رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حول الانتخابات البرلمانية «4»


وسط أجواء انتخابية تتشابه مع المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، ويتصدر مشهدها أيضاً المرأة وكبار المسنين من الناخبين والناخبات، ووسط إقبال لم يزد على 22.3% من عدد الناخبين فى محافظات المرحلة الثانية، إذ خرج للتصويت ستة ملايين و254 ألف ناخب وناخبة من إجمالى 28 مليون ناخب، ووسط استخدام الرشى الانتخابية بشكل فاضح لشراء الأصوات، ووسط اتهامات متبادلة بين أصحاب القوائم الأربع وصلت إلى حد التخوين. هذه القوائم التى اقتصرت على قائمة فى حب مصر فى شرق الدلتا، والتى فازت بأكثر من 5% من أصوات المقيدين فى جدول الناخبين. كما فازت أيضا تلك القائمة فى قطاع القاهرة ووسط وشمال الدلتا متقدمة على القوائم الثلاث الأخرى «التحالف الجمهورى، وتيار الاستقلال، وحزب النور الدينى». والجدير بالذكرأن عدد مقاعد قائمة فى حب مصر فى المرحلتين هو 120 مقعداً، بينهم 40 للأحزاب و80 للمستقلين.

وكان تصويت المصريين فى الخارج فى الجولة الأولى من المرحلة الثانية 37500 صوت، بزيادة 22.5% من إجمالى أصوات المرحلة الأولى. وكانت الدول الأعلى تصويتاً السعودية والكويت والإمارات، وأيضاً فرنسا. وتقدمت نسبة إقبال الذكور عن الإناث فى الخارج بنسبة 60%.

تحية لأهالى سيناء الكرام الذين خرجوا رغم الحادث الإرهابى البشع الذى اختتم المرحلة الأولى فى العريش، والذى راح ضحيته عدد من شهداء مصر من القضاة والجنود. لقد خرجوا متحدين الصعاب، وكانت محافظة جنوب سيناء أعلى تصويتاً بين المحافظات فى هذه المرحلة بنسبة 41.6%، يليها كفر الشيخ بنسبة 36.8%، يليها الدقهلية بنسبة 36%. وكانت المحافظات الأقل تصويتا القاهرة بنسبة 19.9%، والسويس فى الترتيب الأخير بنسبة 18%.

كانت النتيجة النهائية للمرحلتين حضور 15.2 مليون ناخب من إجمالى 53 مليوناً بنسبة 28.3%. وحتى الآن نجح 555 نائباً، والمتبقى 13 نائباً يمثلون 4 دوائر تخوض الانتخابات بقرار من المحكمة خلال هذا الأسبوع. يشتمل هذا العدد على 316 نائباً مستقلا بنسبة 56.9%، والمنتمين للأحزاب 239 نائباً بنسبة 43.1%. وكان للأحزاب الجديدة، والتى نشأت بعد الثورة نصيب الأسد، بينما تراجعت أحزاب تقليدية مثل الوفد، ولم تحقق أحزاب اليسار غير مقعد للحزب الناصرى ومقعد لحزب التجمع. عدد مقاعد المصريين الأحرار 65 مقعداً، مستقبل وطن 50 مقعداً، الوفد 40 مقعداً، حماة الوطن 17 مقعداً، حزب الشعب الجمهورى 13 مقعداً، حزب النور 12 مقعداً، حزب الشعب الديمقراطى 5 مقاعد، الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى 4 مقاعد.

وإذا نظرنا للخريطة النهائية نجد أنه رغم الرشى الانتخابية، ورغم أن هذه الانتخابات البرلمانية بدأت ببدعة لم تكن موجودة من قبل وهى شراء المرشحين لضمهم إلى القوائم أو الأحزاب الموجودة، خاصة ذوى الخبرة من محترفى الانتخابات، وذوى العصبية والعائلات، والذين يقدرون على حشد الأصوات لدوائرهم، ومعظمهم من الحزب الوطنى المنحل. وأيضاً تميزت بالرشى بالمواد العينية وشراء الأصوات بالمال. وإننى أتساءل متى يتم وضع إجراءات لضبط الرشى الانتخابية؟ ومتى يتم توظيف أجهزة الدولة وهيئاتها من مباحث الأموال العامة وغيرها لتنفيذ هذه الإجراءات؟

وأود فى السطور المقبلة أن أركز على بعض الصور المضيئة، وهى:

أولاً: نجاح وجوه جديدة من الشباب الذين يقل عمرهم عن 35 عاماً. وهذه الوجوه الجديدة تحدت ثلاثية فلول الحزب الوطنى، والتيار الدينى، واستخدام الرشى الانتخابية. ثانياً: بداية موفقة للمرأة المصرية، حيث تمكنت 17 امرأة من تحقيق النجاح فى المنافسة الفردية، والتى كانت شرسة، وتخطت عقبات فى دوائر صعبة ذات عصبيات وخلفيات سلفية وإخوانية، غير الرشى الانتخابية.هذا بالإضافة إلى 60 امرأة بالقوائم، و14 امرأة سيتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، أى بإجمالى 87 نائبة تحت قبة البرلمان بنسبة 12.8% لأول مرة فى تاريخ البرلمان المصرى.

ثالثاً: إذا تكلمنا عن التيار الدينى نجد أنه نجح الشعب المصرى وبجدارة واقتدار فى إعطاء الدرس لمن يخلطون الدين بالسياسة، من يتنفسون كذباً ليلاً ونهاراً، ويقولون أشياء ويفعلون عكسها. تعلم الشعب المصرى الدرس بعد وصول الإخوان إلى الحكم، وشاهد كيف حاول التنظيم الدولى السيطرة من خلال محمد مرسى على الحكم فى مصر لتنفيذ مخطط الدول الرأسمالية المعسكرة المتوحشة وعلى رأسها أمريكا لتفتيت وتقسيم وتدمير الوطن العربى كله مستخدماً التحريض على العنف الطائفى والمذهبى والعرقى. كما وعى درس أن كل التيارات الدينية خرجت من عباءة الإخوان. لقد فقد حزب النور أصوات الشعب المصرى، بل وأصوات قواعده التى تربت على فتاوى شيوخ السلفيين التى تقول المرأة عورة، ولا يمكن أن تشارك فى المناصب القيادية، والمسيحيين كفرة، والديمقراطية حرام ورجس من عمل الشيطان، وأنهم يقومون بالدعوة الدينية فقط خالصة لوجه الله. وإذا بهم فجأة يؤسسون حزباً سياسياً يمارسون فيه كل ما سبق تحريمه. بهذه المناسبة فإننى أطالب نواب الشعب أن ينفذوا إرادة الشعب فى تفعيل وتنفيذ المادة 74 من الدستور التى تنص على أنه لا أحزاب على أساس دينى. كل هذا قد أدى إلى أن يحصل حزب النور على 2% فقط من عدد نواب البرلمان.

وأخيراً تحية إلى الشعب المصرى الأصيل الذى أوصل إلى البرلمان ولأول مرة عدداً من النواب المصريين المسيحيين يبلغ 36 نائباً ونائبة، 24 منهم فى القوائم و12 فردى، بنسبة 6%، وهى نسبة عالية، حيث لم يتجاوز عددهم فى البرلمانات السابقة 2% باستثناء برلمان عام 1942 الذى وصل عددهم فيه إلى 27 نائباً من أصل 264 بنسبة تزيد على 10%. إنها البداية بالنسبة للشباب والمرأة والمسيحيين، وقد كانوا مهمشين من قبل.