس السادات بأن هناك تفاوتاً طبقياً بين طلاب الجامعات، الأمر الذى أدى إلى حدة المظاهرات وعنفها. ثم تعاطف مع الطلاب العمال وعدد من المثقفين. وهو ما عرف فى ذلك الوقت بمظاهرات «عام الضباب».وقتها سأل الرئيس السادات محمد عثمان إسماعيل -أمين تنظيم الاتحاد الاشتراكى العربى- عن دور التنظيم السياسى فيما يحدث. ورد عليه أمين التنظيم أن التنظيم الذى يرأس هو تنظيم السلطة، وضرب محمد عثمان للرئيس السادات مثلاً بأنه أثناء وجوده بجامعة فؤاد الأول كان لجماعة الإخوان المسلمين وجود بارز بين الطلبة لأن المنضمين إليهم لهم عقيدة يؤمنون بها، وكان يكفى أن يقف أحد الطلاب يقول بصوت عال «الله أكبر ولله الحمد». وفى ثانية واحدة يتجمع حوله الآلاف كأن الأرض انشقت وأخرجتهم من بطنها.