رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وراء الأكمة .. عصام العريان واستر بولونسكى


كلنا يذكر قصيدة الشاعر أحمد مطر «مفقودات» التى قال فيها على لسان أحد أبناء الوطن وهو يخاطب الحاكم بأمره: أين الرغيف و اللبن؟، وأين تأمين السكن؟، وأين توفير المهن؟، معذرة سيدى.. وأين صاحبى حسن؟!، ولكن يبدو أن صاحبه حسن كان قد اختفى

خلف غيابات الغيوم، وبعد سنوات من كتابة أحمد مطر هذه القصيدة أرى أنه يجب أن يكتب أحد المصريين قصيدة يوجهها للإخوان يقول فيها: أين الحرية يا إخوان، أين الخبز يا إخوان؟، أين الصدق يا غزلان؟، وأين عصام العريان؟!.

وبعد هذه المقدمة ودون أى مقدمات أخرى ندخل على الموضوع مباشرة، الموضوع هو عصام الدين محمد حسين محمد الشهير «بعصام العريان» هو ذلك الشيخ الذى شيخه زمانه فأطلق تصريحات مريبة غريبة تحتاج إلى إمعان النظر قال فيها «لليهود من أصول مصرية الحق فى استرداد أملاكهم التى سحبها منهم الشرير جمال عبد الناصر» عصام هذا يا سادة هو أكثر الشخصيات الإخوانية طموحاً حيث لا ينافسه فى طموحاته إلا الأشطر منه خيرت الشاطر، كانت تراود العريان منذ أن رأى المرشد الثالث عمر التلمسانى أحلام الزعامة الإخوانية وطموحات الوصول إلى موقع المرشد، ولكنه دائماً ما كان يعود بعد كل معركة من معارك الصعود والترقى بـ «خفى حنين».

أما عن تاريخه فقد ولد العريان فى 28/4/1954م بقرية ناهيا مركز إمبابة بمحافظة الجيزة، ومثل جميع الأطفال التحق بالتعليم الابتدائى بمدرسة ناهيا الابتدائية للبنين، وأتمَّ دراسته فى مراحل التعليم الابتدائى والإعدادى والثانوى بتفوق فالتحق بكلية الطب جامعة القاهرة، وما أن التحق بكلية الطب بجامعة القاهرة حتى أصبح عضواً بالجماعة الإسلامية وتعرف على الطالب عبد المنعم أبو الفتوح إلا أنه كان يرى نفسه أكثر ثقافة من أبو الفتوح وأكثر معرفة منه بالعلوم الشرعية إلا أن قيادة العمل الإسلامى بالرغم من ذلك كانت لأبو الفتوح، ترقى العريان فى موقعه بالجماعة الإسلامية بالجامعة حتى أصبح أميراً للجماعة الإسلامية فى جامعة القاهرة كلها ولكنه كان تحت إمرة الطالب حلمى الجزار ـ القيادى الإخوانى فيما بعد والذى نراه دائماً مبتسماً وهو يجرعنا أفكار إخوانه السودواية !!ـ الذى كان وقتها أميراً للجماعة الإسلامية فى الجامعات المصرية كلها، عندما تعرف عصام العريان على عمر التلمسانى - مرشد الإخوان وقتها - لازمة وتأثر به وأصبح يشار إليه بأنه أحد أبناء التلمسانى، ثم دخل العريان مجلس الشعب ممثلاً للإخوان عام 1987 وقتها أثار العريان الدنيا كلها عندما زعم أنه - وهو عضو بالبرلمان - صفعه أحد رجال الشرطة على وجهه إلا أنه لم يستطع إثبات زعمه وظهر الأمر أمام الرأى العام أن العريان يحاول توجيه الأضواء عليه وهو الأمر الذى تفوق فيه العريان طوال عمره حتى أنه كان يشار إليه بأنه رجل «الميديا» داخل الإخوان .. وقبل عضويته بمجلس الشعب انتُخب عضوًا بمجلس نقابة أطباء مصر منذ عام 1986 وشغل موقع الأمين العام المساعد إلا أنه كان يشغل مواقعه فى نقابة الأطباء تحت إدارة عبد المنعم أبو الفتوح ولم يحدث أبدا أن كان هو الرجل الأول حتى فى قسم المهنيين داخل الإخوان أو قسم الطلبة أو حتى فى المكتب الإدارى لمحافظة الجيزة كان العريان هو الرجل الثانى أو الثالث.. فقط عندما كان متهماً فى قضية عام 1995 كان هو المتهم الأول فيها وكان الشاطر وغيره هم باقى المتهمين.

أما عن فكر عصام العريان فيبدو أنه هو الذى وضعه فى خلفية الصورة التنظيمية، فالعريان محسوب على التلمسانى وهو من جيل الطلبة الذين دخلوا الإخوان على محفة أبو الفتوح كما أنه كان وثيق الصلة ذات يوم بمجموعة الوسط أبو العلا ماضى وأصحابه وعندما كانت الغلبة لهؤلاء داخل الجماعة كان العريان يعبر عن أفكارهم وكأنها أفكاره وينادى بالدعوة ويمارس السياسة ويحمل خطاباً سياسياً يتعامل به مع القوى السياسية والأحزاب المعارضة ويعد دراسات عن الحركات الإسلامية الأخرى فى تركيا وإندونسيا وماليزيا والمغرب وباكستان.

استمر العريان على طريقته يمارس هذا الفكر ويظهر فى صورة الباحث الإسلامى المستنير، إلا أنه عندما وجد أن هذا الفكر المستنير لا يرضى عنه رجال التنظيم الأقوياء ولا يحقق طموحاته بدأ فى التخلى عنه شيئاً فشيئاً فبعد أن كان لا يرى غضاضة من أن يكون رئيس الدولة قبطياً أو امرأة عدل عن قوله مخافة أن يغضب منه رجال التنظيم الحديدى وقال إن الشرع لا يرضى بذلك.

ولكن هل شفعت له هذه التراجعات ـ لا المراجعات ـ عند بنى الإخوان ؟ وهل نال الشفاعة الإخوانية ؟ بالطبع لا لأن لكل جواد كبوة والمتغطى بأفكار التلمسانى فى الإخوان «عريان» أما الذى لم يتعاط مع هذه الأفكار من البداية فهو «شاطر» ولم يكن العريان «شاطر» لذلك ظل بعيدًا عن رقم واحد، دائماً هو الرجل الثانى، حتى فى انتخابات الحزب الأخيرة نجح الكتاتنى وظل العريان مستمتعا بالمركز الثانى مثله مثل نادى الزمالك، لم يشفع للعريان عند بنى الإخوان هجومه الأخير على كل قوى المعارضة وخطابه الجاف الأرعن واستعلاؤه وغروره حين يتحدث عن القيادات الوطنية التى كان يتدثر بها هو وإخوانه وقت شتاء مبارك، ورغم ذلك لم يرض عنه الشاطر وكيف يرضى عنه وهو يعلم ما فى قلب عصام؟!

وحين ذهب العريان - وقت أحداث الاتحادية ومحاصرة القصر الرئاسى - إلى أمريكا حدثت أشياء بعضها نعلمه وبعضها ما زال مخفياً عنا، نعلم يقيناً أن الإدارة الأمريكية تولت حمايته أثناء إحدى الندوات، ومنعت بعض المعارضين له من الاستمرار فى قاعة الندوة بل قامت باعتقال طبيبة هتفت ضده، إلا أن الأغرب والذى لم أجد له تبريراً هو تصريح العريان الأخير بأنه يرحب بعودة اليهود الذين هاجروا من مصر ويرحب برد أملاكهم لهم !! وإذ وقع فى ضميرى أن عصام العريان أحياناً يطلق تصريحات لا يقصد معناها،إلا أننى فوجئت بالإخوانى التليد العتيد المريد حمدى حسن يؤازر العريان فى تصريحاته وينافح عن الذى قاله !! هل هذه هى سياسات الإخوان التى ستجلب لنا المليارات !! يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها ولكننا يجب ألا نترك هذا الذى يدور وراء الأكمة مخفياً عنا، فهل من باحث يملك قدراً من الفراسة وبعد النظر يشرح لنا عن هذا الذى دار وراء الأكمة التى هى موجودة فى واشنطن وراء مصنع الكراسى وأرجو ألا يقول لنا إن «إستر بولونسكى « كانت هى أيضاً هناك