رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اتهامات للداخلية بتعذيب المواطنين.. والداخلية تتبرأ منها وتؤكد أنها حالات فردية.. سياسيون: فات أوان إهانة المصريين.. وداليا زيادة: محاولة للحشد قبل 25 يناير

جريدة الدستور

4 سنوات مرت على ثورة 25 يناير، والتي كانت انتهاكات جهاز الشرطة، سببًا رئيسيًا في إطلاق الشرارة الأولى لها، كي تغير وزارة الداخلية من عقيدتها وتتصالح مع الشعب المصري.

واتخذت وزارة الداخلية، عدة إجراءات من شأنها تقليص الفجوة بينها وبين أبناء الشعب المصري وفي المقدمة إنشاء قطاع حقوق الإنسان داخل وزارة الداخلية.

وعقب الإعلان عن وفاة أكثر من حالة داخل أقسام الشرطة، خلال شهر نوفمبر، أكدت وزارة الداخلية، أن هذه الحالات لا تعدو عن حالات فردية، ولا يجوز تعميمها على جهاز الشرطة بالكامل.

مسيرة اعتذار
وفي محاولة للتأكيد على تغيير العقيدة الشرطية، نظم أفراد الشرطة بمحافظة الأقصر، مسيرة اعتذار على وفاة أحد المواطنين، وأعلنت مديرية الأمن الاستعداد للتحقيقات الموسعة التي تجريها النيابة العامة، وتطبيق القانون على أي فرد حال ثبوت تورطه في الاعتداء على الفقيد قبل وفاته.

وتعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ وزارة الداخلية؛ حيث قررت الشرطة، أمس الأحد، تنظيم مسيرة باللافتات بمنطقة العوامية بمدينة الأقصر، بمشاركة عدد من الضباط والأفراد؛ لتقديم واجب العزاء في وفاة مواطن يدعى طلعت شبيب، اتهم أهله الأمن المصري بقتله تحت التعذيب الشديد في قسم الشرطة.

وحمل المشاركون من الشرطة، لافتات كبيرة مكتوب عليها "نعلن نحن مديرية أمن الأقصر قيادة وضباطاً وأفراداً، عن خالص تعازينا لأبناء العوامية وأهالي محافظة الأقصر، في وفاة المغفور له بإذن الله، المرحوم طلعت شبيب".

وأعلنت مديرية أمن الأقصر استعداد شرطة الأقصر عن "استعدادها الكامل للتحقيقات الموسعة التي تجريها النيابة العامة، وتطبيق القانون على أي فرد حال ثبوت تورطه في الاعتداء على الفقيد قبل وفاته ولو بكلمة جارحة".

من جانبهم، أكد سياسيون أن الحالات التي ظهرت على سطح الأحداث مجرد حالات فردية، ورسالة الاعتذار التي قدمها رجال الشرطة، لأول مرة في تاريخ الوزارة، تؤكد التغيير الذي أصابها عقب ثورة يناير.

وأكدوا أن توقيت ظهور هذه الحالات يثير الريبة، ووصفوها بأنها محاولة للحشد قبل ثورة 25 يناير، والتي تقف خلفها جماعة الإخوان والعناصر المؤيدة لها.

وشهد الأسبوع الجاري وفاة 4 مصريين داخل 4 أقسام شرطة تحت وقع "حالات تعذيب"، بحسب أهالي الضحايا، مما أثار غضب عائلاتهم، وتوجيه انتقادات لجهاز الشرطة، وعودة المطالبات التي انتشرت عقب ثورة يناير 2011 بـ "تطهير الشرطة".

الداخلية
وقال اللواء أبوبكر عبدالكريم، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن حالات التعدي والخروج على القانون التي قام بها عدد من الضباط في مختلف المحافظات ما هي إلا حالات فردية، ولا تمثل جهاز الشرطة كاملا، مضيفا: "مش السبع أو الخمس حالات دول هما وزارة الداخلية".

وأكد في مداخلة هاتفية في برنامج "الحياة اليوم"، أن كافة حالات التجاوز والمخالفات التي يقوم بها عدد من الضباط تجاه المواطنين مرفوضة شكلًا وموضوعًا، موضحًا أنها تنال من جهاز الشرطة بالكامل.

وأوضح أن الوزارة تعمل جاهدة لتحسين صورتها أمام الشعب، وأنها بالمرصاد لكل المخالفين للقانون وبالأخص الضباط، لأنهم المعنيون بتطبيق القانون ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يخالفوه.

وقال يحيى قدري، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، إن أحداث الاعتداءات الشرطية لا تشكل عملا جماعيا لكن عمليات فردية وإن كانت كثيرة، واصفا اعتذار جهاز الشرطة بأنه تصرف راق، ما يعنى فكرة أن القانون هو الأساس.

وطالب قيادات الشرطة، بأن تعيد رسم عدة مبادئ في أذهان صغار الضباط، بأن منصبهم مستمد من القانون، الذي وضعه الشعب، وأن الشعب لا يعامل أى معاملة خارج القانون، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته. وأكد أن المصريين انتهى عصر التعامل معهم بهذا الأسلوب تحت أي ظرف، ولا عودة لما قبل 25 يناير.

وقال أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، إن هناك حالة تذمر في الشارع المصري من تكرار وتصاعد وتيرة التعذيب في السجون، ما أدى إلى وفاة عدد من المصريين بصورة منتظمة خلال شهر نوفمبر، مما يسبب ضررا جسيما لصورة وزارة الداخلية وجهودها لمواجهة الإرهاب، وحدوث نوع من الشرخ في العلاقة بين الوزارة والجماهير.

وأوضح أن هذا الأمر استشعرته قيادات الوزارة والقيادة السياسية للدولة، لذا جاءت مسيرة الاعتذار في مشهد لم يعتد عليه المواطنون، مؤكدا أن الاعتذار وحده لا يكفي، والأهم من ذلك إدراك الوزارة أن المواطن المصري يجب ألا تُنتهك حقوقه، ولن يكون مقبولا استمرار طرق التعذيب والانتقام الوحشي، التي كانت موجودة سابقا، حتى لو الضحية مجرم، القانون هو الفيصل.

وأشار إلى أن الاعتذار أمر إيجابي في حد ذاته، مطالبًا بتحويل الموقف إلى سلوك حقيقي في تعامل الشرطة مع المواطن، والكف عن استخدام السلطة المطلقة للأمن في مواجهة المواطنين، فالسلطة ليست للانتقام من الشعب، لكن ليقر الأمن والحفاظ على مصالح الدولة.

وأضاف أنه لابد أن يتحول الاعتذار لخطة عمل لإعادة تأهيل جهاز الشرطة، وعدم استمرار الأزمات، حتى لا تؤثر بالسلب على العلاقة بينهم وبين الشعب، لدرجة لا يستفيد منها سوى أعداء الوطن.

وأعربت داليا زيادة، مديرة المركز المصري للدراسات الديمقراطية، عن رفضها لأي شكل من أشكال التعذيب داخل السجون، مشيرة إلى أن هناك فارقا كبيرا بين الشرطة قبل ثورة يناير وبعدها.

وأوضحت أن التعذيب في الماضي كان يتم بطريقة ممنهجة وكان العرف القائم، واليوم لا يعدو كونه حالات فردية، لأن جهاز الشرطة كغيره من المؤسسات ناله جانب من الفساد خلال العهود السابقة.

وطالبت بأن تكون المحاسبة علانية، وأن يعلن للرأي العام الخطوات التي تم اتخاذها، لعدم تكرار الأخطاء مرة ثانية، معربة عن شكوكها إزاء خروج هذه الحالات في هذا التوقيت، مشيرة إلى أن ظهور هذه الحالات جزء من محاولات الحشد لـ25 يناير.