رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حسن الترابي»: قصة أشهر معارض لـ«البشير» الذي أفتى بجواز إمامة المرأة للرجل في الصلاة.. وجمع حلفاء وأعداء الإخوان بعد وفاته

الترابي والبشير
الترابي والبشير

مفكر وزعيم سياسي وديني سوداني.. يعتبر رائد مدرسة تجديد الإسلام السياسي.. جمع بين السلك الدبلوماسي والأكاديمي، عرف باجتهاداته الفقهية وفتاويه المثيرة للجدل.. أباح إمامة المرأة للرجل في الصلاة، وكذلك زواج المرأة المسلمة من أهل الكتاب، هو حسن الترابي الذي وافته المنية، أمس، عن عمر ناهز 84 عامًا بأحد مستشفيات الخرطوم، إثر وعكة صحية مفاجئة.
ولد «الترابي» سنة 1932 في مدينة كسلا شرقي السودان، وسط أسرة متدينة ميسورة تنتمي إلى قبيلة البديرية، توفيت أمه وهو صغير، وكان والده قاضيا وشيخ طريقة صوفية فحفـّظه القرآن الكريم بعدة قراءات، ودرّسه علوم اللغة العربية والشريعة.
تابع دراسة الحقوق في جامعة الخرطوم منذ عام 1951 حتى 1955، وحصل على الماجستير من جامعة أكسفورد عام 1957، دكتوراه الدولة من جامعة سوربون، باريس عام 1964.. أتقن الترابي أربع لغات بفصاحة وهي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية.
بعدما تخرج عاد إلى السودان، وأصبح أحد أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية وهي تمثل أول حزب أسسته الحركة الإسلامية السودانية والتي تحمل فكر الإخوان المسلمين.
بعد خمس سنوات، أصبح لجبهة الميثاق الإسلامية دور سياسي أكثر أهمية، فتقلد الأمانة العامة بها عام 1964. حينما قام جعفر نميري بانقلاب. تم اعتقال أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية، وأمضى الترابي سبعة سنوات في السجن. وأطلق سراحه بعد مصالحة الحركة الإسلامية السودانية مع النميري عام 1977.
أعلنت حكومة نميري فرض قوانين الشريعة الإسلامية في عام 1983، وانقلبت بعدها على جبهة الميثاق الإسلامية، حليفتها في السلطة، عارض الشعب هذا الأمر بواسطة الإجراءات القانونية مثل حل البرلمان السوداني، وبواسطة المظاهرات مما أدى إلى ثورة شعبيه ضد نميري في عام 1985..أسس الترابي بعد عام الجبهة الإسلامية القومية، كما ترشح للبرلمان ولكنه لم يفز.
في يونيو عام 1989، أقام حزب الترابي انقلابا عسكريا ضد حكومة المهدي المنتخبة ديمقراطيا وعين عمر حسن البشير رئيسا لحكومة السودان.
في عام 1991 أسس الترابي حزب المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي الذي يضم ممثلين من 45 دولة عربية وإسلامية، كما انتخب الأمين العام لهذا المؤتمر.

وقف الترابي ضد التدخل الأجنبي في المنطقة بحجة تحرير الكويت إبان الغزو العراقي عام 1990، ما أدي الي تدهور علاقاته مع الغرب وبعض الدول العربية، واختلف مع حكومة البشير حول قضايا، أهمها الفساد، و الشورى، والحريات، فحل البشير البرلمان، في أواخر عام 1999، وبعدها أصبح الترابي أشهر معارض للحكومة.
اعتقل في 2001 لتوقيع حزبه مذكره تفاهم مع الحركة الشعبية، ثم اعتقل مرة أخرى في مارس 2004 بتهمة تنسيق حزبه لمحاولة قلب السلطة.
جمع الترابي بين حلفاء الإخوان وأعدائهم بعد وفاته ، إذ سارع الطرفان لنعيه متمنين من الله أن يتغمده برحمته، وكتب ضاحى خلفان، قائد شرطة دبى السابق عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "رحم الله حسن الترابي واسكنه فسيح جناته، والهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإنا إليه راجعون".
دون الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في منشور عبر صفحته بـ"فيس بوك"، "رحم الله أخانا الدكتور المجتهد حسن الترابي رحمة واسعة وتقبل منه وغفر له، وعوّض الأمة خيرا وألهم إخوانه وأهله الصبر والاحتساب".
ونعّت الناشطة اليمنية، توكل كرمان، وفاة حسن الترابي، ، وقالت في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "ببالغ الأسى والحزن تلقيت خبر وفاة الدكتور حسن الترابي، والذي يعد من الشخصيات البارزة والعملاقة التي أثرت العمل الإسلامي السياسي والفكري في القرن العشري"
وأضافت كرمان: "لقد سعى الترابي في كل اجتهاداته ومواقفه ومؤلفاته لمجاراة العصر، وتجاوز الأفكار التقليدية، وقد جلب له هذا التوجه كثير من الانتقادات والهجوم لدرجة تجرؤ البعض على إخراجه من دائرة الإسلام".
وأكملت: "اتسمت آراء الترابي بالشجاعة والتجديد والايجابية، ويحسب له أنه كان من الأشخاص الذين مارسوا النقد الذاتي دون تصنع أو تكلف".
وتابعت كرمان: "ومثل كل المهتمين بالشأن العام، لم أكن باستمرار مؤيدة أو معارضة لكل ما كان يقوله الترابي، لكني كنت أكبر فيه حيويته الفكرية وتلقائيته، التي جعلت منه شخصًا حاضرًا في كل المناسبات المعرفية الجادة، رحم الله الترابي والهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان".