رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من طرق الوصول إلى الجنة «1-2»


الطريق إلى الجنة ملىء بالخيرات والطريق إلى النار ملىء بالشهوات، من تلك الطرق التى تؤدى إلى الجنة كلمات أو أذكار أو تسبيحات تقال، وأعمال تقرب الإنسان من الله تعالى وتبعد عنه همزات الشياطين، من المعلوم أن عمل الإنسان الصالح يقود إلى الجنة، ولكن قبل ذلك وبعد ذلك، رحمة الله تعالى...

... حتى عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما إذا كان الإنسان يدخل الجنة بعمله، قال برحمة الله تعالى، فسئل حتى هو صلى الله عليه وسلم، فقال: «حتى أنا، إلا أن يتغمدنى الله برحمته».

وفى الحديث: «خلَّتانِ لا يُحصيهما رجُلٌ مسلمٌ إلَّا دخلَ الجنَّةَ، وَهما يسيرٌ، ومن يعملُ بِهما قليلٌ، قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّلواتُ الخَمسُ، يسبِّحُ أحدُكُم فى دُبِرِ كلِّ صلاةٍ عشرًا، ويحمَدُ عشرًا، ويُكبِّرُ عشرًا، فَهى خمسونَ ومائةٌ فى اللِّسانِ، وألفٌ وخَمسمائةٍ فى الميزانِ. وإذا أوى أحدُكم إلى فراشِهِ أو مضجعِهِ سبَّحَ ثلاثًا وثلاثينَ، وحمدَ ثلاثًا وثلاثينَ وَكبَّرَ أربعًا وثلاثينَ، فَهى مائةٌ على اللِّسانِ، وألفٌ فى الميزانِ، وقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»: فأيُّكُم يعمَلُ فى كلِّ يومٍ وليلةٍ ألفينِ وخمسمائةِ سيِّئةٍ قيلَ يا رسولَ اللَّهِ وَكيفَ لا نُحصيهِما، فقالَ إنَّ الشَّيطانَ يأتى أحدَكم وَهوَ فى صلاتِهِ فيقولُ: اذكُر كذا اذكُر كذا، ويأتيهِ عندَ منامِهِ فينيمُهُ»، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى : «لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ»، يقول بعض المفسرين «أى: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التى تمتع بها المترفون، واغترَّ بها الجاهلون، واستغن بما آتاك الله من المثانى والقرآن العظيم»، وقيل أيضا فى ذلك: «أى : لا تمد عينيك معجبا، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها، من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون، ثم تذهب سريعا، وتمضى جميعا، وتقتل محبيها وعشاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا فى القيامة، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها، ومن هو أحسن عملا».

الجنة هى مكان الخلد، وهى المكان الوحيد الذى فيه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.. ومما جاء فى وصف الجنة التى يحلم كل إنسان بالحياة الأبدية فيها: «الجنة هى حلم كل إنسان متدين يسكن فى هذه الأرض وحتى بعض غير المتدينين طمعا فى رحمة الله تعالى ؛ فالجنة هى المكان الوحيد الذى سيرتاح فيه الإنسان، وينسى كل الهموم والمتاعب والمشاكل التى واجهته فى الحياة الدنيا. فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وبناؤها لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، ومفتاحها هو «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وأسنانه «الأعمال الصالحة»، وأول من سيدخل الجنة هو النبى محمد صلى الله عليه وسلم، من بعد أن يشفع للمؤمنين. أبوابها ثمانية هى، باب: «الصلاة، الريان، الزكاة، الجهاد، الصدقة، الصلة، الحج والعمرة».

فى الجنة درجات وغرف؛ فهناك الفردوس الأعلى تحت عرش الرحمن عز وجل، ومنه تخرج الأنهار، وأعلى مقام فى الفردوس هو الوسيلة، وهو مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أما باقى الدرجات فهى مائة درجة، وأدناها منزلة من كان له ملك مثل عشرة أمثال أغنى ملوك الدنيا، مِصداقًا لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «سأل موسى بن عمران ربه جل وعلا، وقال: يا ربّ ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ فقال الله جل وعلا: يا موسى ذلك رجل يجىء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: يا ربّ! كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقول الله جل وعلا: أما ترضى أن يكون لك مثل مُلْك مَلِك من ملوك الدنيا؟ فيقول العبد: رضيتُ يا ربّ، رضيتُ يا ربّ، فيقول الربّ: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول العبد فى الخامسة: رضيتُ يا ربّ، رضيتُ يا ربّ، فيقول الربّ جل وعلا: لك ذلك وعشرة أمثاله معه، ولك فيها ما اشتهت نفسك، ولذّت عينك».

أما غرف الجنة فقد جاء عنها أنها متعددة، ومنها من الدر والجوهر، تجرى من تحتها الأنهار، يتراءون لأهل الجنة كما يرى الناس الكواكب والنجوم فى السموات العلا، وهى منزلة الأنبياء والشهداء والصابرين، مِصداقًا لقول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: «إن أهل الجنة ليتراءون فى الجنة كما تراءون -أو كما ترون- الكوكب الدرى الغابر فى الأفق، الطالع، فى تفاضل الدرجات» قالوا: «يا رسول الله، أولئك النبيون؟» قال: «بلى، والذى نفسى بيده، وأقوام آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين».

فى الجنة أيضًا غرف من الجواهر الشفافة، يرى ظهرها من باطنها، وهى لمن أطاب الكلام، وأطعم الكلام، وبات قائمًا والناس النيام، شرابها لا يسكر ولا يذهب العقل، وأما طعامها فهو لحم وطير وفواكه، وكل ما اشتهت أنفسهم مصداقاً لقول الله عز وجل: «لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ».

يبقى السؤال مطروحا ما هى الطرق التى يجب على المسلم أن يتبعها حتى يسلك طريق الجنة؟ وما هو المزيد ؟ لذلك كله نقول لمن هم فى مهنة الإعلام والكتابة خصوصا :

وما مِنْ كاتـبٍ إلاَّ سَيَفنَـى ويُبقِى الدَّهـرُ ما كَتَبَتْ يــداهُ

فلا تكتُب بِكَفِّـكَ غيرَ شىءٍ يسُرُّك يـومَ القيـامةِ أن تــراهُ

وللحديث صلة والله الموفق.