رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحلم الذى تبدد فى كنيستنا «7»


كانت الأوضاع فى الكنيسة القبطية قبل عهد البابا كيرلس السادس سيئة للغاية. فالبطريرك الذى سبقه كان البابا يوساب الثانى البطريرك 115، وكان رجلاً قديساً وتقياً وعالماً جليلاً، لكن للأسف كان تلميذه الشماس مِلك أحد أسباب المشاكل فى الكنيسة – كما هو الحال فى كل زمان إذ إن الحاشية التى تحيط بالمسئول هى السبب المباشر لجميع المشاكل – ولم يكن البابا يأخذ موقفاً منه!! من هنا كانت الأمور فى الكنيسة من الناحية الروحية والرعوية سيئة جداً حتى أنه لم يكن هناك انتظام فى الصلوات، وكانت الكنائس تقيم صلواتها يوم الأحد فقط!! وما إن استهل البابا كيرلس فترة باباويته المباركة بدأ فى تنظيم القداسات بالكنائس، بدأ بحتمية إقامة الصلوات بجميع الكنائس أيام الأربعاء والجمعة والأحد. ولتنفيذ ذلك كان يذهب بطريقة فجائية لزيارة كنيسة من كنائس الإسكندرية (مقر كرسيه) والقاهرة، مما اضطر الكهنة للانتظام لنظام الصلوات.

وكثيراً ما كنا – سواء فى فترة الصلوات الصباحية أو المسائية – نجد باب الكنيسة ينفتح بهدوء ويدخل منه البابا البطريرك مصطحباً تلميذه الأستاذ سليمان رزق (صار بعد ذلك أول أسقف لدير مارمينا بمريوط فى عام 1980)، أو تلميذه الأستاذ روفائيل صبحى (الذى هو الآن أحد شيوخ الرهبان بدير مارمينا بمريوط). أما بالنسبة للكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية وبالقاهرة فكانت الصلوات تقام يومياً، وكثيراً ما كان يرأس البابا الصلوات المبكرة التى تبدأ من الخامسة صباحاً، وبعدها يغادر الكنيسة لتفقد الخدمة ببقية الكنائس. وبمرور الوقت اعتاد الكهنة والشعب على الانتظام فى الصلوات، وانخرط الكهنة فى الخدمة والرعاية الأمينة بصدق وأمانة لأنهم رأوا فى البابا كيرلس قدوة طيبة، والتزم الشعب بالانتظام فى حضور الصلوات بالكنيسة لأنهم وجدوا فى أبيهم قيادة روحية حقيقية دون ضجيج ولا إعلان لأنه كان راهباً حقيقياً فى جميع تصرفاته.

حدث فى تلك الأثناء أنه لم تكن هناك – بالإسكندرية – أى كنيسة ما بين الكنيسة المرقسية الكبرى بوسط المدينة وكنيسة القديس مينا العجائبى بمنطقة فلمنج برمل الإسكندرية (تلك التى كانت جمعية مارمينا العجايبى قد أقامتها فى عام 1946) إلا كنيسة صغيرة خاصة بمدافن الأقباط بمنطقة الشاطبى وكانت خدماتها مقتصرة فقط على إقامة الشعائر الجنائزية. لذلك كانت الحاجة مُلحة جداً لإقامة كنيسة أو أكثر.

فى منطقة اسبورتنج كانت هناك أرض فضاء يستأجرها نادى «الهومنتمن» وهى مُطلة على ترام الرمل بمنطقة اسبورتنج، وكانت جمعية «دُرة» تسعى للحصول على تلك الأرض لإقامة كنيسة عليها – كان هذا يعود إلى بداية فترة الخمسينيات. حدث فى عام 1955 أن كان بكنيسة الإسكندرية وكيل بطريركية هو الأب متى المسكين، وكان يُدبر أمور البطريركية بحزم رهبانى ونظام، وذلك فى فترة البابا يوساب الثانى البطريرك 115. وما أن علم الأب متى المسكين بقصة تلك الأرض الفضاء توجه لزيارتها بصحبة بعض شباب الإسكندرية المخلص فى خدمته للكنيسة. وما أن وقف فى الأرض الفضاء حتى رفع عينيه نحو السماء وقال: (تشتهى الملائكة أن يكون للرب مذبح فى هذا المكان). وكانت هذه الكلمات كسهام روحية سرعان ما أخذت تشق طريقها ليصبح هذا المكان مكاناً خالداً مُقدساً للرب، وهنا نظر أحد الشباب المرافقين للأب متى المسكين – وهو الأستاذ جرجس تادرس قُريصة – وصاح من أعماق قلبه قائلاً: (لتكن مشيئتك يارب). ثم حدث بعد ذلك أمور أخرى مُفرحة. نستكمل فى الحلقة القادمة.