رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستقبل مريم


لا أخفى أننى متعاطفة تعاطفاً شديداً مع مريم لأننى أضع نفسى مكان أمها، فلا أستطيع أن أكون محايدة بشأن مستقبل تلميذة صغيرة تحس بالظلم، وترى أن من حقها أن تتظلم من حصولها على صفر فى كل المواد، مريم تمر كغيرها من عشرات آلاف من تلاميذ مصر بامتحان الثانوية العامة المتخلف والفاشل والعقيم الذى عادة ما يصيب بالارتباك والتوتر أهل بيت التلميذ كلهم لأن مصير التلميذ يكون معلقاً على امتحان نهاية العام.

ان مريم كما قلت هى انعكاس لنظام قاهر وظالم وعقيم لا يبنى عقولاً ولا يشجع على التفكير او الإبداع وبدلاً من أن تصبح قضية مريم محفزاً لنا على تغيير هذا النظام فى ظل مرحلة مهمة جاءت بعد ثورة عظيمة فى ٣٠ يونيه تؤسس لدولة جديدة وحديثة، وبدلاً من أن نلقى اللوم على هذا النظام الفاشل فإن اللوم كله يضعونه فوق أكتاف مريم .. أننى أطالب بمراجعة منظومة التعليم فى مصر بما يجعلنا نخرج أجيالاً من الطلبة القادرين على التفكير والإبداع وليس التلقين والحفظ، إننا نريد طلبة يشاركون فى بناء الوطن الذين نتمناه ونريده، لا أن نستمر فى نظام بالٍ أثبت فشله ويخرج منه الطالب دون ان يتذكر شيئاً لشدة التوتر والضغوط العصبية الرهيبة التى يمر بها. لقد شارك الإعلام وبرامج التوك شو فى الضغط على مريم، ووصل الأمر إلى حد أن إعلامى مشهور هاجمها مؤخراً هجوماً شديداً وقاسياً وعنيفاً يضعه تحت طائلاً قانون الطفل المصرى، حيث طالب مريم بترك البلد مادام التعليم لا يعجبها، وبدلاً من أن يكون منصفاً فى منظومة التعليم المصرى الحالى التى لابد أن تتطور وتتغير للأفضل كما فعلت دول أخرى جاء التعليم فى أولويات اهتماماتها من أجل أن تتقدم وبالفعل تقدمت بفضل نظمها التعليمية الناجحة، فإنه اتجه إلى الهجوم العنيف على مريم، ألا أننى حتى الآن أعتقد أن ضميرى مستريح لأننى أؤمن ان مريم هى ضحية منظومة تعليم متخلف وعقيم وقاهر للتلاميذ، . ولابد أن يرى المسئول الأول عن التعليم فى مصر مخرجاً لمريم حتى لا يضيع مستقبلها وحتى تظل لديها شجاعة المطالبة برفع الظلم عنها وحتى لا تنهار نفسياً أكثر مما حدث لها.

إن مريم ابنتنا ولابد أن يجد لها الوزير مخرجاً لمأساتها التى أصبحت أكثر تعقيداً، وإذا كنت قد طالبت بلجنة محايدة لامتحان مريم فنحن لم نعطها وقتا لتتعافى ولتراجع المواد قبل أن تمتحن أمام اللجنة ، رفقاً بمريم فهى فتاة مصرية لا حول لها ولا قوه فقدت والدها وتريد ان ترفع الظلم عنها، هى لم ترتكب جريمة حتى تكال لها التهم ويوجه لها الهجوم الضارى تلو الهجوم ،والى حد ان تقف الوزارة كلها ضدها ،هل أخافتكم مريم إلى هذا الحد؟ إلى حد أنكم تتكتلون ضدها، وتشاركون فى تدمير مستقبل تلميذة مصرية بسيطة تشعر بالظلم، وبدلا من أن تبحثوا عن الخطأ فى النظام تضحون بفتاة مصر من أسرة بسيطة كل خطأها أنها شعرت بالظلم فأرادت أن ترفعه، حتى لو كانت مريم ليست من المتفوقين كما يقال فاعذروها وغيروا من أساليب القسوة والعنف والقهر فى التعليم المصرى، إنها مشروع إمرأة مصرية قد تشارك يوما فى عمل نافع للمجتمع فلا تدمروها اكثر مما فعلتم.

ماتزال القضية متداولة ولا أحد فى وزارة التربية والتعليم اكترث لأمر مريم وكأنها لا تهم أحداً، ولكن يا سيادة وزير التربية والتعليم ابحث فى قضية مريم التى تمر بحالة انهيار نفسى وصحى لأنها لو لم تكون متفوقة لما انهارت ولما اكترثت بالنتيجة، أن المشكله أننى أنا شخصياً لا أصدق الصفر ، ولا أصدق أن كراسات إجابة مريم ليس بها أى إجابة مهما فعلتم ومهما قلتم.

والحقيقة لابد أنها ستظهر يوماً ما لأن الرأى العام لن يترك مريم وحيدة ولا أنا سأترك قضيتها لأنها رمز لفشل نظام تعليمى لابد أن يتم إصلاحه، فلقد ثبت مؤخراً أن أكثر من ٨٣٦٣ تلميذاً يستحقون زيادة درجاتهم ممن قدموا تظلمات فى الثانوية العامة، فابحثوا بدقة عمن وراء صفر مريم وليس عن إثبات الصفر، وللحديث بقية