رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صفقة الانسحاب من سوريا».. اتفاق سري خطير بين روسيا وأمريكا «ينذر بكارثة في المنطقة العربية».. محللون سياسيون يحذرون من احتمالات الانجرار نحو حرب عالمية

جريدة الدستور

خلق القرار الروسي بالانسحاب من سوريا، جدلا كبيرا وتساؤلات كثيرة، حول أسبابه والدوافع الكامنة خلفه، لكن عددا من المحللين السياسيين بالأردن رأوا أنه تم بناءً على صفقة "غير معلنة"، بين موسكو وواشنطن، على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب".

وبحسب المحللين فإن الطرفين قد اتفقا على التخلي عن حلفائهما، ووقف حروب الوكالة بينهما في سوريا، ووقف الدعم للقوى المتصارعة، وإحالة مفاتيح النزاع إلى دول المنطقة، لتقتلع شوكها بيديها، وهو ما ينذر بحروب أهلية قد تمتد إلى سنين طوال، فضلًا عن اشتعال نزاعات طائفية بين العرب وإيران.

وحذر الخبراء من خطورة ذلك المنحى الذي اتخذته القوتين العظميين اللتين كانتا تتصارعان في سوريا، ومن خطورة تلك الصفقة التي تزيد من احتمالات الانجرار نحو حرب عالمية، واشتعال المنطقة بحروب طويلة الأمد.

وكانت موسكو أعلنت صباح أمس الثلاثاء، أنها بدأت عمليًا، تنفيذ قرارها بشأن سحب قواتها من سوريا، بعد ساعات من القرار المفاجئ، يرى مراقبون أنه لا يخدم النظام السوري في حال من الأحوال.

ويدلل الكاتب والمحلل السياسي جهاد أبو بيدر، على فرضية انعقاد تلك الصفقة قائلا إن "اتهام الرئيس الأمريكي باراك أوباما السعودية مؤخرًا، بإشعال الحروب الطائفية، يحمل موقفًا ضمنيًا بتوقف واشنطن عن دعم الرياض، في صراعها مع إيران، وتداعيات صراعها على الساحة السورية، ووقف الدعم لباقي أطراف النزاع المحسوبين على المحور الأمريكي، ثم جاء رد موسكو عمليًا بالتخلي عن نظام الأسد وسحب القوات الروسية من سوريا".

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال في تصريحات له نقلتها صحيفة "ذا أتلانتيك" قبل أيام من إعلان روسيا الانسحاب من سوريا، إنه يتعيّن على السعودية وإيران والسنة والشيعة بشكل عام إيجاد طريقة للتعايش والتوصل لعلاقات حسن الجوار.

ونقل أبو بيدر، عن مصدر حكومي رفيع، أبلغه بشكل شخصي، وجود مخاوف رسمية من أن يكون رفع اليد الأمريكية والروسية عن المنطقة بعد إشعالها، وإذكاء الفتن والاضطرابات فيها على النحو الماثل أمامنا اليوم، مقدمة لاشتعال حروب أهلية، ومعارك استنزاف بين العرب وإيران، وصراعات طائفية قد تمتد إلى عشرات السنيين.

الكاتب الصحفي خالد فخيدة، حذر بدوره من انجرار أي قوى عربية أو إقليمية لإشغال الفراغ الذي تركه الجانب الروسي في سوريا، قائلًا إن "استبدال قوى إقليمية بالقوى الدولية التي كانت تتصارع في سوريا، لن يحدث شيئًا سوى نزع الصفة العالمية عن الأزمة، وإلغاء مبدأ التدويل، لإحلال حروب أهلية وطائفية قد تعود على المنطقة بويلات مضاعفة، ولم يستبعد وجود صفقة أمريكية روسية تقضي برفع اليد عن المنطقة والتخلي عن الحلفاء، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.

بدوره اعتبر المحلل السياسي عامر السبايلة في حديث للأناضول، أن "القرار الروسي بالانسحاب من سوريا ليس مفاجئًا، مشيرًا أن "مسارات الأمور كانت تشير أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة السورية، وهو ما أسس له الاتفاق الكيماوي الذي انطلقت من خلاله مرحلة التفاهمات الأمريكية الروسية، لتصبح اليوم موسكو وواشنطن أقرب لبعضهما من قربهما لحلفائهما".

واتفق محمد الشرعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، مع السبايلة، مؤكدًا أن "ما حدث من انسحاب روسي من سوريا يأتي في سياق التفاهمات مع واشنطن، لإعطاء دفعة لمحادثات السلام والقبول بالشروط الأمريكية الروسية التي تم إعدادها مسبقًا من قبل موسكو بشكل أكبر".

ووصف الشرعة انسحاب روسيا بالتكتيكي، لكسب ثقة المنطقة، في حين أن الدور سيبقى مستمرًا من خلال تدخلاتها وإملاءاتها حول كيفية انتقال السلطة في سوريا.